هل نلغي قاعدة التسلل؟

TT

كفى إعادة بطيئة للقطات وجدل مُعْدٍ عقيم ورايات تحكيم بدائية وزوجات ورفيقات يطلبن تسليط الضوء على القانون. لنلغِ التسلل وننهِ المسألة. وكما يقال لنخلع السن لينتهي الألم. وفي أجواء من الحمى المعدية، تظهر محاولات إيجاد الحلول الجذرية بتلقائية. ليس من جانب خبراء المقهى الرياضي فحسب. ومنذ عامين في مارس (آذار) 2010، اختفى صوت جوزيف بلاتر، مخضرم الفيفا، الذي كان لديه النية في إلغاء التسلل، لذا طلب معلومات عما يشبه ذلك في رياضة الهوكي التي سبقته في الملعب عام 1998. فهل بدت القوانين غير مثالية؟ أم أن العين البشرية ليست محل ثقة؟ أم لا ننجح في إرساء نظام شرطي لضبط كرات التسلل؟ لنبطل مفعول القنبلة بكل بساطة.

وتخلق الفرضية مساحة من الحرية الثملة، مثل سياسة التقشف في أعوام السبعينات التي سمحت بالصعود على طريق ميلانو بمزلاج سريع، في ظل إحساس بالتحرر الخططي أيضا، حيث يمكن للمهاجمين أن يبقوا بشكل مؤقت في منطقة الجزاء، وسيضطر المدافعون حينها إلى اللحاق بهم، وسيصبح الفريق متباعد الخطوط بالضرورة وفي المساحات التسع الجديدة يمكن للكرة أن تدور بطريقة أكثر حرية، وسيتحرك المشهد بحيوية. ولن نجد المزيد من خطوط الدفاع المتعطشة، وستقل مساحة المباراة في الملعب، وستقام المكائد في مساحات ضيقة مثل مترو أنفاق طوكيو بحرية خططية. ولن نجد المزيد من المواجهات المنقسمة إلى قطع صغيرة المنتشرة بشكل هستيري. إذن دعونا ننظر بعين الجد لثمالة الحرية النابعة من هذه الافتراضية، وستدركون أن الأمر ليس على هذا النحو.

فبنزع التسلل قد تصبح كرة القدم رياضة أخرى، في وضع مماثل لتسديد كرتي سلة في منطقة جزاء الخصم أو لاعب الكرة الأميركية القادر على الانطلاق من 60 إلى 70 مترا، في ظل إدارة المدرب لفريق تنافسي. ولكن كرة القدم أمر مختلف، نظرا لأن روح كرة القدم ليست في تسجيل الهدف، بل إن الهدف في الحقيقة يمثل نهاية اللعب. وتظهر الروح الحقيقية لكرة القدم في اللعب وفي كيفية صنعه. ومن دون التسلل ستجتاح الكرة وسط الملعب كالمحيط. ولكن إذا كان لكرة القدم تاريخ سارٍ فذلك بفضل الأفذاذ الذين تمكنوا من خوض غمار هذا المحيط. لنفكر في اختراقات مارادونا بالكرة أمام إنجلترا في مونديال المكسيك، وكم أن لاعبي وسط برشلونة بارعون. وفي عام 1863 دشن اتحاد كرة القدم لأول مرة لوائح الكرة، ووصف كل اللاعبين أمام الزميل الذي سدد الكرة في وضع تسلل، وبشكل عملي كان يمكن ركل الكرة فقط إلى الوراء مثل رياضة الرغبي.

لماذا يعتبر تجاوز الخصم من دون مواجهته غير منصف؟ إن كرة القدم تدعى في الواقع بـ«لعبة المراوغة». والتسلل الذي جاء في العصور الحديثة عبر طريق مختصر نشأ كقانون نبيل وسيستمر في كونه كذلك. ولا يزال يضطر الجميع إلى تحدي القدرة، ويضيق المساحات ويتوج من ينجح في خرقها بموهبته (ميسي)، ومن يسابق الزمن بعبقريته (إنزاغي). وبإلغاء التسلل قد تخلو اللعبة من حركات الشطرنج الخططية للكثير من المدربين البارعين، بل ستصبح منافسة عنيفة غير موجهة أقرب لأن تكون في فن الخطابة. وفي النهاية، حتى وإن كان يصيبنا بعض الألم من وقت لآخر، من الأفضل الاحتفاظ بالسن والصبر مع الزوجات والرفيقات.