هلا جربتم عيداً بلا أم

TT

مر يوم الأم العالمي سريعاً على البعض، وبطيئاً على البعض الآخر. سريعاً على كل طفل وشاب وجد حضناً دافئاً وابتسامة صافية تستقبله على وجه أمه، وبطيئاً على كل الأيتام الذين فضل القائمون عليهم بدور الرعاية عدم تنبيههم لهذا اليوم من الاساس.

تقول وفاء فارسي، المساعدة الادارية في الدار الإيوائية في الجمعية الفيصلية في جدة «أشهر الأسئلة التي تتردد على شفاه الأيتام «أين امي» أو «هل يعقل أننا جميعاً في الدار بلا أمهات؟» فضلاً عن الكثير من الاسئلة الحائرة التي يمكن أن تلاحظها وتحسها في أعينهم وحركاتهم. ونحرص نحن في الدار على عدم استثارة هذا السؤال في قلوبهم وعقولهم ودمجهم بالمجتمع في المناسبات الخاصة والعامة».

فارسي تشير الى أن كثيرا من الأسر تقوم بدور رائع وفعال في استضافتهم للايتام في بيوتهم على فترات متقطعة او في مناسبات مثل شهر رمضان والاعياد. «الايتام بحاجة ماسة في مجتمعنا للعطاء والحنان والاهتمام لتعويضهم فقدان الأم. وعادة ما يعودون من مثل هذه الزيارات منتشين وفرحين لاحساسهم بالأجواء الأسرية التي عاشوها. فدمجهم بالمجتمع الخارجي أكثر ما يسعدهم».

ولكن ماذا عن المعوقات التي تقابل أبناءنا الأيتام؟ تقول فارسي «نظرة المجتمع» لا بد أن تتغير تجاههم في مناحي الحياة المختلفة. فللأسف الكثير ينظرون لهم في النهاية على أنهم «أبناء دار» فيجدون صعوبة عندما يخرجون للعالم الحقيقي ويبحثون عن مكان فيه لانفسهم. يجدون صعوبة في الزواج، وفي حضور المناسبات العامة، بل وحتى في تسجيلهم في المدارس. فينظر لهم على أنهم أكثر شقاوة من أقرانهم. وعند ارتكاب أول هفوة يعاقبون بشكل مختلف وأقسى مما لو كان فتاة او فتى آخر من اقترف ذات الذنب. يجب تغيير النظرة لهم على أنهم أفراد غير اسوياء».

اللافت في حديث فارسي أن الايتام الذين يعيشون في الدار لا يحظون باهتمام الاسر السعودية فقط، والتي تصف ما قدموه فارسي بالكثير، ولكن ايضاً تشهد مشاركة سيدات أميركيات مسلمات يزرن الاطفال في الأعياد ويسألونهم عن ما يتمنون حقاً أن تكون هديتهم في العيد، ولا يترددن في احضارها مهما بلغ ثمنها، ولا يغيرن الطلب على الاطلاق. اضافة الى بعض الجاليات العربية والآسيوية.

اليتم حالة انسانية جميعنا معرض لها بلا استثناء. وهو قدر لا يمكن الفرار منه، ولكن أن يتحول هذا اليتم لسبب ادانة فهذا غير مقبول. الايتام مثلنا تماماً، إن لم يكونوا أكثر رهافة في مشاعرهم. يستحقون فرص حياة متساوية مع أقرانهم من الفتيات والفتيان.

ويستحقون البحث عن حياة كريمة تليق بهم. ويستحقون منا نظرة احترام كسائر البشر. اليتم ليس خطأ تم اقترافه من قبلهم حتى يعاقبوا بسببه. افتحوا بيوتكم وقلوبكم وابواب الحياة لهم. يكفيهم الأبواب الموصدة في وجه ذاكرتهم التي عاشوها خالية من أب وأم.

[email protected]