الشيف أسامة السيد: لم يستطع المطبخ العربي أن يقتحم أميركا حتى الآن
من الفنادق المصرية إلى البيت الأبيض
الاثنيـن 01 رمضـان 1427 هـ 25 سبتمبر 2006 العدد 10163
جريدة الشرق الاوسط
الصفحة: لمسات
القاهرة: منى مدكور
أكثر من ستة وعشرين عاما قضاها في تقديم أطباق لذيذة عشق صنعها وتفنن في إعدادها في العديد من الفنادق العالمية، إنه الشيف اسامة السيد الذي بدأ حياته في أحد المعاهد الفندقية بالقاهرة قبل أن يهاجر الى الولايات المتحدة ليتعلم في واحد من أشهر معاهد الطهي بها ويصل إلى العالمية ومنها إلى البيت الابيض الأمريكي.

«الشرق الاوسط» التقت بالشيف أسامة أثناء زيارته للقاهرة فتحدث عن الكثير من جوانب حياته وتفاصيل مهنته التي أوصلته الى العالمية وعرف من خلالها سمات الطهي في العديد من مطابخ العالم. يقول: «في رأيي أن أكثر المطابخ أهمية وتأثيرا على حياة أي دارس لهذا الفن هو المطبخ الفرنسي فهو من المطابخ العالمية التي لا بد لأي متخصص في عالم الطهي أن يتقنه. بالإضافة إلى أن المطبخ الفرنسي لا يعلم الطهي فقط ولكنه يعلم أيضا كيف تأكل والفرق كبير بينهما. فقد تقضي اليوم كله في إعداد وجبة واحدة تتناولها في 15دقيقة. ولهذا يهتم المطبخ الفرنسي بتعليمك أسرار الاستمتاع بتناول الطعام». ويتابع أسامة «هناك حكمة أؤمن بها في هذا الصدد تقول: «إذا لم ترغب بتعلم الطهي فتعلم على الأقل كيف تأكل» لما لهذا الامر من تأثير على وزن الانسان وصحته وحياته بشكل عام. وأعتقد أن الفرنسيين كانوا من الشعوب التي تأثرت وأثرت في الشعوب التي احتلتها فيما يتعلق بالطهي، على عكس الاحتلال الانجليزي. يذكر أن الشيف أسامة يعد ويقدم برنامج «مع أسامة أطيب» منذ ما يزيد على السنتين ووصل عدد حلقاته حتى الآن إلى 2000 حلقة تلفزيونية. والسبب في هذا النجاح كما يقول الشيف أسامة هو البساطة، فطهي الوجبات المعقدة ليست هي السبيل لنجاح أي شيف، بل هي القدرة على إرضاء الأذواق على اختلافها بأقل المواد، وفي وقت زمني قصير. الطريف أيضا أن جمهور الشيف أسامة يضم رجالا ونساء، وعن ذلك يقول: «لقد كان التحدي الأكبر بالنسبة لي، هو كيف أقنع أفراد الأسرة الواحدة من أب وأم وطفل أو طفلة من الاجتماع على شاشة واحدة أثناء عرض البرنامج، خاصة أن كثيرا من الرجال يعتبرون أن المطبخ هو شأن نسائي جدا ولا علاقة لهم به، ولكن بمرور الوقت وتبسيط العديد من طرق الطهي وفتح باب استقبال المكالمات الهاتفية على الهواء اكتشفت أن جمهوري من الرجال كبير جدا، خاصة المغتربين خارج الوطن وغير المتزوجين. ومما يدعو إلى الاستغراب أن الرجال أكثر دقة في عالم الطهي من المرأة. فهذه الاخيرة تطهو بالفطرة والخبرة، لأنها رأت من يقوم أمامها بالطهو، اما الرجل فلم يجرب هذا من قبل، لذلك تجده مهتماً جدا بكل التفاصيل حتى لو كان الأمر مجرد سلق بيضة، مثلا». الشيف أسامة ينفي ما تردده بعض السيدات عن وجود ما يعرف باسم «النفس في الأكل»، وهو ما يفسرنه بمهارة فطرية تمتاز بها بعض السيدات عن غيرهن، قائلا: «لا يوجد في عالم الطهي شيء يسمى «نفس» بل هناك خصائص الأشياء. فقد تقوم سيدتان بطهي وجبة معينة وبنفس المكونات ولكن الطعم مختلف تماما بين الوجبتين، والسبب أن أحداهما قامت بمعرفة خصائص الأشياء التي تتعامل معها، فتعلم ما هي المادة الغذائية التي من المفضل أن تضاف قبل الأخرى مثلا الملح قبل الفلفل، أو الزيت في البداية أو في النهاية وهو أمر بالتأكيد يؤثر على النكهة النهائية للطعام مع أن المكونات الغذائية واحدة تماما من حيث الجودة والكمية وطريقة الطهي، ولكن معرفة خصائص هذه المكونات الغذائية تظل هي السر الأكبر في اختلاف الطعم من وجبة إلى أخرى». ويضيف أن أكثر ما يواجه صناع الطبخ العربي هو عدم قدرتهم على التعريف بخصائص المطبخ العربي ونكهاته المميزة، إلا على النطاق الفردي المحدود، في حين نجد أن الدول الغربية مثل فرنسا وأمريكا وايطاليا واليابان تنشئ أكاديميات متخصصة في التعرف على ثقافتها الغذائية، واهم الأطعمة التقليدية التي تتميز بها .

