فلسطين الجديدة ومبدأ الدولتين والتعايش

TT

صحيح أن النظر لمسألة الفوز الكاسح لحماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية، ولحظات النظر اليه من داخل معطيات السياسة العربية، يمكن له، أي ذلك النظر، أن يعيش جدلية السؤال حول قدرة حماس على تجنب العزلة الدولية التي قد يفرضها عليها ميثاق ينادي بتدمير دولة اسرائيل، ولا أخفي أن ذلك من بين الاسئلة الطازجة التي لاحقتني مثلما لاحقت كثيرين غيري في الشرق والغرب.

مع مثل تلك الفرضية، يذهب تقديري إلى أننا لا بدّ أن نتذكر أن الدول العربية سبق لها أن تبنت بالإجماع، بما فيها فلسطين، في قمة جامعة الدول العربية في بيروت عام 2002 ، مبادرة دعت الى حل النزاع الاسرائيلي الفلسطيني بإنشاء دولتين، والالتزام بحل قضية القدس عن طريق المفاوضات. الدولتان تعني دولة فلسطين والاعتراف بدولة اسرائيل.

ومن هنا فمن المتوقع من الحكومة الجديدة في فلسطين الالتزام بهذا الموقف العربي الجماعي، لأن ذلك هو الرغبة الجماعية للعالم العربي. وقد وافقت الحكومة الفلسطينية آنذاك على إعلان بيروت، والتزمت السلطة الفلسطينية بحل الدولتين والمفاوضات. وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس رئيسا للوزراء آنذاك. ومن هنا أيضا فالتزام الحكومة الجديدة بقيادة حماس، والذي يثير قلق الجميع، سيتضح عندما تعلن التزامها علنا بإعلان بيروت. وهو أمر كاف. والأمر لا يحتاج اكثر من ذلك.

وصحيح أيضا أن هناك التساؤل القائم لجهة الآلية السياسية التي يمكن أن تتيح لحماس، أو قل تمكنها، من أن تعيد أو تتمسك بموقف السلطة الوطنية الفلسطينية من مبادرة بيروت. ويذهب تقديري هنا الى ان الاجابة على مثل ذلك التساؤل يمكن أن تتكئ على مبدأ «التعايش»، وهو التعبير السياسي الذي ابتدعه الفرنسيون خلال عهد الرئيس الفرنسي فرانسوا ميتران، حيث ينتمي الرئيس الى حزب، فيما تنتمي الأغلبية البرلمانية الى حزب آخر، وهو ذات المشهد الذي تكرر الآن في الساحة السياسية الفلسطينية، حيث ابو مازن هو الرئيس المنتخب للسلطة الفلسطينية وهو من تنظيم فتح ، فيما منحت الانتخابات التشريعية الفلسطينية الأخيرة حركة حماس الاغلبية البرلمانية بما سيمكنها من تشكيل الحكومة الجديدة أيا كانت صيغة التشكيل القادمة، علما بأننا وإذا حاولنا أن نعود للنموذج الفرنسي، نجد أن الرئيس، وليس رئيس الوزراء، هو الذي يتحمل مسؤولية الاتفاقيات الدولية والشؤون الخارجية، فلماذا لا يطبق الامر ذاته بالنسبة للسلطة الفلسطينية؟.

* الامين العام لجامعة الدول العربية، والمقال مأخوذ من حوار له مع «غلوبال فيو بوينت»

خاص بـ«الشرق الأوسط»