عندما نظلم المتفوقين.. عمدا

TT

سبق وكتبت هذه الكلمات في «الرياضة السعودية» ولكني للأسف لم أجد أي رد فعل عليها ولا أعرف إن كان ذلك طبيعيا أم لا، لأن كرة القدم وجماهيرها وإعلامييها عالم متغير بدرجة كبيرة تبعا للنتائج والميول والأهواء، ولكني بالتأكيد لست منحازا إلى أي من الفرق السعودية ولا يهمني من سيتوج باللقب هذا الموسم، ولكني لن أخفي إعجابي بالفتح وإدارته ولاعبيه وإنجازات مدربه التونسي فتح الجبال، الذي تحمل صبرا تنوء به الجبال حتى وصل إلى صدارة الدوري دون هزيمة، وسط أمنيات (غريبة من البعض الكثير) كي يسقط هذا النادي الذي راهنوا تقريبا جميعهم على أن نفَسه سيكون قصيرا ولن يستطيع حتى البقاء في دائرة الأربعة الكبار والتأهل لدوري أبطال آسيا، الذي يبدو لي أنه الطموح المرحلي والهدف الأكبر للإدارة والمدرب وليس التتويج باللقب المحلي.

بالنسبة لي على الأقل كمحايد لن يهمني أن يتوج الفتح بقدر ما يهمني أن تستمر حكايته ومغامرته بين الكبار الذين بات واحدا منهم شاء من شاء وأبى من أبى، لأن فريقا يفوز على الهلال مرتين 2 / 1 وعلى الشباب 4 / 2 وعلى الاتحاد 2 / 1 وعلى الاتفاق بهدف ويتعادل مع النصر مرتين ومع الأهلي 3 / 3 بعد مباراة للتاريخ والذكرى ويفوز على البقية بنتائج كبيرة، هو فريق يستحق أن نرفع القبعة له. وسبق شخصيا واستضفت رئيس النادي الأخ عبد العزيز العفالق والمشرف أحمد الراشد، كل منهما في حلقة منفصلة في «صدى الملاعب»، وأيضا نجوم الفتح الذين تألقوا بشكل غير مسبوق مثل ربيع السفياني وحمدان الحمدان والأردني شادي أبو هشهش والبرازيلي إيلتون والكونجولي دوريس سالومو، وهذان الأخيران صنعا الفارق وسجلا 23 هدفا مجتمعين، نصيب سالومو منها 13 من أصل 37 هدفا سجلها الفتح في 18 مباراة، وهو ما يثبت بعد نظر المدرب والإدارة في اختيار الرجلين اللذين لعب أحدهما سابقا في النصر وها هم مشجعوه يتحسرون عليه لروعة أهدافه ودقة تمريراته وإخلاصه للشعار الذي يلعب له... بينما تميز أبو هشهش بصلابة تحركاته وسطا ودفاعا حتى بات واحدا من أبرز محترفي الدوري السعودي.

وللأسف كلما التقيت أحد الزملاء الإعلاميين أو المشجعين أفاجأ بأنه يتمنى سقوط الفتح فقط كي يثبت صوابية نظرية النفَس القصير الذي تم الحكم على الفتح مسبقا أنه من أصحاب هذا النفَس ولن يقوى نهائيا على مقارعة الكبار التقليديين، بينما أرى أننا يجب أن نشجع الفتح كي يكون نموذجا يحتذى في الوصول إلى القمة بميزانيات قليلة ولاعبين ليسوا من أصحاب الخمسة والستة ملايين يورو، ولا محليين وصلت أسعارهم إلى ثلاثين مليون ريال وبجماهير وفية على قلة أعدادها قياسا بأعداد جماهير الأندية التقليدية الكبيرة، وأتمنى على الإعلام السعودي أن يمنح الفتح ما يستحقه من احترام وتقدير ومساحة كي ننقل تجربته وتجربة غيره من المجتهدين علّ وعسى تكون دافعا للتغيير لدى التقليديين وللانطلاق لدى الطموحين.