تمويل الإرهاب

TT

في كل مرة يتم فيها القبض على مجموعة إرهابية في أية عاصمة عربية، نجد أن لدى هذه المجموعة كميات كبيرة من الأموال، وهو أمر يستدعي طرح سؤال مصادر تمويل الإرهاب، وضرورة إغلاق الصنابير المفتوحة التي يستفيد منها الإرهاب. أول خطوة ضرورية، هي الإشراف الرسمي وعبر الجهات المحاسبية المعتمدة في كل بلد على جمع الأموال التي تقوم بها جمعيات ترفع شعار العمل الخيري، ومع تقديرنا لأغلبية هذه الجمعيات، إلا أن الوضع لا يحتمل أن تشذ واحدة منها ويتم اختراقها من قبل الإرهابيين، كما أنه ليس هناك ما يضير هذه الجمعيات من الإشراف الرسمي على أموالها، ما دامت جمعيات خيرية وليست سياسية، والذين يخافون من الإشراف الرسمي يثيرون لدينا الشك بمصداقيتهم.

العمل الخيري في الدول العربية يجب أن يراقب وبشكل واضح. ويجب توحيد الجهود في كل بلد، بحيث تكون القاعدة الأولى والأساسية هي، الأقربون أولى بالمعروف، فهناك ملايين يتم إرسالها إلى دول بعيدة، في وقت يعيش بيننا من هم بحاجة إلى هذه الأموال، خاصة الأسر المتعففة.

كلنا يتذكر في فترة ما يسمى بـ«الجهاد الأفغاني» ملايين الدولارات التي ذهبت، خاصة من دول مجلس التعاون الخليجي، إلى جهات محددة، ترتبط بعلاقات حزبية مع بعض الجماعات الخليجية، بل إن بعض هذه الجهات الأفغانية كانت مشبوهة ومرتبطة بجماعات إرهاب دولي، وأذكر ما صرح به احد السفراء الخليجيين في باكستان في تلك المرحلة، حين وصل إليه وفد من جمعية خيرية خليجية، وهم يحملون مليوني دولار في «شنط» كبيرة لإحدى الجماعات الأفغانية، التي كان يرأسها أحد المتهمين بتهريب المخدرات.

هناك عمليات تجنيد للمرتزقة في العراق تقوم بها جماعات إرهابية تكفيرية، واعتراف عدد من الذين اعتقلوا بأنهم نقلوا أسلحة وأرسلوا سيارات مفخخة مقابل آلاف الدولارات، هو سبب آخر يدعونا إلى ضبط الأموال الخيرية والتأكد من أنها لا تتسرب للإرهاب والتخريب.

هناك سبب أخلاقي لضرورة مراقبة الدولة لجمع الأموال، وهو أن كثيرا من الناس يتبرع لهذه الجمعيات الخيرية بهدف إنساني وأخلاقي، فلا يجوز أن تقوم بعض هذه الجهات باستغلال طيبة الناس وحبها للخير لأهداف سياسية.

فوضى جمع الأموال تحتاج إلى معالجة حقيقية ورقابة حقيقية.