غرفة الانتظار

TT

ستمر مدة لن تقل عن عدة اشهر تكون بمثابة فترة اختبار للحكومة الفلسطينية، التي ستشكلها حركة حماس، قبل اتخاذ مواقف من قبل اللاعبين الرئيسيين المعنيين بعملية السلام والوضع الفلسطيني دوليا واقليميا.

فالمشهد الحالي هو اقرب لغرفة انتظار، بانتظار اتضاح المواقف، بينما تقوم الاطراف، بما فيها حماس بإطلاق تصريحات جس النبض والنوايا، حتى لو تعين اطلاق تصريح لتوصيل رسالة معينة دوليا، ونفيه في نفس الوقت محليا، او الحديث عن بدائل دعم وتمويل يعرف الجميع انها غير واقعية.

وفي كل التصريحات التي اطلقها قادة حماس حتى الان، فانهم تجنبوا الاجابة بشكل واضح على الاسئلة المحرجة، مثل الالتزام بالاتفاقات السابقة، او الاعتراف باسرائيل وبحل الدولتين، بينما تركوا الباب مواربا لحدوث ذلك بشروط معينة. من جانبها فان الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي، وهما ابرز الممولين الدوليين من خارج المنطقة للفلسطينيين، فضلا الحل الوسط بالعودة الى الاسلوب الاول، بتقديم المساعدات الى ديوان الرئيس الفلسطيني وليس حكومة حماس، لكن السؤال هو ماذا لو نفذ ابو مازن تهديده واستقال؟

البديل الذي تلوح به قيادة حماس، اذا تعنت المجتمع الدولي معها، هو ايران، وهو كلام يمكن ان يؤخذ على انه استفزاز او تخويف اكثر منه طرحا واقعيا، لعدة اسباب، اولها التكلفة السياسية العالية لهذا البديل، وثانيا لان الحصول على اكثر من مليار دولار مساعدات سنوية من طهران مسألة ليست سهلة، فضلا عن ان ايران لها حساباتها ومعاركها الدولية والاقليمية، التي تستخدم فيها علاقاتها ببعض التيارات او الحركات كأوراق في لعبة الامم.

والتفكير المنطقي يقود للاعتقاد بان كل الجالسين في غرفة الانتظار يراهنون على ان حماس التي لا يجادل احد في انها جاءت الى السلطة عبر صناديق الاقتراع واختيار شفاف حر من قبل الفلسطينيين، ستكتشف عاجلا أم آجلا ان المعارضة اسهل من الحكم، حتى لو كانت المعارضة مسلحة، لان ادارة حياة الناس فيها مسؤولية اكبر من اطلاق الرصاص او القيام بتفجير هنا او هناك.

والرهان على التغيير يسنده ان قبول حركة حماس بخوض الانتخابات هو تغيير اساسي في الموقف، لانه يعني القبول بقواعد اللعبة السياسية، التي افرزتها مسيرة المفاوضات التي قادتها منظمة التحرير الفلسطينية، وفتح بالتحديد، بما في ذلك اوسلو، وقادت الى الشكل والترتيبات الحالية للسلطة الفلسطينية.

وما نشهده حاليا من تصريحات ومناورات سياسية، هو اشبه بالوضع الذي سبق اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية باسرائيل عام 1993، وقاد الى الاتفاقات التالية، بما في ذلك انتقال عرفات الى الاراضي الفلسطينية وتأسيس السلطة.

لكن الفارق هو ان حماس لا تملك الوقت الذي استغرقته المنظمة للوصول الى ما تحقق بعد 1993، والذي كان عدة سنوات، فلا الفلسطينيون ولا المنطقة يملكون ترف الانتظار لسنوات عديدة اخرى، كما ان هناك مشوارا طويلا تم قطعه، وبذلت فيه جهود كبيرة، والسماح بإضاعة الوقت للعودة الى نقطة البداية من جديد لن ينظر اليه سوى على انه عبث لا معنى له.