ماء النيل والصلاة في المسجد الأقصى؟!

TT

الأرض يسميها رواد الفضاء الكوكب الأزرق. لأن هذا لون البحار والمحيطات التي تغطي 70% من سطح الأرض. وسكان الأرض ستة آلاف مليون يستخدمون واحدا على الألف من هذه المياه. و97% من هذه المياه مالحة!

هذه الأرض سوف تموت عطشا.

والذين يرون موت الأرض يقولون: إما أن تقترب الأرض من الشمس فتجف المياه وأما أن تبعد عن الشمس فتتجمد المياه. وفي الحالتين تموت. وقبل ستين مليون سنة عندما سقط أحد النيازك على الأرض جفت المياه واحترقت المزارع وهلك الديناصور الذي تسلطن على حيوانات الأرض ستين مليون سنة..

وإذا جاءت حروب بعد ذلك فأكثرها شراسة هي حرب المياه، أو الحرب على كوب ماء.. ونستطيع أن نرى صورة مصغرة لها بين لبنان وإسرائيل وفلسطين والأردن، والمعارك الصامتة، وغدا المدوية، على مياه انهار الحاصباني والوزاني والأردن. وهذه الدول تعيش أيضا على تحلية مياه البحر ـ أي إنها تشرب من البحر. وكذلك كل دول الخليج.

ويوم أقامت تركيا سدودا على منابع دجلة والفرات صرخ العراق وسوريا. فمن تركيا ينبع هذان النهران. ومثل هذه السدود والبحيرات عند المنابع تؤدي إلى نقص المياه في العراق وسوريا، أو تخلق خوفا وهلعا.. ونحن في مصر نفزع من الشائعات التي تقول: إن إسرائيل تبني سدودا في إثيوبيا. وهذه السدود تهدد بنقص مواردنا من المياه، واكثر الماء يجيء إلينا من إثيوبيا. وفي السودان توجد مستنقعات هائلة تتعرض لأشعة الشمس التي تبخرها. ولذلك قمنا بشق قناة جونجلي لكي تصب فيها المستنقعات وتتفادى التبخر الهائل لها.

واذكر أننا كنا في بيت وزير خارجية إسرائيل، وبعد العشاء اقترحوا: ولماذا لا نلعب لعبة الأمم.. ولعبة الأمم معناها أن نجلس جميعا إلى مائدة مستديرة ونقترح موضوعا نبحثه معا.. بشرط أن يتولى كل منا عرض وجهة نظر دولة من الدول. واقترحت أنا أن يكون موضوعنا (المياه في الشرق الأوسط) أو حرب المياه المنتظرة غدا أو بعد غد.

واختلفنا ولكن شعورنا بخطورة الموقف هو الذي جمع بيننا.. ويوم طلب مني الرئيس السادات أن اكتب خبرا، يراه هو (بالون اختبار) قال لي: انشر أن السادات يريد أن تصل مياه النيل إلى القدس وان يتوضأ منها الفلسطينيون ويصلوا في المسجد الأقصى.. وقال: أنا اعرف أننا لا نستطيع لأن اتفاقيات المياه بين دول أعالي النيل تمنع ذلك. ولكن أريد أن اعرف رد الفعل!

ونشرت الخبر. وكان رد الفعل عنيفا. وكان من رأي السادات أيضا أن دول أعالي النيل سوف توافق إذا تلقت معونات مالية واقتصادية، وإذا اشتدت أزمة المياه في الشرق الأوسط!