التحول إلى كرة القدم الواعدة والجريئة

TT

الأناقة لا يعبر عنها الثوب، بل تصرف من يرتدي هذا الثوب. وينطبق هذا الحديث أيضا على طرق لعب كرة القدم، ولنأخذ مثالا على ذلك طريقة لعب 3 / 5 / 2. فقد جعل كونتي من هذه الطريقة زي الاحتفال ليوفنتوس، ثوب الفوز بالدرع الإيطالية في الموسم المنصرم. حيث الاعتماد على ظهيري الهجوم ولاعبي خط الوسط المهاجمين والضغط الطولي، استطاع اليوفي أن يقدم كرة قدم كبيرة تتسم بالضراوة والإثمار والإيقاعات المكثفة بما يتماشى مع معايير التفوق الأوروبي. في أمسيات بعينها من دوري أبطال أوروبا الفائت استطاع نابولي بالأحرى ملامسة قمم مماثلة. وكذلك الآن يقدم فيورنتينا تحت قيادة مدربه مونتيلا كرة القدم الأكثر روعة في إيطاليا، عن طريق ظهير هجومي مثل غوادرادو ولاعبي وسط قادرين على مداعبة الكرة.

أما فريقا مدينة ميلانو (الإنتر والميلان)، على العكس، منذ عدة أسابيع مضت قاما بارتداء ثوب طريقة اللعب 3 / 5 / 2 وكأنها سمة التائبين. ولكن على مضض، تقريبا ضد الفطرة (لا سيما بالنسبة للميلان) من أجل التكفير عن خطايا الهزائم السابقة: وعليه تم الاعتماد على كامبياسو في مؤخرة الملعب وعلى عضلات مودينغاي وغارغانو لتأمين الحصن الدفاعي للإنتر. والشيء ذاته حدث مع الميلان، مع الكثير من لاعبي خط الوسط أمام باليرمو، الأمر الذي أثار حفيظة غالياني وجعل وجهه أكثر اصفرارا من لون رابطة عنقه. وبالفعل أمام العائد مجددا لدوري الدرجة الأولى غاسبريني، أستاذ طريقة لعب 3 / 5 / 2، الذي كان قد تم إبعاده عن مركز تدريب الإنتر لأنه أيضا كان يصرح باقتناعه لبدعة الدفاع بثلاثة لاعبين والآن يتولى قيادة باليرمو. بثلاثة لاعبين في خط الدفاع لعب حامل اللقب الإيطالي في الموسم المنصرم واستطاع نابولي السيطرة على كأس إيطاليا وبثلاثة مدافعين لعب فريقا ميلانو وكذلك فيورنتينا وسيينا من مقاطعة توسكانا... الأمر كان أشبه بانتشار نشوة طريقة لعب 3 / 5 / 2 في سماء الدوري الإيطالي محققة التجانس مع كل شيء، سحابة رمادية اللون تحمل في طياتها الخطر، لأن طريقة اللعب هذه كان يتم النظر إليها بالأحرى على أنها طريقة دفاعية مؤقتة للتصدي لنزيف الأهداف التي تتعرض لاستقبالها الفرق، لاعبو وسط ملعب قادرون على الصراع أمام خط الدفاع، مثل الكتل الرملية في مواجهة الفيضان. وفي وسط كل ذلك كان هناك خطر أن تكون هذه النشوة مجرد مظهر خداع وقشرة خارجية ضعيفة. وإلى هذا الحد كان كل فريق يعكس نفسه في مرآة الفريق الآخر، مانعا كل منهما الآخر من التقدم بشكل ممل.

ولكن الميلان على العكس تحرر من هذه الرقابة. وبدأ ميلان برلسكوني في التخلي عن تلك العادة خلال الشوط الثاني من مباراته أمام باليرمو في الجولة العاشرة وتحول إلى طريقة لعب 4 / 2 / 3 / 1. وكذلك السبت المنصرم احتفل المارد الأحمر الإيطالي بعودته إلى ملذات العالم بإحراز خمسة أهداف في شباك كييفو صاحب خط الدفاع الثلاثي. وفي مساء اليوم ذاته، أمام اليوفي بطل إيطاليا الذي يلعب بطريقة 3 / 5 / 2، أقام أيضا احتفالية كبيرة فريق الإنتر الذي أطلق ثلاثي هجومه وقدم تجربة تتسم بالشجاعة. وكذلك تعثر نابولي بطريقة 3 / 5 / 2 على ملعبه. وفي المباراة الأخيرة من المرحلة الـ11 من الدوري تم بشكل رمزي، دفن غاسبريني، الداعم الأكبر لطريقة الدفاع بثلاثة لاعبين، برباعية على يد فريق روما صاحب أفضل هجوم في البطولة المحلية. وكذلك سجل فيورنتينا بقيادة مونتيلا رباعية في شباك كالياري. لقد كانت الجولة الفائتة ممتعة وحصادها 34 هدفا. نتمنى أن تمثل تلك المرحلة مدرسة للتعلم والاستفادة، الفريق الذي تجرأ وخلع العباءة المعتادة استطاع الفوز. وهذا ما تحتاج إليه الكرة الإيطالية، كرة قدم واعدة وتتسم بالشجاعة لتمتلئ الملاعب من جديد بالجماهير ولغرس عقلية إيطالية عاشقة للانتصارات أوروبيا أيضا.