لبنان: الجلسة التشريعية اليوم إلى تأجيل.. ومراوحة في مساعي تشكيل الحكومة

TT

بيروت: نذير رضا
يتكرر سيناريو مقاطعة الجلسة البرلمانية التي دعا إليها رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، اليوم، على خلفية قانونية يتمسك بها فريق قوى 14 آذار، تقول إن الدستور لا يسمح بالتشريع بغياب حكومة جديدة، فيما يعزف فريق النائب ميشال عون عن المشاركة في الجلسة، على خلفية معارضته التمديد لقائد الجيش اللبناني، وهو بند أدرج على جدول أعمال الجلسة، وسط مراوحة مساعي تشكيل الحكومة مكانها، مع رفض بعض قوى 14 آذار تمثيل حزب الله في الحكومة على ضوء مشاركته في القتال بسوريا.

والتقى موقف تيار المستقبل، أكبر تشكيلات قوى 14 آذار، وموقف حزب القوات اللبنانية، أمس، على مبدأ العزوف عن المشاركة في جلسة تشريعية للبرلمان تُعقد اليوم، كان دعا إليها الرئيس بري، بعدما تأجل موعد عقد الجلسة الأسبوع الماضي بسبب إحجام قوى 14 آذار عن المشاركة. وقال عضو كتلة المستقبل النائب جمال الجراح إن الجلسة العامة لمجلس النواب غدا هي في حكم الملغاة، مشيرا إلى أن «الدستور لا يسمح بالتشريع بغياب الحكومة»، لافتا إلى أن «الحل هو بيد رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس مجلس النواب نبيه بري».

واقترح مسؤولون في قوى 14 آذار أن يوقع رئيس الجمهورية مرسوما لدورة استثنائية محصور جدول أعمالها بمشروع قانون رفع سن التقاعد للقادة الأمنيين، بموازاة إصرارها على أن عقد جلسة عامة في غياب الحكومة هو إجراء غير قانوني، على الرغم من أن الرئيس بري أوضح أن البرلمان سيد نفسه، ويحق له التشريع في غياب حكومة.

وبينما يشارك نواب جبهة النضال الوطني التي يترأسها النائب وليد جنبلاط، في الجلسة اليوم، يقاطع التيار الوطني الحر الجلسة، لرفضه تمديد خدمات قائد الجيش العماد جان قهوجي. وأعلن النائب نبيل نقولا أن «موضوع التمديد في حال أقر يكون ضربة للجيش اللبناني ولمعنوياته». وأكد، في حديث لقناة «الجديد»: «إننا لا نقبل المس بحقوق الضباط.. والتمديد للقادة الأمنيين مجحف بحقهم».

وتمتد الانقسامات اللبنانية إلى تشكيل الحكومة التي تراوح مكانها، مع عودة الجدل إلى النقاش المتعلق بمشاركة حزب الله في الحكومة من عدمها.

والى جانب تمسك الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة تمام سلام بمبدأ عدم توزير حزبيين في حكومته، تقترح قوى 14 آذار أن يشمل القرار أطراف هذه القوى. وقال عضو كتلة المستقبل النائب عمار حوري، لـ«الشرق الأوسط»، إن هذا الموقف «اتخذناه في البداية، وما زلنا نصر عليه، وهو أن يكون الحل تشكيل حكومة بلا حزبيين من 8 أو 14 آذار».

وأعلن حوري «إننا نرفض أن يشارك حزب الله في قرارات الحكومة اللبنانية، وهو المتورط في القتال بالقصير بسوريا، ويملك جيشه الخاص ودويلته الخاصة»، مشددا على «اننا لا نعزل أحدا من الأطراف اللبنانيين، ولن نكون شهود زور داخل الحكومة». وأضاف «هناك انقسام عمودي في البلد حول سلاح حزب الله والتورط في سوريا، فلنترك هذه القضية لتحل في جلسات الحوار الوطني، ونشكل حكومة خالية من الحزبيين».

وتتخوف بعض أطراف قوى 14 آذار من أن تتعرض الحكومة اللبنانية لمقاطعة من دول عربية ومن المجتمع الدولي، إذا كان حزب الله أحد شركائها، في وقت يشارك فيه في القتال إلى جانب النظام السوري ضد المعارضة في سوريا.

لكن حزب الله أكد إصراره على «حقه في التمثيل الذي كفله الدستور اللبناني». وقال رئيس كتلته في البرلمان النائب محمد رعد إن «حزب الله لم يضع أي شروط عندما تم تكليف الرئيس تمام سلام بتشكيل الحكومة، بل سماه ومنحه ثقته»، مشيرا إلى أن «ما نطالب به هو حق من حقوقنا، وهو أن يكون حجمنا في الحكومة وفق حجمنا في التمثيل النيابي». وإذ رفض شروط تمثيل الحزب، جدد المطالبة بأن تكون الحكومة الجديدة «متوازنة تعبِّر عن تطلعات اللبنانيين وحجم الفئات اللبنانية المتمثلة في المجلس النيابي».

وانتقد رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط الطرفين اللذين تعرقل شروطهما تشكيل الحكومة، إذ اعتبر أن «الحاجة لتأليف حكومة جديدة تتطلب الإقلاع عن نظريات الأحجام وسياسات العزل». وسأل جنبلاط «ألا نستطيع كلبنانيين أن نتنازل بعض الشيء لتأليف حكومة مصلحة وطنية تراعي الشؤون البديهية والمعيشية للمواطنين بعيدا عن المزايدات ونظرية العزل المعطل والثلث المعطل؟». ولفت إلى أن «كل التجارب السابقة أثبتت أن مفهوم عزل أي طرف في الداخل غير مجد وغير قابل للتحقق، كما أن نظرية الثلث المعطل التي ابتدعت في حقبة النقاش المحتدم حول المحكمة الدولية لم يعد لها أي معنى كذلك».

وانضم موقف حزب الكتائب إلى المواقف المعارضة لعزل أي فريق من الحكومة في هذه الظروف، في إشارة إلى حزب الله، إذ دعا حزب «الكتائب»، خلال اجتماعه الدوري برئاسة الرئيس أمين الجميل، إلى «كسر دائرة التأزيم السياسي والخروج من دائرة المراوحة السياسية التي تضرب السلطتين التشريعية والتنفيذية وتجعلهما مقعدتين عن الإنتاج، وتحرير تأليف الحكومة من امتدادات الأحداث في سوريا والمنطقة، والإقرار بأن الوضع الراهن لا يحتمل لا حكومة من لون واحد، ولا حكومة عادية»، داعيا إلى «البناء على ما تقدم لإنتاج حكومة استثنائية قادرة تراعي في تكوينها الحضور السياسي لكل المكونات لمواجهة الظرف الاستثنائي الذي تمر به البلاد والمنطقة».