إسبانيا لن تضحي بتاريخها وتتواطأ لإقصاء إيطاليا

TT

لعب منتخب إيطاليا شوطا أول رائعا أمام كرواتيا ثم تاه في الشوط الثاني. وجاء التعادل ليعاقب إيطاليا أولا على إهدار الفرص وثانيا على التعامل مع المباراة في الشوط الثاني. وينظر أصحاب النظرة السطحية والبسيطة، وهم أولئك الذين ما زالوا يعتقدون أن كرة القدم رياضة فردية، إلى كيلليني وتغييرات المدرب باعتبارها سبب هذا التعادل غير المرضي. ولا يفكر هؤلاء في أن إمكانية الفوز والأداء الجيد للأفراد تأتي عن طريق الأداء الجماعي وتكامل العديد من العناصر. ويظن هؤلاء أنهم يستطيعون حل الأمر وتفسيره بعنصر واحد رغم أن المسألة بها عدة عناصر.

وقد ترك لاعبو إيطاليا، الذين أدوا الشوط الأول بتسيد كامل للمباراة ومبادرة هجومية جيدة، زمام الأداء في الشوط الثاني للاعبي كرواتيا. والسؤال المهم هو لماذا لم ينجح اللاعبون في تكرار ما فعلوه في الشوط الأول؟ قد تكون هناك أسباب متعددة لذلك تتمثل في الإرهاق والعقلية والمنافس. لقد أنهى لاعبو الآزوري الشوط الأول بشكل جيد للغاية، بينما غلب عليهم الحذر والتعب والسلبية بعد الاستراحة. ويصعب بالتالي التفكير في شعور مفاجئ بالإرهاق. وكان المنافس قويا دون شك وتفوق في الجانب البدني وأظهر براعة كبيرة في التعويض، لكن منتخب إيطاليا نجح في احتوائه طوال الشوط الأول. ولهذا أعتقد أن العقلية هي السبب الرئيسي في سوء أداء إيطاليا في الشوط الثاني.

وكان فريق إيطاليا المتميز دفاعيا في الشوط الأول يحافظ على تقارب خطوطه ونزعته الهجومية، وكان ظهيرا الجنب يميلان للتقدم والضغط على المنافس ولاعبو الوسط ينطلقان دائما للمعاونة الهجومية ولاعبو الدفاع يتقدمون على الفور بمجرد امتلاك الكرة. وكان الفريق الإيطالي في الشق الهجومي يتميز بامتلاك جيد للكرة وسلاسة في الهجمات بفضل وجود المهاجمين بالقرب من الكرة ونجاحهم في خلق العمق الهجومي. وكان العيب الوحيد هو قلة الفاعلية في إنهاء الهجمات. لكن هذا الفريق اختفى تماما في الشوط الثاني لينزل بدلا منه فريق يشعر بالخوف ولا يطبق أيا من تعليمات المدرب. وعادت في هذا الشوط إيطاليا المعتادة التي تركت الملعب والأداء لفريق كرواتيا. وكان لاعبو إيطاليا يتراجعون باستمرار ولم يكن الدفاع يتقدم مثلما حدث في الشوط الأول؛ وكان الكثير من اللاعبين متراجعين بشدة للخلف وهو ما أضاع السيطرة على وسط الملعب وإمكانية خلق الفرص. وهكذا نجح لاعبو كرواتيا، رغم أدائهم المشوش بعض الشيء، في استغلال الحرية التي منحهم إياها لاعبو إيطاليا وأحرزوا هدف التعادل.

لقد منح برانديللي في وقت قصير الوعي والأداء الراقي لمنتخب إيطاليا. وتعلم اللاعبون منه الكثير لكن من الصعب أن يتخلى المرء عن عاداته المميزة. فإيطاليا عند التقدم تتراجع وتدافع. ولا ينبغي على برانديللي أن ييأس. فأفكاره وطريقته رائعة وهو يسير على الطريق الصحيح. إن آخر شيء تتعلمه الفرق هو عقلية الفوز، التي تعتبر ثمرة لتصميم الفريق وقدراته ووعيه. وعندما سيدرك لاعبونا أن الأداء الجيد واللعب دون خوف هو أفضل وسيلة لمواجهة المنافس ولزيادة قدراتهم واحتمالات الفوز سيكون ذلك هو اليوم الذي يصل فيه منتخب إيطاليا إلى العقلية الصحيحة.

لكننا يجب أن نركز الآن على الفوز على صديقنا تراباتوني ومنتخب آيرلندا، وهو ما لم يحدث من قبل. ولا ينبغي أن نضيع الوقت حتى في مجرد التفكير إن كان الإسبان والكروات سيتصرفون مثلما لا نفعل نحن أبدا للأسف. إن إسبانيا هي بطل أوروبا والعالم وتمتلك العديد من الإنجازات والألقاب وهي تعرف جيدا أن أي فريق قد يخسر مباراة ثم يعود للفوز، لكنه عندما يفقد كرامته وسمعته يبقى ذليلا إلى الأبد. إلى الأمام إذن يا إيطاليا، فلم نخسر شيئا بعد.