فضل الأزمة الاقتصادية على المنتخب الإيطالي

TT

كان يكتب الصحافي والكاتب الإيطالي جاني بريرا، مقدما مباراة إيطاليا - ألمانيا، نهائي مونديال 1982 قائلا: «إن إيطاليا لا تنتج اللعبة حيث إنه يمكنها الحصول على العكس على أفضل النتائج من (اللعب المضاد). وإذا كان الخصم يلعب جيدا، فترى إيطاليا على الفور ترفع من (لعبها المضاد) وإذا لعبوا على العكس بشكل سيئ، تلعب إيطاليا أيضا بشكل سيئ لأنها لا تعرف كيف تنتج لعبتها الخاصة».

وتعتبر إيطاليا الرائعة بقيادة المدرب الكبير بيرزوت التي لم تكن لديها طريقة في اللعب إعلانا على الأقل قابل للتفاوض لكن ملحمة الفوز المتعلقة بالبرازيل التي تنعم بالنجم الرائع فالكاو، والتي ضربت من اللعب المضاد لكونتي وكابريني، كانت تسمح للكاتب - الصحافي أن يعيد إطلاق فكرة إيطاليا «فريق ذو طابع أنثوي» يميل إلى رد الفعل أكثر من القيام بالفعل نفسه و«كسر الحديد» بالتغلب على الصعاب وتحطيم كل شيء تاركا للخصم الأكثر موهبة مسؤولية قيامه بشن الهجوم عليه أولا.

ومن يدري كيف كان ليحكم بريرا على عمل برانديللي مدرب الآزوري الحالي. والشيء المؤكد هو أن عامين من العمل والجهد والعمليات الإصلاحية المتلاحقة في كوفيرتشيانو حيث معسكر تدريب الآزوري ساهمت في تعديل الطابع الخططي للمنتخب الذي أصبح «ذا طابع رجولي» أكثر. فهو لا يقوم برد الفعل بل يقوم بالتصرف نفسه. ويبحث عن الهجمة وشن الضربة قبل خصمه. وعمل المخضرم برانديللي منذ اللحظة الأولى على رفع مستوى استعادة الكرة وزيادة معدل دقائق الاستحواذ عليها داخل الملعب، وهي أساسيات اللعب الجديد الأكثر شجاعة ونشاطا. وأكد المركز الثاني المتميز الذي حصل عليه في يورو 2012 أن مسألة العقلية الجديدة للفريق كانت ناجحة حتى النهاية دون أي أزمة رفض. وأثبتت المباراة الودية في بارما أمام فرنسا أن بحث برانديللي لا يزال مستمرا على نفس المسار. وإذا كانت طريقة اللعب 4 - 3 - 1 - 2، طريقة ترجع إلى عامه الأول مع المنتخب، تفضل التعادل وكانت هادئة عند مرمى الخصم، فإن طريقة اللعب 4 - 3 - 3 التي تم العمل بها الأربعاء الماضي في بارما تفاقم البحث عن الأهداف وتقلص من أوقات التفاهم ويكثف من المشاركات على الجبهة الهجومية.

ولا تزال إيطاليا قليلا «ذات طابع رجولي» أكثر، حتى وإن كانت فطرة تقاليدنا تعود أحيانا إلى الظهور وتعرقل الأفكار الجديدة. فعلى سبيل المثال، كان يتراجع الفرعون الصغير ستيفان الشعراوي وكاندريفا كثيرا في مرحلة عدم الاستحواذ على الكرة وعندما كنا نستعيد الكرة، كان يجد حامل الكرة فقط المخضرم الشاب بالوتيللي مستعدا لاستقبال الكرة في الهجوم. وهي تفاصيل جديرة بالبحث فيها. وفي المجمل، على أي حال، كان المنتخب الفرنسي الفريق ذو الطابع الأنثوي أكثر على الرغم من وجود لاعبيه الأقوياء وذوو القامة العالية في خط الدفاع؛ فكان خجولا ومحتشدا في مكان واحد.

ومن هنا إلى المونديال البرازيلي، سيحسن برانديللي من مشروعه في المنتخب، الذي يقوى بالقناعات التي تم التأكيد عليها مجددا في بارما عندما قال: «هذا هو الطريق الصحيح». ويمتلك المنتخب، الذي يشعر بالاختناق من اهتمامات الأندية، حليفا يحمل بين طياته مفارقة عجيبة وهو الأزمة الاقتصادية لكرة القدم الإيطالية.

ولنعود إلى ذلك العام المجيد 1982. حيث كان فالكاو بالفعل في إيطاليا وكان بلاتيني وبونيك على وشك الوصول إليه وكان سيصل المخضرم مارادونا قريبا. ويبدو الأكثر صعوبة مقارنة بتلك الحقبة هو أن لاعبا في عمر العشرين ويتمتع بالموهبة أيضا مثل الشعراوي يتمكن من اللعب كثيرا في الميلان. وعلى العكس، قام الفرعون الصغير بالفعل في نفس الوقت بتسجيل 10 أهداف والحصول على قميص الآزوري بين اللاعبين الكبار. وفي الليلة التي سجل فيها الشعراوي الهدف الأول له بقميص المنتخب سجل السويدي إبراهيموفيتش مهاجم باريس سان جيرمان أربعة أهداف في إنجلترا. لم يكن هناك ضرورة لبيع المهاجم السويدي الكبير، وكان لينبغي على الفرعون الصغير أن يشمر عن ساعديه ويجتهد أكثر كثيرا لتأكيد على موهبته الرائعة. وفي ظل انهيار قدرتنا على الشراء، فإن مواهب مثل ماركو فيراتي وماريو بالوتيللي وجدوا إطارات تساعد على الطموح وثرية من الناحية الفنية والتي فيها النضوج على نحو أفضل. وليس كل ما سيئ يأتي بضرر. فنحن نقترب من مونديال البرازيل بثقة كبيرة في أنفسنا بفضل منتخب من الشباب ودائما ذو طابع رجولي أكثر.