مجالس الأندية الأدبية بين التعيين والانتخاب

TT

يفترض أن تمثل وزارات الثقافة في كل مجتمعات الدنيا طلائع التحديث والتطوير والتوجيه في مجتمعاتها، وهذه الأدوار الريادية تشكل الحلم الذي تطلع المثقفون السعوديون الى أن تلعبه وزارة الثقافة في بلادهم ولا يزالون، خاصة في هذه المرحلة التي تشهد فيها البلاد إصلاحات جادة مخلصة في شتى المجالات، أثمرت عن انتخابات المجالس البلدية ووصول المرأة إلى مجالس إدارات بعض الغرف التجارية الصناعية.. وكنت أتمنى أن تكون وزارة الثقافة السباقة إلى مثل هذه المنجزات في أنديتها الأدبية وفروع جمعيتها الثقافية، لا سيما أن للأندية الأدبية تجاربها الانتخابية الناجحة في تشكيل بعض مجالس إدارتها منذ زمن مبكر.

لكن الوزارة فاجأت الجميع بتحديد أعضاء مجلس إدارة النادي الأدبي في الرياض وفق مبدأ التعيين، وأن هذا التوجه سوف يطبق على بقية الأندية الأدبية المنتشرة في عدد مناطق ومحافظات السعودية، الأمر الذي دفع بناقد كبير مثل الدكتور عبد الله الغذامي أن يعلن في إحدى الاحتفاليات الثقافية مقاطعته للأندية الأدبية التي يتم اختيار أعضاء مجالس إدارتها بالتعيين، وكنت أتمنى أن لا تصل ردة فعل الصديق الغذامي إلى قرار المقاطعة في الوقت الذي كان من حقه أن يبدأ «حوار الثقافة» حول هذا القرار الذي اتفق معه بأنه يتعارض مع طبيعة الثقافة وسيكولوجية المثقفين، إذ كان من الأولى الإبقاء على مجالس إدارات الأندية الحالية، والتمهيد لانتخابات مجالسها الإدارية بتشكيل جمعياتها العمومية من مجموع المثقفين وفق ضوابط محددة، وأن يترك لهؤلاء المثقفين اختيار مجالس إدارات أنديتهم أسوة بمجتمع التجار ومجتمع الصحافيين وغيرهم.

ولعله من المقبول أيضا لو أن الوزارة حددت فترة زمنية لمدة عام لهذه المجالس المعينة ريثما تتمكن من تحديد جمعياتها العمومية من المثقفين في كل منطقة تمهيدا لعودة العمل بنظام الانتخابات في تشكيل مجالس إدارات الأندية، وبالتالي تحميل المثقفين مسؤولية قرارهم الثقافي، فالحضور الرسمي في الشأن الثقافي ـ استنادا إلى تجارب متقدمة ـ لا يمكن أن يشكل سوى مظلة دعم ومساندة، بينما يحتفظ المثقفون أنفسهم بدفة قيادة الحركة الثقافية وتحديد بوصلة توجهاتها في إطار من الثوابت الوطنية.

أكتب هذا المقال وأنا أعي أن الاختلاف مع وزارة الثقافة اختلاف في ساحة ينبغي أن تتسم بالحرية والصدق ونبل الغاية، فمن تباين الأفكار قد ينبثق الصواب.

[email protected]