أصبحت التقنيات الحديثة جزءا لا يتجزأ من التفاصيل اليومية لحياة المستخدمين في الشرق الأوسط بشكل لافت للغاية. والأمر اللافت أكثر من هذا في الواقع، في هذا العصر الغني بالتقنية الحديثة، هو أن الفروقات التي كانت سائدة بين ما هو قديم وما هو جديد، وما هو مخصص للعمل وما هو مخصص للترفيه، قد بدأت بالتلاشي. إذ ستصبح التقنية سريعا وسيلة للتخاطب مع العالم والتحاور معه بدلا من أن تكون مجرد أداة يتم استخدامها لغرض واحد محدد. ولو نظرنا إلى السلوك الشرائي للمستخدمين في منطقة الشرق الأوسط، عندما يتعلق الأمر بالتقنية الحديثة، للاحظنا أن هنالك جيلا جديدا يولد، يختلف تماما عما سبقه من الأجيال. جيلا ذكيا، يفهم التقنية تماما، ويريد المزيد منها ويتوقع الأفضل منها كل يوم. وهنا يكمن التحدي الحقيقي لصانعي التقنية في أن يكونوا بمستوى طموحات هذا الجيل وأن يكونوا قادرين على تلبية احتياجاته المتزايدة. وعلى الصعيد التقني الصرف، ما يبحث عنه الجيل الجديد من مستخدمي التقنية في الشرق الأوسط، هو الحصول على تقنيات عالية الذكاء، والأناقة، ومتطورة القدرات والإمكانات، على أن تكون سهلة الاستخدام ومعتدلة الأسعار في آن معا. لنأخذ مثالا على ذلك، شاشات البلوّر السائل المسطّحة Liquid Crystal Displays، التي درجت الصناعة على الإشارة لها بالرمزLCD بالمقارنة مع الشاشات التقليدية التي تعتمد تقنية الأشعة المهبطية، Cathode Rate Tube،CRT) ) في السابق، كان يتم استخدام هذه الشاشات الأنيقة المظهر والمتطورة التقنيات حصريا من قبل كبار الموظفين في بيئات العمل. اليوم، تطورت هذه التقنية بحيث أصبحت أسهل استخداما وأنسب تكلفة من حيث السعر، مما جعلها موجودة في مكاتب العمل وغرف النوم والجلوس في منازل المستخدمين أيضا! على أن السعر المعتدل نسبيا للشاشات المسطّحة الأنيقة يجعلها فعلا خصما لا يقهر من قبل شاشات الأشعة المهبطية كبيرة الحجم، التي لم jطرأ الكثير من التطورات التقنية الجذرية عليها منذ اكتشاف التلفاز قبل أكثر من سبعين عاما. ومع أن شاشات البلور السائل تلقى إقبالا متسارعا من قبل مستخدمي التقنية في الشرق الأوسط، إلا أن هنالك بعض القصور في فهم المواصفات الأساسية لشاشة البلور السائل مقارنة بشاشة الأشعة المهبطية. وفي ما يلي أورد ستة عوامل رئيسة ينبغي على المستخدم أن يكون ملما بها عند اقتناء شاشته الجديدة:
* الأبعاد: شاشة صندوقية8 أم صفحة رقيقة من البلور السائل؟ ولدت تقنية البلور السائل في الأساس لإتاحة تطوير شاشات مسطحة رقيقة السمك للغاية. لو نظرنا إلى مقارنة صغيرة هنا: شاشة تقليدية CRT بقياس 17 بوصة، ما هو الحيز الفيزيائي الذي ستشغله شاشة بهذا القياس فعليا على المكتب، أو في بيئة الاستخدام؟ كونها بقياس 17 بوصة، فهذا يعني أن لها عمقا، سمكh جانبيا، يبلغ 17 بوصة أيضا، ناهيك من وزنها الذي يزيد على عشر كيلوغرامات! في الاتجاه الآخر، ومع أن عمق قاعدتها يتراوح بين 9 إلى 10 بوصات (بين 22.9 و 25.4 سنتيمتر)، تبقى شاشة البلور السائل هي الفائزة من حيث الحيز، إذ لا يزيد سمكها الجانبي عن بوصتين، ووزنها الإجمالي لا يزيد على 6.6 كيلوغرام. وأعتقد، في المكتب أو في المنزل، أن شاشة البلور السائل هي الخيار الأمثل بلا منازع عندما يتعلق الأمر بالاستغلال الأمثل للحيز المكاني.
