الشعراوي وبالوتيللي.. نموذجان مختلفان

TT

«فلتفعل مثل الشعراوي أو ينتهي بك الحال مثل بالوتيللي» يمكننا تلخيص الأمر في هذه العبارة التي تبين نموذجي الطيب والشرير؛ ذلك الذي يسجل أهدافا دائما مقابل الذي لا يلعب أبدا، والذي ينقذ مدربه مقابل من يجعل مدربه يضيق به ذرعا، ذلك المدلل لدى الإدارة أمام صورة من يذهب بإدارة ناديه إلى المحكمة، في مقارنة بين من يخرج من البيت دون أن يدرك أحد ويسافر مع والده ووالدته وأخيه ومن تنتشر أخباره السيئة في جميع الصحف بعد خروجه بخمس دقائق من المنزل، ولديه ابنة ربما لم يشاهدها بعد. ويعد الفرعون ستيفان الشعراوي، 20 عاما، وبالوتيللي، 22 عاما، المهاجمان اللذان يثيران حماسة عالمنا الكروي. وقد استخدمهما برانديللي جنبا إلى جنب في ثنائي هجوم الآزوري، ولكن الأحداث فرقتهما كل على طرف نقيض؛ حيث يعتاد الشعراوي على النجاح مع الكرة، بينما يبدو بالوتيللي غير معتاد على ذلك، ويهدر موهبة فريدة من نوعها، وقد يأس مدربه مانشيني من نصحه، فهل بات ميؤوسا منه؟ وعلى العكس، بالنسبة للفرعون الشعراوي، علاوة على تسجيل الأهداف، يشير الوقت الذي سجل فيه المهاجم الشاب إلى قوة شخصيته. فهو ليس جزءا من آلة البارسا المثالية لتسجيل الأهداف؛ حيث أثبت الشعراوي تفوقه في اللحظة الأسوأ من تاريخ الميلان الحديث، وبصدى أهدافه كان طوق النجاة الذي أنقذ فريقه. وعن عمر 20 عاما، تعكس كلماته وتصرفاته نضجا أكبر من سنه، فهو مثل الحديد في صلابته وقوة تحمله للنار. وتمثل عائلته التي بقت دائما في الظل، ولكن قريبة من ابنها والإدارة التي أحسنت استخدام اللاعب بالطريقة المناسبة ضمانين آخرين أكثر صلابة. وليس ثمة مخاطرة في الرهان على صلابة الشعراوي.

وعلى النقيض، لدى بالوتيللي شخصية أخرى وحياة أخرى؛ حيث عانى من صدمة تخلي عائلته الأصلية عنه ومن العنصرية. ولقد نضج في ظل أجواء متوترة من الحساسية والارتياب تصبح فجأة تحديا عدوانيا. وعند عمر 17 عاما، وجد بالوتيللي نفسه محط الأضواء الكروية وبات ثريا فجأة. ولدى ماريو عائلة جيدة كانت له ملاذا ومحاميا أيضا يدافع عن سوء حظه. وكان انتقاله من ناد إلى آخر في إطار صفقة دائما لكلى الطرفين، ولكن ماريو يحتاج على العكس إلى اللعب بقميص مولعا به من أجل مشروع خططي يفخر بتاريخه. وإذا كان موراتي رئيس الإنتر جعله راية ميلاد الفريق من جديد عقب الفوز بالثلاثية، ربما يختلف التاريخ الآن؛ حيث قد يضمن بدء حقبة جديدة في الميلان بجانب الفرعون الشاب، زميله في المنتخب وفي تصفيفة «عرف الديك»، مستقبلا واعدا. فلم يكن أداء بالوتيللي بقميص الآزوري الأكثر تأثيرا بنفسية اللاعب جيدا على سبيل المصادفة، في ظل اتباعه لتوجيهات المدير الفني واضطراره للقتال من أجل إثبات نضجه الكروي؛ حيث لن يراه برانديللي أبدا مثل «الموناليزا» جميلة من كل النواحي كما قال وكيل أعمال المهاجم مينو رايولا. ويحتاج بالوتيللي إلى وجود المدرب المهذب في حياته بشكل يومي لإبطال مفعول القنبلة ذاتية التدمير. ومع بلوغه 22 عاما عليه أن يتحمل المسؤولية.

وإن المعركة الأولى التي ينبغي الفوز بها قريبا هي تهذيب الشخصية بحدود لاعب حسن السلوك. ونذكر أنه في عام 2012 كان بالوتيللي الاسم الأكثر ظهورا في محركات بحث غوغل، أكثر من ميسي وكريستيانو رونالدو؛ حيث يتجاوز المهاجم الإيطالي الشاب صعوبات لاعب كرة القدم ويقوم بجولات كيفما يشاء ويحدث أضرارا.