إقالة ريكارد وسياسة «ما يطلبه المشاهدون»

TT

ألف رواية تداولها الشارع الرياضي السعودي منذ أن تم الإعلان رسميا عن التعاقد مع الهولندي فرانك ريكارد لتدريب المنتخب الأول، قبل 18 شهرا وحتى إقالته بالأمس، وذلك عبر مختلف وسائل الإعلام، الرسمي منها والشعبي، الفضائي والمكتوب، الإذاعي والإلكتروني، وكلها تدعي امتلاكها للحقيقة المطلقة حول آلية هذا التعاقد، وقيمة العقد، ومبلغ الشرط الجزائي المترتب على فسخ التعاقد، والامتيازات التي يتمتع بها المدرب، وما إذا كان مبلغ التعاقد يشمل الجهاز المرافق له أم لا، كل ذلك دون أن نسمع كلمة واحدة من جهة الاختصاص عن حقيقة كل ما يقال ويتردد.

الأمر الذي دعا أحد الإعلاميين السعوديين أن يذكر عبر فضائية خليجية عن وجود رابط بين شخصية اعتبارية كبيرة وهذا التعاقد، وما تلى ذلك من نفي لهذا الادعاء، واعتذار الإعلامي في اليوم التالي عن نقله معلومات مغلوطة وصلت إليه.

ولعل التصريح الذي أطلقه الأمير نواف بن فيصل، الرئيس العام لرعاية الشباب، عن تكفله بقيمة الشرط الجزائي لفك الارتباط مع الهولندي ريكارد متى ما قرر الاتحاد كرة القدم ذلك، ومن بعده تصريح أحمد عيد رئيس الاتحاد بهذا الشأن، هما الحديثان الرسميان الوحيدان اللذان تحدثا عن جزء بسيط من «عقد» ريكارد التدريبي.

من تابع سيناريو التعاقد مع ريكارد، يعتقد أنه أمام عقد «نووي» وليس «كروي»، فلا معلومات واضحة لقيمة العقد، ولا الشروط الملزمة للطرفين، ولا العواقب التي سيتعرض لها من سيخل بالعقد قبل نهايته، ولا الاحترازات التي تمنع أحد الطرفين من التلاعب بالآخر.. أسئلة كثيرة تدور في ذهن الشارع الرياضي وتبحث عن إجابات، ولكن كالعادة بلا مجيب.

شخصيا لدي يقين بأن خلل الكرة السعودية ليس قاصرا على الجانب الفني فقط، بل في المنظومة الكروية بأكملها، ولعل رسالة محمد المسحل، الأمين العام للجنة الأولمبية السعودية لصحيفة «الحياة» قبل يومين تؤكد ذلك، وبخاصة عندما أشار إلى أن بعض الأندية تطلب من لاعبيها التظاهر بالإصابة أو عدم التفاعل مع المنتخب في التدريبات والمباريات لتفادي الإصابة التي قد تفقدهم عقودهم.

حقيقة كنت أتمنى على المسحل لو أنه ذكر هذه الأمور أثناء تواجده على رأس الجهاز الإداري المسؤول عن المنتخبات الوطنية وليس بعد مغادرته له، ولكن هذا لا يعفيه من تهمة القصور فيما يتعلق بإيضاح مكامن الخلل في المنظومة الكروية أثناء عمله.

الأكيد أن إلغاء عقد ريكارد في هذا التوقيت وقبل استيفاء فترته الكاملة، هو خطوة نحو «ما يطلبه المشاهدون»، لتحقيق جماهيرية لدى الشارع الرياضي المتشنج بعد الخسارة الخليجية، في حين كان الأولى بمجلس إدارة اتحاد الكرة أن يبدأ عهده الجديد بخلاف ما كان عليه سابقوه، من خلال العمل على إصلاح العيوب الحقيقية في المنظومة الكروية، التي لن يستر عيبها رحيل الهولندي ريكارد أو حضور الإسباني سيرخيو.. فمتى تتبدل حركتنا الرياضية من خطوة للأمام وخطوتين للخلف.

[email protected]