حواجز «التكبيل»

TT

حالما ينطلق «مشروع» مغاير، هذا يرغب في شيء وذاك في شيء مختلف، يتحدث أولئك بـ«لغة» أخرى، لا تتماشى بالضرورة مع أهدافهم، الكلمات، الجمل، الأفكار، المعاني متباينة مجفلة عن المجاملة، تجريدية مباشرة، لكم ما ترغبون ولنا ما نبغي، لا تماهي أو تقارب بين هؤلاء وأولئك. هل هو بالفعل تفويض عريض يملكه الإنسان حيث «خلق حرا».. كما قال الفاروق رضي الله عنه: «متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟».

بهذه الرؤية بدأت «المقابلة»، ومن البداية توقعنا الصدام، فهناك من يريدون التوغل والسيطرة وإحكام بقاء هيمنة ماض لن ولا ينبغي أن يعود بأي وسيلة كانت. إنهم يحتجون على ما يعتقدون أنه سيضر بمصالحهم، ثم تبدأ نغمات «الفجيعة» الساذجة تتعالى، وتنطلق عمليات القصف الصريح والمبطن، ليتوارى «أصحاب» «الحق» «الوليد» وراء عوامل «التكبيل»، حيث يريدهم الآخرون هناك بعيدا، ينظرون شزرا، ويتألمون ضررا على ما أصاب «المسيرة» الوليدة وسيصيبها من «نرجسية» سقيمة أطلت، وكنا نظنها قد انزاحت إلى حيث ألقت..!

لنستمع رويدا إلى تجاربهم، قصصهم، معارفهم، مفاهيمهم، هؤلاء الراغبون في تغيير حقيقي وإيجابي وصحيح. أهناك شيء محدد، واضح، مجرد، موفور التجربة، ساطع المدلول؟ ربما.. ولكن الآن على ما يبدو لا شيء سوى متعة عذاب النفس، وإرهاق الذات، وإرباك الكل... «همس».. «شائعات» ثم «أدوات» تتحرك، منحرفة الزوايا والأهداف، طمعا في الالتحام المباشر عن عمق وسابق ترصد، تتلوه «المقابسات» و«الشنيع»، ثم يبدأ «القصف» الممنهج، بذرائع وشعارات فارغة المضمون، ركيكة التركيب، يعلوها الخواء، ويفرح بها الضعفاء حينا، ثم تخبو في أتون السكون والصمت وزحمة الطامعين!!

نتأمل في حتمية الصدام بين «الوافدين الطامحين» و«تجار العقار»!! هل كان حتما أن يكون الاحتكاك أوله «الكلام»، ووسيلته «الشائعة»، ثم الفرز والاصطفاف، لكي تتبلور الصورة الجمعية، وتبرز أدوات مجابهة بين تصنيفات «دخيل» و«أصيل»؟ تاريخيا المقارنة صعبة. هل يمكن بالفعل أن تكون هذه هي «الدماء» الجديدة التي تأتي بهذه الأفكار المفجعة، تراوح مكانها، همها استمرار واستجرار ماض مخيف؟ زمن يمضي ولا جديد سوى الصراخ وطرح «توهمات» مغلفة بعبارات عصرية، لا تمت إلى الواقع بشيء، ولا تفيد بشيء، ويظل «الحكيم» يكرر ذاته بنفس المعالجة والترياق. والعلة ليست في المريض «الرياضي» ولكنها في كثرة «الأطباء» «الوافدين» الذين أصلوا «المريض» رهقا، في عصر أصبحت المعرفة مشرعة، غير أن الفوز بها ومن خلالها لا يكون بمنطق ومفهوم «العشيرة»!

مقاربة عقيمة، تقود إلى مزيد من الشرذمة، وقدر من التجني والتناقض! لمجرد أن هناك من قال: «لا» لمنطق بال، لا لازدواجية المفهوم، لا للشائعات والعشائرية والشللية! هي حالة كانت وما زالت يئن عبرها «المريض» جراء ثقل الضغط، وعنف المواجهة التي تستعر شيئا فشيئا، حيث «التأجيلات» و«المسكنات» التي لا تجدي كثيرا؛ لأن شعار «الجميع وللجميع» أصبح خاويا من المعنى العملي.