بالنسبة للوجبات السريعة، التي كثيرا ما توصف بأنها أحد مظاهر الغزو الامريكي، يقول الشيف أسامة: «من الخطأ الاعتقاد أن الشعب الأمريكي يعيش على الوجبات السريعة، فهو قد يتناول إحدى هذه الوجبات إذا لم يكن له وقت، ولكن هذا لا يعني انه لا يتناول وجبة عشاء أو إفطار مثلا في المنزل وبشكل تقليدي تماما. وأهم ما يميز الشعب الأمريكي أنه ذواق ويحب أن يجرب أطباقا مختلفة. ولعل أمريكا من أكثر دول العالم التي يوجد بها كم هائل من المطاعم العالمية، خاصة المطبخ الفرنسي والإيطالي. وقد استطاع الأمريكيون ايضا إضفاء النكهات الخاصة بهم من خلال تطوير هذه الوجبات وإعادة تقديمها بطعم مختلف حسب الولاية التي يوجد بها هذا المطعم، مثلا البيتزا في تكساس طعمها مختلف عن البيتزا في نيويورك عنها في نيواورليانز، وهكذا. ما يؤسفني أن المطبخ العربي لم يثبت قدرته على المنافسة أو حتى الوجود بقوة على الرغم من انه مطبخ غني للغاية». وطبعا لا يكتمل الحديث مع الشيف اسامة من دون التوقف عند محطة إعداده ولائم البيت الأبيض الخاصة بحفلات التنصيب والانتخابات لثلاثة رؤساء أمريكيين وهم رونالد ريجان، جورج بوش الأب وبيل كلينتون، بالإضافة إلى مشاركته في حفلات حملة الانتخابات الأمريكية لصالح المرشح الأشرس والأقوى في وجه بوش الابن «آل جور». وعن تلك المحطة يقول: عاصرت فترة تولي الرئيس الأمريكي الراحل رونالد ريجان، حيث هاجرت إلى الولايات المتحدة الأمريكية منذ بداية الثمانينات ولقد شاركت في إعداد الولائم الضخمة التي كانت تقام على شرفه، وكذلك الأمر بالنسبة لبوش الأب، حيث كان معلمي الأول في أمريكا هو شيف الحلويات في البيت الأبيض. شاركت ايضا في حفل تنصيب الرئيس الأمريكي كلينتون رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية، ولقد شاهدتهم جميعا وجها لوجه، خاصة أنهم في مثل هذه الحفلات يتعاملون بلا تكلف وغالبا ما تكون تلك الحفلات مكان التقاء وليست مكاناً للأكل في المقام الأول. اما عن الموقف الشخصي الذي حدث لي مباشرة كان من خلال تقديمي للطبق الرئيسي للسيناتور آل جور، وكان ذلك أثناء حفل من بين سلسلة حفلات تقام لجمع التبرعات لحملته الانتخابية، وعند اقترابي منه قال لي: «لا تنس تحضير سندويتشات جبن وبعض السلطة وإعطاءهم إلى السائق حتى أستطيع الأكل في السيارة على راحتي».