«الثقة» و«الحسد».. أكبر آفات الرياضة السعودية

TT

تحظى كرة القدم بمتابعة واهتمام كبيرين من قبل معظم السعوديين، رجالا كانوا أم نساء، للدرجة التي ترى فيها بعضهم قد يقع مغشيا عليه إذا ما انتصر فريقه في مباراة ما، أو استقبلت شباكه هدفا قاتلا.

وفي السنوات الأخيرة مع تراجع هذه الرياضة، نتيجة السياسات الخاطئة التي انتهجت على مستوى الأندية بشكل عام والمنتخبات الوطنية بصفة خاصة، أصبح هناك تشكك واضح لدى الشارع الرياضي تجاه الخطط والبرامج التي تقدم للنهوض بها من كبوتها.

هذا التشكك جعل الـ20 مليون سعودي المهتمين بالرياضة، يرتدون «قبعة» المدرب، ويدلون بآرائهم وتصوراتهم حيال كل مباراة يخوضها المنتخب أو فريقهم المفضل، وما يجب أن تكون عليه خطة اللعب أو العناصر المختارة. ساهم في ذلك تعدد وسائل الإعلام المرئية والمكتوبة والإلكترونية، التي تعمل ليل نهار على جذب أكبر شريحة ممكنة من المتابعين، حتى لو كانت هذه الآراء «شاذة» أو «متعصبة» ولا تساعد على الإصلاح، بل تعمل على تشتيت الجهود وهدم أركان العمل المقدم.

شخصيا أعتقد أن الغموض الذي يحيط بعمل القائمين على تطوير الكرة، و«الشللية» التي تهيمن على الإعلام الرياضي، هما السبب الرئيسي في الفوضى التي تحيط بالرياضة السعودية. وسأستدل على ذلك بمثالين، الأول سيناريو التعاقد مع الجهاز الفني للمنتخب الأول، حين كانت جميع تحركات فريق التعاقد تتم في القارة الأوروبية، غير أن الإعلان الرسمي جاء من أميركا اللاتينية بالاتفاق مع البرازيلي ريكاردو قوميز، الذي ما لبث أن أعلن لاحقا انسحابه من المهمة، فجاء الإعلان سريعا ومفاجئا بالتعاقد مع الهولندي فرانك ريكارد، الذي لم يطرح اسمه نهائيا خلال مرحلة البحث، مما سمح للبعض بالتشكيك في إمكاناته وفرص نجاحه، باعتبار أنه كان عاطلا عن العمل طوال 3 سنوات.

والمثال الثاني خاص بالشللية الإعلامية التي نجحت في ترسيخ نمط «سوداوي» لدى الشارع الرياضي، من خلال تقديم نماذج محددة، تتقافز من قناة إلى قناة ومن برنامج تلفزيوني إلى آخر إذاعي، تنظر لكل جهد يقدم بعدسة قاتمة، معتمدة على فكرة «خالف تعرف» سبيلا لتحقيق شهرتها ونجوميتها، باعتبار أن هذا الصوت دائما ما يلقى قبولا لدى شريحة عريضة من المتابعين. ويكفي المراقب أن يقوم بجولة بين القنوات الرياضية لمعرفة من هم فرسان هذا الميدان.

الأكيد أننا كمجتمع نعاني آفتين قاتلتين، «أزمة ثقة» و«الحسد»، فالمسؤول الذي اعتاد العمل دون رقابة أو حساب يجد صعوبة كبيرة في إشراك الآخرين في عمله، بالتالي يحاول قدر المستطاع إبعاد الجميع عن مجال رؤيته. أما الشارع الرياضي فتم تحريضه من قبل إعلام رياضي «حسود» و«متعصب»، يتحرك معظمه وفق أجندات خفية تعمل مع أو ضد أشخاص معينين، فكانت النتيجة أن انتقلت السلبية إلى الشارع الرياضي الذي أصبح لا يقبل بأي شيء، فهاجم المنتخب بعد 5 إسبانيا، بحجة الأداء الضعيف، وهاجمه بعد فوزه على الكونغو بسبب ضعف الفريق المقابل، وهاجمه أيضا بعد التعادل مع الأرجنتين، بدعوى تساهل الفريق الضيف.

لذلك إن أردنا الارتقاء بعملنا الرياضي، فينبغي أن نوكل كل أمر لأهل الاختصاص فيه، مع إعطائهم فسحة مناسبة للحركة، مع قطع الطريق على المشككين والمنظرين والسوداويين بتحديد جهات موثوقة للتقييم والمسائلة، مع الضرب بيد من حديد ضد الإعلام المرجف، الذي يهدم ولا يبني، الذي يقدم المصالح الشخصية والرؤى الضيقة على الصالح العام.. فهل نفعل؟!

[email protected]