* معدّل سرعة الاستجابة الضوئية، Refresh Rate: راحة للعينين؟ تتسبب أنماط الاستجابة البطيئة للذبذبات الضوئية في الشاشات المهبطية، التي يتم قياسها بالهيرتز، بإحداث الاهتزازات المزعجة للعينين والضارة بهما. أما في شاشات البلور السائل، تنتفي الاهتزازات تماما، لأن معدّل سرعة الاستجابة الضوئية قضية ثانوية للغاية في الشاشات الجديدة.
* الألوان: عدد محدود، أم الألوان كلها؟ هنا تتفوق الشاشات المهبطية على شاشات البلور السائل، لأن الأخيرة تخضع لعدد محدود من الألوان، لا تزيد على 16.7 مليون طيف لوني، أو ما يعرف في الصناعة بتقنية 24 بت اللونية. ويكمن الفرق الأساسي بين الشاشتين في الدقة اللونية، وهو الأمر الذي تتفوق فيه الشاشات المهبطية بشكل كبير على شاشات البلّور السائل. إذ تتحكم الشاشات المهبطية باللون عبر التحكم بكثافة حزمة الإلكترونيات التي يتم قذفها على النقط الضوئية، مما يوفر عددا لا محدودا من الأطياف اللونية. أما شاشات البلور السائل، فتعتمد على المجال المغناطيسي لإحداث اللون عبر التعامل بالجزيئات الطائفة في البلور السائل، ومن هنا تأتي عدم قدرتها على توفير الدقة اللونية المطلوبة.
* زمن الاستجابة النقطية Response Time: هل السرعة مهمة؟ شاشات البلور السائل أبطأ من الشاشات المهبطية. ووفقا للحسابات الهندسية، تتراوح استجابة النقطة الضوئية في شاشات البلور السائل من 20 إلى 50 جزءا من أجزاء الثانية، بينما لا تحتاج النقطة الضوئية في الشاشات المهبطية إلى أكثر من 12 جزءا من أجزاء الثانية للاستجابة. ويظهر هذا الفرق بشكل جلي عند مشاهدة أفلام الفيديو. إذ تترك الأجسام الداكنة سريعة الحركة في الفيلم، خصوصا عندما تكون الخلفية بيضاء، أثرا شبحيا من ظلال الشكل المتحرك في شاشة البلور السائل. وهنا أنصح الذين يريدون استخدام الشاشة لمشاهدة الأفلام باقتناء شاشات التقنية المهبطية لأنها الأفضل في هذا الميدان.
* استهلاك الطاقة: التوفير في النفقات؟ تستهلك شاشة البلور السائل نصف الطاقة التي تستهلكها الشاشة المهبطية. من هنا، إذا كان المستخدم يرغب بشراء عدد كبير من الشاشات، قد يكون هذا الفرق في الاستهلاك مكلفا للغاية على المدى الطويل. علاوة على ذلك، تبعث الشاشات المهبطية بالكثير من الحرارة أثناء عملها.
* عامل التفضيل الشخصي: الأناقة؟ هنا تتفوق شاشات البلور السائل دون منازع. إذ أنها أكثر خفة، وأناقة وعملية من الشاشات المهبطية، ولا أبالغ إذ أقول أن 80 بالمائة تقريبا من المديرين في العالم اليوم يستخدمون شاشات البلور السائل في مكاتبهم. مرة أخرى أعود وأذكر كيف أن عملية تقنية صرفة، كاختيار شاشة الكومبيوتر، كانت في السابق تتم من قبل أخصائيي التقنية والمهندسين المحترفين، قد أصبحت اليوم من الأمور التي تأتي ضمن لائحة تسوق ربات البيوت ومديري الشركات على حد سواء. إنه لعصر جديد بحق!
* مدير عام شركة «بينك» الشرق الأوسط