ملتقى سنوي!

TT

ردود فعل جماهيرية صاخبة عبر وسائل الإعلام تلح على تشخيص علة الأخضر ووصف الدواء.. آراء متباينة يصر بعضها على متغير أو أكثر كأسباب أدت إلى الصدمة الكروية السعودية الأخيرة، صدمة كما يرى بعض المتشائمين أن منتخبنا لن يفيق منها بسهولة.. طُرحت الكثير من الآراء والانطباعات عن الأخضر ومستوياته ونتائجه الأخيرة.

القضية الكروية الحالية أو مسألة سقوط الأخضر، لا يمكن اختصارها في بضعة متغيرات رغم الفوز الأخير على الصين.. إنها ليست في الإرهاق، أو المال، أو نظام الاحتراف وغياب التقييم الفني والإداري وربطه بالرواتب ومقدمات العقود؛ وليست منحصرة في طريقة وبرامج وامتداد وفعاليات الموسم الرياضي المحلي، أو التحكيم، أو توالي المشاركات الخارجية؛ ولا في اللاعبين الأجانب فحسب! المسألة ليست متجسدة في تضارب الآراء والاتهامات بين طبيب المنتخب ونظرائه في الأندية الرياضية، وهي بالتأكيد ليست مدربا أو مترجما أو لاعبا أو إداريا اجتهد! كل هذه العوامل، وغيرها، مجرد جزئيات، وتأثيراتها جزئية مرحلية، ولا ينبغي أن ينحصر الأمر في عجز مدرب، أو الإخفاق في اختيار العناصر المنتجة، المسألة ليست في الأفراد أو العلاقة العكسية بين الأندية واتحاد اللعبة وأجهزة المنتخب!

المسألة الأجدر بالتناول تتعلق بالمنهجية التي تتبناها كرة القدم السعودية.. المنهجية هي أساس نجاح أي عمل.. وواجبنا يحتم التحدث بصراحة للوصول إلى رؤى تطويرية شاملة لكرة القدم السعودية. الواقع الحالي لكرة القدم السعودية يشير إلى افتقادها منهجية ثابتة للسير بها وتطويرها في شكل استراتيجيات وخطط وبرامج محددة، فالمقاربة المنهجية هي الجسر الأمثل نحو الإنجاز!

وعندما أخفق الأخضر مؤخرا في الخليج، لافتقاده المقاربة المنهجية الصحيحة فنيا وإداريا وإعلاميا وميدانيا، ونتيجة الإعداد السيئ، والخطط العقيمة، ومحصلة موسم رياضي فاشل، وتعاقدات تشوبها الروائح، وعلاقة متردية بين اتحاد اللعبة والأندية والإعلام. عندما تخلينا عن المقاربة المنهجية فوجئنا بالسقوط المحتوم. والمعطيات تظهر تخبطات تسببت في الوصول إلى المستويات والنتائج الهزيلة للمنتخب، وهو ما ينطبق على الأندية المشاركة خارجيا. وضع منهجية لإصلاح وضع كرة القدم السعودية أضحى أكثر إلحاحا، من خلال شراكة فاعلة بين الجهات ذات العلاقة عبر مؤتمر أو ملتقى كروي سعودي سنوي تحت مظلة اتحاد اللعبة. الحلول السريعة والظرفية لن يكون لها مفعول على المدى البعيد، فمعظم دول العالم تمتلك منهجيات واضحة مبرمجة تشمل فعاليات واستعدادات ومشاركات منتخباتها وأنديتها الرياضية لسنوات قادمة، ويتم فيها الاستعانة بكل الإمكانات والعقول والخبرات الرياضية الوطنية للاتفاق على برامج محددة وملزمة.

الحل لا يمكن اختصاره في إلغاء نظام الاحتراف أو تغييره، ولا في تعديل نمط المشاركات الخارجية، أو إيقاف مهزلة اللاعب الأجنبي من ضعف المستويات ومزاحمة اللاعب السعودي.. الحل يتجذر في الاستماع بروية إلى كل الآراء والمقترحات الصادقة، والاستعانة بكل خبراتنا وعقولنا وتجاربنا؛ للوصول إلى مقاربة منهجية لتطوير كرة القدم السعودية.