تطرف.. تتميز

TT

أصبح الحديث عن نبذ التعصب الكروي من المشهد الرياضي السعودي، أسطوانة «سمجة» يرددها بعض «المهووسين» بالمثالية في الشأن الرياضي، وخصوصا بعد أن منحت شبكات التواصل الاجتماعي مثل «تويتر» و«فيس بوك» والبرامج التي على شاكلتها، آفاقا لا حدود لها لبث هذه السموم على أكبر شريحة ممكنة من المتابعين.

وبات من النادر جدا أن تجد إعلاميا أو كاتبا رياضيا يكتفي بما يقدمه في مقاله الورقي أو الإلكتروني أو برنامجه التلفزيوني، بل يحرص على امتلاك حساب اجتماعي «يغرد» به إلكترونيا في قضايا لا تسمح بها مساحة النشر في وسائل النشر التقليدية، مع ملاحظة أن هذا الحساب يزيد عدد المتابعين له بزيادة «تطرف» مالك الحساب.

أذكر هذا الأمر على خلفية السجالات العقيمة التي تتحفنا بها شبكات التواصل الاجتماعي يوميا، والتي كان آخرها تغريدة كتبها إعلامي رياضي معروف بميوله لنادي النصر السعودي، حول تذاكر مباراة نهائي ولي العهد، عن وجود «مخطط» نفذته لجنة المسابقات في اتحاد الكرة لتقديم مباراة الفيصلي والهلال على مباراة الرائد والنصر في دور نصف النهائي، ليكون اسم الهلال قبل النصر في تذاكر المباراة النهائية، مقدما في سبيل ذلك كل معلومة شاردة وواردة للإثبات صحة ادعائه.

هذه القضية التي رأيت في افتعالها من شخص محسوب على الوسط الإعلامي، محاولة لإشغال الفضاء الإلكتروني بقضية «تافهة»، رأى فيها هذا الإعلامي فرصة لجعل اسمه متداولا في المشهد الإعلامي بشكل دائم، حتى وإن كان ذلك سيؤدي إلى صب الزيت على النار بين أنصار الفريقين لزيادة تعصبهم.

الأكيد أن البريق الذي تحدثه الساحة الرياضية، بالإضافة إلى المساحات الكبيرة التي تقدمها الصحف الورقية والإلكترونية والفضائيات والإذاعات، جعلت من طرق باب العمل الإعلامي الرياضي أمرا مغريا لدى الكثيرين، خاصة أولئك الذين لم يحققوا نصيبا من النجاح خارج هذا المجال، بدليل تحول الكثير من المهتمين بالقضايا الاجتماعية إلى التخصص في الشأن الرياضي.

هذا الأمر جعل من «التطرف» وسيلة للبروز بين «الأقران»، فكلما كان الكاتب حادا في آرائه متعصبا لأفكاره، كلما زاد الطلب عليه «إلكترونيا» و«فضائيا» و«ورقيا»، وبالتالي أصبح موقعه يتحدد في طابور «البارزين» بحجم تعصبه وتطرفه.

واقع الحال يقول إن «صوت العقل» لن يكون له مكان في الساحة الرياضية مستقبلا، طالما ظلت الأوضاع على حالها، وبالتالي ينبغي على الجميع أن يبحثوا لأنفسهم عن أسلوب جديد يتطرفون به ليتميزوا عن الآخرين.

[email protected]