ما بين فيلكس والكرة العربية؟

TT

يوم السبت التقيت بأشهر مغامر على سطح الكرة الأرضية النمساوي فيلكس الذي اخترق حاجز الصوت بجسده بسرعة 1342 كيلومترا في الساعة وقفز من ارتفاع 39045 مترا، أي أعلى من أعلى طائرة عسكرية مأهولة وصورته عشرات الكاميرات وتابعه المليارات عبر شاشات التلفزيون، ومع هذا وجدت من يشكك أساسا بالقفزة وحتى حدوثها!

ويوم الخميس كنت في الكويت أقدم حفل تكريم ناديها للاعبيه الذين أحرزوا كأس الاتحاد الآسيوي ولاعبي كرة اليد ثالث آسيا وثاني العرب ولاعبتي مبارزة وبعض النجوم القدامى والجدد وحتى عامل النظافة في النادي في خطوة أسرتني بحميميتها وضرورة تعميمها على من يحفرون الحفر لبعضهم البعض في الكثير من أنديتنا ولا يسقط في هذه الحفر سوى الضحايا الأبرياء.

في حفل الكويت وجد الصديق يوسف السركال نائب رئيس الاتحاد الآسيوي، ومحمد النويصر رئيس رابطة دوري المحترفين السعودي، والصديق ناصر بن ثعلوب أحد الوجوه الكروية الإماراتية، إضافة إلى نجوم الزمن الجميل في الكويت أمثال سعد الحوطي وفتحي كميل وصلاح الحساوي وأحمد الطرابلسي ومن بعدهم علي مروي وخالد الفضلي، والأكيد أن مثل هذه الوجوه تعني أن الحديث سيدور عن كرة القدم العربية والكويتية والسعودية والإماراتية والآسيوية، وهو ما حدث فعلا ولكن المشكلة أن الحديث الذي سمعته الخميس في الكويت هو نفس الحديث الذي سمعته قبل سنوات ولم يتغير أي شيء لا على القوانين التي يطالب الرياضيون بتغييرها ولا على الملاعب التي تشكو «هزالة أرضياتها ومرافقها» ولا على اللاعبين الذين يشكون من عدم وجود احتراف حقيقي أو حتى «نص كم» كما فعل البعض، والأغرب أن المرض ليس فقط محصورا بالكرة الكويتية بل بشقيقاتها العربيات وإن اختلفت درجات «المرض الإداري والقانوني والتجاري وحتى الإعلامي».

والأكيد أنه «نظريا» لا يوجد أي رابط بين فيلكس وكرة القدم العربية، ولكن لو تعمقنا قليلا لوجدنا كل الروابط بين الاثنين.. ففيلكس الذي منعه والده من ممارسة أي نشاط رياضي ومنعه من تسلق الأشجار الصغيرة والقفز منها حتى بلغ السادسة عشرة من عمره تخطى المستحيل كي يثبت نفسه للعالم وكي يطور من قدراته معتمدا على العلم وعلى التجربة الشخصية المدعومة بتجارب الآخرين، وجلس خمس سنوات كي يحقق قفزته الأخيرة التي سخفها الكثيرون ممن لم يمارسوا الرياضة في حياتهم، ومع هذا قد تجدهم ينظرون علينا رياضيا وكرويا ويرفضون التطور الحتمي الذي وإن تأخر إلا أنه سيحدث إن عاجلا أم آجلا، ولكن الفارق أن فيلكس قفز وقارع المستحيل وهم لم يقفزوا بعد ويصرون على تأخير قفزات الآخرين.