السعودية.. خطر التلوث..!

TT

السعودية التي قضيت فيها اياما، تمارس صمتا رهيبا عن كارثة قادمة، هي كارثة التلوث، والمجتمع السعودي وصحافته وناشطوه يتعاملون مع هذه الكارثة وكأنها من المحرمات التي لا يجوز الحديث عنها.

على الطرق السريعة الكثيرة، التي تمتد عبر هذه القارة، تشاهد معالم كارثة قادمة لا محالة، فمحارق النفايات تنتشر بشكل عشوائي وقريب من مناطق السكن، وهناك عمليات ردم كبيرة للمخلفات التي يتم تجميعها ودفنها بطرق بدائية، وربما لا يدري من يقوم بدفنها ماذا سيحدث بعد سنوات من تفاعل هذه المواد الكيماوية المدفونة، وأية غازات خطيرة ستنبعث منها. وعدد من هذه المواقع او مقابر النفايات تحول الى حدائق عامة كبيرة يلعب فوقها الأطفال من دون ان يعلموا بخطورة المكان وحجم التلوث، خاصة أنني شاهدت كيف ان الأمطار هدمت اجزاء من الرمال وعندما اقتربت منها شاهدت حجم المأساة.

هناك اختلاط بين مناطق سكنية مكتظة بالسكان ومصانع بدائية التجهيز، هدفها الربح السريع بأية طريقة، ولذلك تفتقر للحد الأدنى من شروط حماية البيئة. فالمداخن تنفث أدخنة متعددة الألوان بين بيوت الناس، والمخلفات السائلة الملوثة تلقى في مناطق قريبة من المساكن.

في بعض ايام الأسبوع يشاهد من لديه عين تخاف من التلوث ان بعض المدن السعودية تغطيها سحابة سوداء تدل على حجم المشكلة وخطورتها.

المجتمع السعودي متفاعل مع الأحداث، والصحافة تنشر الكثير من الآراء التي تغرد خارج النص الرسمي بحرية، وحتى التلفزيون السعودي، وخاصة المحطة الاخبارية، اصبح يناقش ما كان يعتبر من المحرمات قبل فترة وجيزة، لكن الغائب الأكبر في هذا الحوار هو الخطر الأكبر وهو التلوث، فهذه الآفة تستهدف الجميع ولا علاقة لها بالليبراليين او الصحويين، وهي لا تصيب الفقير وتترك الغني، والتلوث في السعودية غول كبير يحطم كل ما يمر عليه، في ظل صمت من الصعب تفسيره.

عدت من السعودية خائفا، مشفقا، حزينا على صمت مثقفيها وإعلامها من التلوث، وأحاول ان اصرخ عسى ان يسمعني احد.