صفعة إبراهيموفيتش قد تساعد على النضج

TT

كنا نخشى ذلك اليوم، وفي أعماقنا كنا نعلم بقدومه، ولكن الشعور بتجسده بوجه قبيح يمتلك قوة الحقيقة الواقعة. وعلى هذا النحو ينشأ العهد الجديد لكرة القدم الإيطالية من كلمات إبراهيموفيتش اللاذعة وكلمات وكيل أعماله رايولا بأننا لم نعد نمتلك الدعوة للمشاركة في مباريات الفرق الأوروبية الكبرى، ولن نكون مناسبين لذلك، فنحن نمتلك الكرامة، ولكننا فقراء. وهذا يمثل صدمة لمن يحمل عشرات الأعوام من الخبرة الفنية والاقتصادية. ولكن أتذكرون أن أي بطل أو لاعب مرغوب فيه بشدة من بلاتيني إلى فان باستين، ومن إيان راش إلى لوثر ماثيوس، ومن زيدان إلى إبراهيموفيتش، ومن فالكاو إلى جورج ويا أو مارادونا أنهى مسيرته الكروية في الدوري الإيطالي الأجمل في العالم؟

في الواقع قد يبدو هذا الأمر كارثة محققة مع زيادته في ظل البطالة وضعف الناتج المحلي وذهاب العقول وقلة الثقة. ولكن تعلمنا الخبرة أن الأمر لا يسير على هذا النحو. وتمثل كرة القدم بشكل خاص ملجأ لاعقلانيا للهروب من مشكلاتنا اليومية، ولهذا لسنا مستعدين جيدا لرؤية كرة القدم الإيطالية تغرق أيضا في دوامة مشكلات الحياة الثقيلة. ويعيش أبطال الأحلام في منطقة حرة حيث تتلاشى الضغوط الاجتماعية بسبب قناعة شعورية موقعة من الأغلبية العظمى للشغوفين بكرة القدم تغفر للاعب المليونير كل شيء، خاصة إن كان يعرف كيف يحقق الفوز لفريقنا المحبوب. ومن الصعب تقبل الواقع، ولكن يلزمنا الوقت للتأقلم مع العصر الحديث، الذي يميل إلى التشابه بشكل مريع مع عقود مضت. وستشغل مرحلة الانتقال بعض الردود الغاضبة بعض الشيء والبريئة كذلك، من قبيل القول: «إن لم يمتلكوا المال فليبيعوا هذه الفرق». وهذا مضيعة للوقت أصدقائي الأعزاء، لأن العالم ليس مصنعا يمتلكه الأمراء ورجال البترول. بينما اختار اللاعبون الجيدون القلائل الانتقال إلى أندية أخرى.

وعندما نستفيق من الصدمة سنبدأ معا في تجميع الأجزاء، والنظر بإيجابية قليلا إلى ما حولنا، وتقدير المليار يورو العائد من البث التلفزيوني، الذي لا يزال يضمن لنا ازدهار الدوري الإيطالي. وجدير بالذكر سؤال الآباء والجماهير المتقدمة في العمر قليلا عن مدى تأثرهم باللاعبين الجدد المقبلين من فرق البراعم، وبتجاوز دور في كأس الأمم الأوروبية، وباللعب الجيد والممتع. وحينها يمكننا طرح بعض الأسئلة عما سيصبح خطة المعركة؛ فعلى سبيل المثال لماذا أصبح دوري آخر أكثر جاذبية من الدوري الإيطالي والأثرياء الجدد؟ وبقدر قليل من الصدق يمكننا أن نلخص أن المسألة الأخلاقية والأجواء بداخل الاستاد أصبحت ثرية لمن ركز علينا منذ فترة من الوقت.

وها هي فرصة أولى كبيرة متاحة أمامنا لإعادة تشكيل كرة القدم الإيطالية من دون تكلفة، بثورة داخل رؤوسنا تطيح بالطقوس القبلية البالية في مدرجات التشجيع لإعادة إحياء القيم الرياضية بابتسامة العائلات في مقصورة التشجيع. ومن ثم يأتي دور الشباب والبرامج والبحث الفني والدراسات والرغبة في الاستمتاع بتراثنا الرياضي من اللاعبين والمدربين، وبوجود مديرين رياضيين يتبنون مهمة جديدة ما إن نتماثل للشفاء من الطعنات التي أسقطت الفقاعة التي طرنا بداخلها لأعوام.

ولن نخاطر بالإفصاح عن العزاء بالكلمات التي سمعناها بالفعل في كثير من المرات، التي تتمثل في أن من كل أزمة كبيرة تنشأ فرصة كبيرة. وعلى أي حال لن ننجح في أن نكون متشائمين، فأمامنا عالم نود غزوه مرة أخرى. وربما يأتي اليوم الذي نشكر فيه المهاجم زلاتان إبراهيموفيتش ومينو رايولا على كلماتهما اللاذعة.