شخصنة الرياضة!

TT

من الطبيعي أن يكون لكل رئيس ناد نافذ، ولديه قدرة مالية أو سلطوية، أتباعُه ومريدوه الذين يقفون معه «ظالما أو مظلوما».. ومن الطبيعي أيضا أن «ينشق» بعضهم على هذا الرئيس أو ذاك ويلتحق بركب رئيس آخر قد يكون أقوى من الأول ماديا أو «سلطويا» أو للاختلاف على مساحات «التبعية».. ولكن من غير الطبيعي أن يتحول الباطل مع الأول إلى حق مع الثاني، وأن يحاول هؤلاء «المُتعيشون» أن يوهمونا بصوابية مواقفهم وآرائهم.. في الوقت الذي يعرف فيه القاصي قبل الداني حقيقة معادن هؤلاء الناس.. وبما أننا نتحدث عن المعادن فبعضها يصدأ وبعضها يتآكل وبعضها يبقى فولاذا لا يلين ولا ينحني، وهو ما ينطبق على البشر أيضا..

ومن غير الطبيعي أن يُرهَن مستقبل ناد أو كيان بشخص، مهما كانت قيمة هذا الشخص كبيرة واستثنائية.. فالنادي الأهلي المصري الذي تأسس عام 1907، أي منذ 106 سنوات، وترأس مجلس إدارته خلال هذه الفترات 13 شخصا، لم «يُشخصن» ولاءات الأعضاء لسيادة الرئيس حتى لو كان هذا الرئيس هو صالح سليم الذي ترأس النادي مرتين، الأولى منذ 1980 حتى 1988 والثانية من 1992 وحتى وفاته 2002، أو حسن حمدي الرئيس الحالي للسنة الـ11 على التوالي..

صحيح أن لهذين الرجلين قوة ومريدين ونفوذا هائلا وصل حد قول الناس إنه لو ترشح أحدهما لرئاسة مصر لفاز بها!!.. فإنه مع هذا لم يشخصن أي إعلامي مشاكل أو إنجازات الأهلي ويربطها بشخص واحد وحيد فيصبح النادي أسير كاريزما أو كرم هذا الرئيس أو ذاك، وتتجير الصحف والأقلام للتطبيل والتزمير له حصريا حتى لو على حساب النادي نفسه..

وحتى لا يتم حصر كلامي في بلد واحد فقط (كما سيفعل هواة الصيد في المياه العكرة) فإن الكلام مقصود به وطننا العربي وحتى العالم، فهناك رؤساء قد يكونون «فلتة زمانهم»، لكنهم في البداية والنهاية مجرد أشخاص يخدمون الكيان وليس العكس، والأكيد أن نشوة السيطرة والقوة قد تدفع رئيس أي ناد للتفرد بالرأي وتفشيل الآخرين لحصر كل الاهتمام بشخصه، لكن الفارق أن الأندية في أوروبا هي ملكية خاصة، أي أن النادي «من بقية أملاك رئيسه»، بينما الأحوال مختلفة عندنا نحن العرب.. لهذا نجد أنديتنا في معظمها «حبة فوق وحبات تحت»، اللهم إلا تلك الأندية التي تعمل وتُدار بشكل مؤسساتي لا تهم فيه هوية الرئيس بقدر ما تهم شخصية النادي بشكل عام ووحدة عناصره كبارا وصغارا حتى لو من دون وجود جمعيات عمومية وحملة أسهم لهم القرار المؤثر في مصير ناديهم وطريقة إدارته..

للأسف البعض يُغيرون ولاءاتهم مثلما يغيرون ثيابهم، والمؤسف أكثر أنهم يريدون إقناعنا بأنهم محايدون (وليسوا مهايطين)، وأن قلوبهم على أنديتهم ولا يعملون لأجندات شخصية وخاصة جدا.. لكن على مين تلعبوها؟!.. فكل شيء واضح وضوح الشمس، وبقي ذكر الأسماء.