جولات مفاجئة ولكن معلنة.. كيف؟!

TT

مدير فرع الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان بمنطقة مكة المكرمة يصرح لإحدى الصحف المحلية بتاريخ 22/3/2006 بأن أوضاع غرف التوقيف بإدارات المرور ستخضع لجولات مفاجئة من قبل الجمعية للإطلاع على أوضاع الموقوفين على الطبيعة.

حينما تقرأ هذا الخبر تستفزك كلمة «مفاجئة»، فكيف تكون مفاجئة وهي معلنة في الصحيفة؟!.. والحديث عن أوضاع غرف التوقيف في مرور جدة وافتقارها إلى أبسط الضرورات الإنسانية كان على مدى الأسابيع الثلاثة الماضية حديث الصحف ومجتمع المدينة، وكنت ممن كتب حول هذه الإشكالية، لكن مدير المرور فاجأني برسالة على بريدي الإلكتروني تحمل صورا لبعض غرف التوقيف تظهر أسرٌة ومراتب وسجاد أرضي رغم تأكيد بعض الموقوفين على أنهم لم يروا شيئا من ذلك أثناء توقيفهم، أي أن هذه التجهيزات قد حدثت بعد أن ضج الناس بتلك الأوضاع المزرية التي عاشوها في توقيف مرور جدة.. ويكفينا من إدارة المرور أنها استدركت تلك الممارسات الخاطئة وعملت على تعديلها رغم إصرارها على أن تلك التجهيزات موجودة منذ فترة، ولن نشغل بالنا على كل حال بجدلية البيضة أم الدجاجة أيهما الأسبق، فما يهمنا ويهم مرور جدة تحقيق السلامة دون انتهاكات لحقوق الموقوفين على ذمة هذه القضايا المرورية، بحيث لا تخرج تلك الغرف أشخاصا يطفحون كراهية وغبنا.

لكنني أعتب هنا على فرع الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان بمكة المكرمة إذ ما كان له أن ينتظر كل هذه المدة الطويلة كي يتحرك، بل ويعلن مسبقا عن تحركه، فمثل هذا الإعلان المسبق يفقد هذه الجولات قيمتها وأهميتها وجدواها، فالكثير من الأوضاع لا يمكن أن تظل على حالها في انتظار تلك الجولات المرتقبة.. لذا فإن العتب يتصل ببطء حركة الجمعية رغم أنها تحظى بقدر كبير من الدعم والتفهم من قبل المسؤولين في الحكومة، وفي مقدمتهم مسؤولي وزارة الداخلية الذين استقبلوا تقارير الجمعية السابقة عن السجون في السعودية بقدر كبير من التفاعل الإيجابي.. وكل ما نتمناه من فرع الجمعية أن لا تأتي تحركاته كردود فعل إذ ينبغي أن تكون له مبادراته التي تتسق مع غايات الجمعية وأهدافها وما توفر لها من صلاحيات، وإن كنت لا أقلل من الدور الجميل الذي تلعبه الجمعية منذ نشوئها خاصة في مجالات العنف الأسرى، ومواقفها الإيجابية من بعض قضايا المرأة والطفولة، فمن الإنصاف القول أن لمنجزها في دواخلنا رغم حداثة عهدها الكثير من التقدير والعرفان.

[email protected]