أميركا والهجرة: سيناريو الشفقة المؤذية

TT

رحبت الولايات المتحدة في عام 1951 بلاجئ قادم من أوروبا الشرقية، على الرغم من أنه لم يكن قادرا على التحدث بأي لغة إنجليزية. وكان أول عمل له في الولايات المتحدة هو في مركز لقطع الأشجار بأوريغون، وأنا أفترض أن ذلك العمل لو لم يذهب لوالدي لذهب الى أميركي آخر.

هذا هو جوهر المشكلة: إنه لموقف منافق من جانبنا إذا أغلقنا الأبواب وراءنا، في وقت ستكون فيه هناك مشكلة حقيقية على الأميركيين الأكثر فقرا بسبب الهجرة.

كنت أفضّل برنامجا يسمح للعمال الزائرين أن يأتوا كي يعملوا لأن ذلك جيد لهم ولأميركا من خلال توفير عمل بأجور متدنية مثلما كان جيدا بالنسبة لأميركا على النحو الذي قبلت به أسلافنا. والمهاجرون اللاشرعيون هم أناس يشتغلون بدأب كبير، وبفضلهم يبقى الاقتصاد حيويا، لذلك فإنهم يستحقون احتراما أكثر من مقت ناجم عن الخوف المرضي من الأجانب، وخوف آخر من حياة مهمشة.

لكنني غيرت وجهة نظري هذه فيما يخص برنامج العمال الزوار، بسبب تنامي الأدلة التي تشير إلى أن الهجرة ذات الأجور المتدنية تؤذي فقراءنا الأميركيين. فحسب دراسة متأنية حول هذا الموضوع، قام بها جورج بورجاس ولورنس كاتز، اتضح أن ارتفاع معدل الهجرة خلال الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، قد أدى إلى تخفيض الأجور للعمال الأميركيين الذين تركوا المدارس الثانوية بمعدل 8.2%.

وأكدت دراسة أخرى قام بها بين ستيفن كاماروتا، من مركز دراسات الهجرة، نفس النتائج، إذ وجد أنه بين عامي 2000 و2005، ازداد عدد العمال المهاجرين الذين يحملون شهادة الثانوية بمعدل 1.5 مليون شخص، بينما انخفض تشغيل أولئك الذين حصلوا على نفس الدراسة ما بين السكان الأصليين بمقدار 3.2 مليون شخص.

هناك دائما من يقول إن المهاجرين يأخذون أشغالا لا يحب الأميركيون أن يقوموا بها. لكن إذا نظرتم إلى احصائيات التوظيف، ستجدون أنه حتى بين الخادمات والعمال الزراعيين، هناك 4 من كل 10 أشخاص ينتمون إلى المهاجرين.

المشكلة الأوسع هي أن برنامج الهجرة مبني على أساس جلب عمال يقبلون بأجور متدنية، لا على جلب العقول المتميزة. فليس هناك سوى 16% ممن قبلوا للحصول على إقامة دائمة، سبق لهم أن حصلوا على تأهيل للعمل، بينما الأغلبية قد قدمت طلبات على أساس الأواصر العائلية.

وأذكر في هذا السياق، أنني حين عشت في الصين، كان الدبلوماسيون الأميركيون يشتكون من أنه حسب القانون، كان عليهم أن يرفضوا إعطاء تأشيرات دخول لفيزيائيين لامعين، بينما تذهب تأشيرات الهجرة إلى أولئك الذين تركوا الدراسة الثانوية والذين لهم أقارب في شيكاغو.

إذن لننه حالة المهاجرين اللاشرعيين ، بدلا من تركهم إلى الأبد في الظل. لكن بدلا من جلب عمال زوار جدد، دعونا نمارس كرمنا بمنح تأشيرات الهجرة للعلماء من البيولوجيين ومبرمجي الكومبيوتر.

* خدمة «نيويورك تايمز»