موافقة «الفيفا» على استخدام التكنولوجيا انتصار للجميع

TT

لقد مرت 164 عاما على ظهور القواعد المسماة بـ«لائحة كمبردج»، والتي تعتبر أول نقطة انطلاق لنشأة كرة القدم. واحتاج الأمر لسنوات طويلة للغاية حتى تدخل التكنولوجيا في هذه الرياضة العالمية. وكانت المطالب الكثيرة من جانب الجماهير باستخدام التكنولوجيا في ملاعب كرة القدم خلال السنوات الأخيرة قد واجهها رفض شديد من المؤسسات الدولية المسؤولة عن اللعبة الشعبية الأولى في العالم. ورغم أن التكنولوجيا تستخدم على نطاق واسع في رياضات عديدة مثل كرة السلة والتنس والتزلج.. إلخ.. فإن كرة القدم ظلت بمنأى عن هذه الفكرة لفترة طويلة. وكان السبب في ذلك هو أن إبعاد التكنولوجيا عن عالم كرة القدم يأتي على هوى البعض.

ولعلنا نذكر أن جوزيف بلاتر، رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم، كان يدافع عن الحكام الذين يخطئون في عدم احتساب بعض الأهداف المشكوك فيها، ويقول إن اشتعال المناقشات والخلافات حول أخطاء الحكام يمثل جزءا من جمال اللعبة. وكان هذا بالطبع تفكيرا أحمق وغير منطقي، ويفتح المجال أمام الكثير من المشكلات التي يمكن ببساطة تلافيها. فإشعال الخلاف وتبادل الاتهامات بسبب الجدل حول دخول الكرة إلى المرمى من عدمه ينتقص بشدة من مصداقية كرة القدم، ويفسد متعة الملايين من متابعيها.

وأخيرا قام الاتحاد الدولي لكرة القدم بإصلاح هذه الأخطاء بعد موافقته على استخدام التكنولوجيا والكاميرات التلفزيونية لحسم الحالات المثيرة للجدل في مباريات الكرة. ويمثل هذا القرار نهاية لمسيرة طويلة أسهمت فيها آراء الرأي العام وعلى رأسها الرأي العام الإيطالي. وكنا في جريدة «لاغازيتا» نساند دائما فكرة استخدام التكنولوجيا في ملاعب الكرة. ويعتبر هذا القرار انتصارا للجميع. ويتضح هذا الانتصار بصورة أكبر إذا نظرنا إلى القرار الثاني الخاص بالموافقة على إدخال حكمي المرمى في مباريات الكرة. ولعل الكثيرين ينسون أن هذه الفكرة انطلقت في الأساس من جريدة «لاغازيتا»، وبالأدق من خطاب لأحد القراء. والآن أصبح لهذه الفكرة ألف أب، وعلى رأسهم بلاتيني الذي يعتبر من أكبر المؤيدين لها.

لكن الجماهير لم تفز بعد بالمباراة كاملة. فالمعسكران الكبيران اللذان يتنافسان في كرة القدم العالمية ما زالا متعادلين. فقد كان بلاتر والفيفا يؤيدان استخدام التكنولوجيا خلف المرمى، بينما كان بلاتيني يؤيد فكرة الحكام الخمسة فقط. ولذلك سوف تشهد البطولات العالمية وجود الكاميرات لمراقبة المرمى، وليس بالضرورة أن يوجد فيها حكما المرمى، والعكس ينطبق على البطولات الأوروبية وبطولات الدوري المحلية في أوروبا. وسيكون الاختيار في هذه الحالة بيد الاتحادات الوطنية في كل بلد على حدة، وطبقا أيضا للجانب المادي والتكلفة. ومع هذه القرارات الجديدة، ومهما كانت نسبة اختلاف أو اتفاق البعض على جدواها، فإننا نأمل أن تسهم في القضاء على الجدل التحكيمي والخلافات في عالم كرة القدم.