كفاية نفط!

TT

هناك أغنية أميركية قديمة تتحدث عن نوع من الجنون هو «جنون النفط»، وما يحدثه من ثراء مفاجئ أو فقر مباغت، يجعل حياة الناس تنقلب رأسا على عقب، وتقول كلمات الأغنية:

(زيت الكبد والقندس والحلو كلها كالبلسم للمريض، تجعله يقف على قدميه.

ومع ذلك ثمة زيت غريب عجيب يخرج من بئر، ويجعل الناس مجانين،ها كم الجار سميث، معدم فقير، لا يقدر على دفع «دايم»، كانت ثيابه شهيرة برقعها الكثيرة، لكنه في الوقت المناسب ابتسم له حظه.

فصار الآن يتغندر بشكله الأنيق وبالماس والأولاد والعصا،

وهو في نجاحه مدين للزيت).

لكن هذا النفط يواجه اليوم محاولة عالمية جادة للتحرر منه بسبب ارتفاع أسعاره، وما يسببه ذلك الارتفاع من تأثيرات سلبية على النمو الاقتصادي للدول المستهلكة، فالسويد تريد أن تكون أول دولة تتحرر كليا من الاعتماد على النفط في عام 2020، وتعمل على تطوير الطاقة المستمدة من الغابات، كما تسعى البرازيل إلى تحرير 80% من مركباتها من هيمنة النفط واستبداله بالإيثانول المستخرج من قصب السكر، ومثلها تسعى آيسلاندا إلى استخدام الهيدروجين المصنوع من الكهرباء، وقد أنفقت أميركا عشرة بلايين دولار خلال الخمس السنوات الماضية، لتطوير بدائل طاقة نظيفة ورخيصة، ويريد الرئيس بوش أن يعالج أميركا من إدمان النفط، ويدعو إلى الاستغناء عن 75 في المائة من نفط الشرق الأوسط المستورد خلال عشرين سنة.

تلك الحقائق وغيرها نسمعها كثيرا من المستهلك، بينما تبدو الدول المصدرة للبترول في الشرق الأوسط وكأنها تنام في العسل، فلم تستطع جل هذه الدول أن تستحدث، بكل الثروات التي تحققت موارد دخل بديلة، فاقتصاد تلك الدول لا يزال عالة بصورة كلية على النفط، ولا يزال بعض علمائها يلوكون تفاؤلا يخلو من العلمية، بأن كل الجهود التي تبذل للاستغناء عن نفط الشرق الأوسط في المستقبل ستبوء بالفشل، ويحلمون بأن استهلاك العالم من النفط سيرتفع أكثر وأكثر.. وليت هؤلاء يتخلون عن تفاؤلهم المفرط قليلا، ويفكرون ولو من باب التصور، لحدوث الذي لا يحدث في هول الكارثة، إن ظللنا نرهن مستقبلنا ومصائر أجيالنا على تلك السلعة القابلة للنضوب وتقلب الأحوال.. فمن المهم أن نكون السباقين إلى التحرر من الاعتماد الكلي على النفط، قبل أن يتحرر العالم من الحاجة إليه.. فهل نفعل؟!

[email protected]