بعيدا عن الصراع (الرياضي) التاريخي بين مشجعي النصر والهلال وبقية الأندية وبعيدا عن الخلاف حول شخصية النجم السعودي سامي الجابر الذي بقي في دائرة الضوء لاعبا وإداريا ومدربا (مؤقتا) وحتى عندما غاب عن الساحة المحلية وذهب إلى مدينة أوكسير الفرنسية باحثا عن مستقبله التدريبي وسط أحاديث عن أنه هو من طلب أن يكون هناك وأنه يعمل من دون راتب.... بعيدا عن كل هذه النقاشات الجدلية التي لم يحسمها لا تأكيدات نادي أوكسير ولا حديث المدرب جون غي فيليم نفسه ولا تصريحات الجابر لأن البعض لا يريد أن يصدق حتى لو رأى بعينيه، بعيدا عن كل هذا، يبقى سامي الجابر ظاهرة بحد ذاته وأحد القلائل الذين حافظوا على ألقهم (الإعلامي) في أي مكان تواجد فيه وأحد القلائل الذين يجيدون التحدث بكل طلاقة أمام الكاميرا ووسائل الإعلام، وأحد القلائل الذين يجيدون لغتين والثالثة على الطريق، وأحد القلائل الذين طلبوا العلم في إنجلترا وفرنسا رغم أن ما هو متاح له في السعودية لن يكون متاحا له في أي مكان في الدنيا حتى لو أخذ كل علوم مورينيو وفيرغيسون....
سامي وفي لقائه معنا في «صدى الملاعب» فتح النار مرتين في كل الاتجاهات.. مرة وهو في طريقه إلى أوكسير والثانية الأسبوع الماضي أي بعد ثلاثة أشهر من ذهابه....
وفي المرتين كانت الصراحة (الصادمة) هي القاسم المشترك بين الحديثين ولكنه في المرة الثانية زاد الجرعة حتى وصلت لحد وصف البيئة الرياضية بأنها غير صحية ولا تساعد نهائيا على التطوير وفيها شخصنة بوجود أشخاص لا علاقة لهم بالرياضة أساسا إضافة لخلافات وصلت لحد العدوانية واللاإنسانية (وهي عبارة قاسية جدا وللأسف حقيقية) لأنها تحولت أيضا إلى عنف وقسوة وكل هذا والبعض من اللاعبين وغير اللاعبين يعتقد أنه وصل لحد (الكمال حسب تعبيره) ولكن الواقع يقول: إن الفجوة سحيقة بيننا وبين أوروبا والاحتراف الحقيقي وأن ما تعلمه في ثلاثة أشهر فقط قد يوازي جل ما تعلمه في حياته السابقة ولهذا تغيرت حياته 180 درجة خلال هذه الفترة القصيرة جدا....
ما عند سامي من الكلام أكبر بكثير مما قاله والمجالس أمانات وهو قادر على ما أعتقد على الحديث من جديد ووضع المزيد من النقاط على الحروف ويجب أن نستفيد من خبرة وكلام هذا الرجل الذي يعرف خبايا كرة بلاده وتفاصيلها الدقيقة جدا كلاعب وإداري ومحلل ومدرب وأستغرب أن ندخل في متاهات توصيفه كأسطورة حقيقية أو حتى ورقية لأن الأهم هو ما يحمله من أفكار ورؤى أعتقد أنه لو أتيحت له الفرصة فقد يكون قادرا على المساهمة في صياغة مستقبل جديد لكرة بلاده ولهذا جاء الاستفتاء الذي وضعناه كاسحا بنتيجته التي جاوزت الـ90% وهي أن سامي سيعود مدربا للهلال وللمنتخب السعودي... ولشد ما أسعدني تغريدة رئيس الهلال الأمير عبد الرحمن بن مساعد الذي قال بالحرف «بأن الحلقة كانت مميزة وسامي يستحق كل خير فهو رمز رياضي مشرف وناجح كان كذلك لاعبا وإداريا ومدربا فذا في المستقبل القريب بإذن الله وإن كنا خسرناه الآن فلكي نكسبه مستقبلا» وأنا أتساءل والكلام لي وليس للأمير: هل سنعطي مستقبلا أبناءنا الفرصة الحقيقية كي يقودوا رياضتنا وكرتنا أم أنهم سيبقون (مدربي طوارئ) لا ثقة فيهم على المدى الطويل؟
أجزم أن الجواب هو لا وستبقى عقدة الخواجة هي المسيطرة حتى يأتي اليوم الذي نرى فيه نجوم الوطن بعيون الوطن ومصلحة الوطن، وليس بعيون الأندية التي خرجوا منها.