أزرق وأصفران

TT

الخميس كنت في مدينة جدة السعودية أتابع المباراة النهائية لبطولة «جيليت لأبطال المستقبل». وسبب وجود شركة عالمية هدفها العناية بالرجال وليس اكتشاف المواهب هو الذي دعاني للوقوف عند هذه المبادرة بعدما بات واضحا أن هناك الآلاف من المواهب الكامنة في شوارع وحواري المدن السعودية لكن عيون الكشافين غائبة عنها بشكل غريب وسط حاجة ماسة للأندية والمنتخب للمدافعين والهدافين وحراس المرمى وحتى صناع اللعب..

ذلك الخميس لم يكن عاديا.. فهو الليلة التي سبقت نهائي كأس ولي العهد بين القطبين، الهلال المهيمن على البطولة في آخر خمس سنوات، والنصر الذي رشحه أكثر من 65 في المائة للتتويج عطفا على نتائجه السابقة وفوزه على الهلال في الدوري، بينما الزعيم أقال مدربه وخسر مباراتين متتاليتين في الدوري، وهو أمر استثنائي في «عُرف الزعامة».. والأكيد أن جماهير الفرق التي لم تكن أحد طرفي النهائي اختارت الوقوف مع أحد الفريقين، والغالبية اختارت الأصفر، والكلام ليس عشوائيا بل من مقابلاتي الكثيرة مع مشجعين من كل الميول، ووجدت ميولهم صفراء أكثر منها زرقاء.. وفي نفس الخميس سقط العميد بشكل «مذهل» أمام الوحدة الذي لم يحقق أي انتصار في 19 مباراة وخسر 16 منها، وكانت النتيجة أن رأس مدربه الإسباني كانيدا، المطلوب منذ زمن، قد طار كنتيجة حتمية، ليس لهذه الخسارة بل كانت الخسارة هي القشة التي قصمت ظهر الرجل الذي دخل كبطل وخرج غير مأسوف عليه.. تماما مثلما دخل اليوناني خاريستياس أرض السعودية وهو محاط بالمئات من مشجعي النصر الذي تمكن من تسجيله في زمن قياسي، وهو أمر يُحسب لإدارته ولاتحاد كرة القدم الذي ساعد في تسجيل اللاعب كبديل للمصاب أيوفي.. لكن خاريستياس الذي لعب في النهائي أضاع واحدة من ضربات الترجيح برعونة جعلت الكثيرين يتأسفون على إشراكه وهو الذي قال بلسانه إنه لم يلعب منذ ما يزيد على الستة أشهر، فإذا به في واحدة من أكبر المباريات في المنطقة وسط حضور جماهيري كبير يضغط على أعصاب أعتى اللاعبين المعتادين على مثل هذه الضغوط، فما بالكم بلاعب يظهر أمامهم للمرة الأولى ويريد أن يبرهن لهم أنه يستحق كل تلك الضجة التي أثيرت حوله، ووحده الله يعلم ماذا كان يدور في ذهن هذا الرجل الذي أخفق في التسديد، كما أخفق المصري حسني عبد ربه أفضل لاعب سابق في قارة أفريقيا، فذهب اللقب للهلال وسط دموع أنصار النصر الذين يستحقون ويستحق فريقهم ومدربهم وإدارتهم كل التحية والتقدير على التطور الكبير الذي أسهموا في وصول الأصفر العالمي إليه وسط توهان الأصفر والأسود في محيط من الخلافات والمشاحنات الداخلية.

عودة النصر لموقعه الطبيعي كمنافس هي المكسب الأول من النهائي الذي حظي ببادرة لافتة جدا من راعيه الأمير سلمان بن عبد العزيز، عندما انتقد قطع البث عن المباراة والتركيز على دخوله الملعب في لفتة غير معهودة (علنيا) من مسؤول سعودي كبير، وهي لاقت استحسان الشارع الكروي وغير الكروي على حد سواء.