تعادل اليوفي.. رسالة إلى ايطاليا في ظل أزمتها

TT

في عالم كرة القدم، هل تأتي طريقة اللعب أولا أم اللاعب؟ منذ قرن ونصف القرن وهناك إبحار حول هذا الموضوع ذي الجدل الأبدي بنفس الإرهاق المزعج الذي يصاحب شخصا يتجول داخل المراكز التجارية العملاقة دون أن يدخل أي مكان بعينه. ونحن لن نقدم إسهامات في تلك النقاشات اللاذعة، رغم أن بعض التأمل في فريق اليوفي بعد مباراة ستامفورد بيريدج، أمام تشيلسي في دوري أبطال أوروبا، ربما يحملنا بشكل خطير إلى ملامسة ذلك الجدل بمخاطره المعروفة.

والخطر كله يكمن في الإجابة على ذلك التساؤل: ما الشيء الذي حول في 12 شهرا فحسب فريقا لم يكن ينطلق ضمن الصفوف الأول في الصراع على الدرع المحلية إلى ذلك الكيان الذي استطاع إخراس الفريق حامل لقب دوري الأبطال على ملعبه وأمام جماهيره؟ إذا وضعنا علامة الإجابة في مربع «طريقة اللعب» سوف نسقط، في الواقع، بقوة في الفخ وسيطلب منا حمل السلاح من أجل حرب الطرق الخططية: نهج أريغو ساكي في مواجهة طرق تراباتوني وأسلوب لعب برشلونة مقابل مذهب الفرق الإيطالية وفلسفة مورينهو أمام فكر غوارديولا، مصطلحات الكاتب الصحافي الراحل جوفاني لويجي بيريرا في مواجهة باقي العالم.

ولكوننا من المستنكفين ضميريا في عالم كرة القدم، سنتجاوز تلك العقبة بملاحظة بسيطة، ليس هناك لاعبون دون المستوى في اليوفي الحالي مثلما لم يكن الحال أيضا في بداية الموسم الماضي. ولو كان هناك مثل هؤلاء اللاعبين منخفضي الأداء لما استطاعت أي طريقة لعب في العالم أن تقودهم للفوز بالبطولة المحلية والظهور بهذه الصورة الطيبة في انطلاقته بدوري الأبطال. ولكن، هنا تكمن النقطة، ليشتستانير لا يبدو هو نفس لاعب الخريف الماضي. وكذلك يبدو تقيم كلاوديو ماركيزيو وأندريا بونوتشي أكثر نضجا، ناهيك بمستوى مهاجم الجبل الأسود ميركو فوتسينيتش أو التشيلي أرتورو فيدال والإيطالي أندريا بارزالي. وبفضل تلك القفزة المهارية، التي تكتمل تدريجيا، مباراة تلو الأخرى، استطاع هذا اليوفي استيعاب جملة اللاعب الناشئ أوسكار «هات وخذ» دون انحراف. وعندما كانت النتيجة 2 - 0 لصالح تشيلسي أظهر يوفنتوس أداء يتسم بالثقة في وسائل الفريق الجديرة بتعديل النتيجة. جميع عناصر اليوفي كانت تدرك ما يتعين عليها القيام به، كما يحدث عندما يدق ناقوس الخطر فوق إحدى السفن المصابة في المعركة وعليه تندفع فرق الإنقاذ وفقا للإجراءات التي تم تجريبها آلاف المرات خلال التدريبات. لم يكن هناك وقت لسلك طريق الكآبة والتثبيط. كان الجميع يركض وفقا لمسار اللعب والاستراتيجيات التي تم تعلمها، بغض النظر عن الشخص الذي كانت الكرة بين قدميه، سواء كان رفيقا أو خصما. من الواضح أن المدرب كونتي قد شكل فريقا لديه دوافع ومشاعر إنسانية ولكنه في الوقت ذاته يحظى بالآلية الحتمية لقاطرة منطلقة نحو الأمام.

مما لا شك فيه، أن تحقيق الانتصارات ينتج عنه الثقة بالنفس ويمنح الفريق التأكيدات. ولكن رواية اليوفي تمنح الآمال إلى الجميع، حتى بالنسبة إلى كرة القدم الإيطالية الحديثة التي تتزامن مع الأزمة الاقتصادية والعامة. ربما لأن اليوفي انطلق دون أن يكون مثقلا بعبء من النجاحات فوق ظهره ورغم ذلك عرف كيف يحقق أرباحا فورية للجماهير وكذلك إلى نجومه داخل الملعب. إنها رسالة، إذا أسهبنا في الأمور، موجهة إلى إيطاليا بأكملها. والمقصود بالحديث هنا المجتمع القومي، وليس فحسب العالم الكروي. إيطاليا بلد يتأخر عن نظائره بنتيجة 2 - 0، ولكن الحكم النهائي لم يكتب بعد. ولكن هذا، بالطبع، شريطة أن تركض الدولة بقوة ويتحرك الجميع وفقا لخطة محددة بدقة.