المطالب بإعادة الملكية إلى العراق: أريد العودة إلى بغداد لخدمة شعبي

الشريف علي بن الحسين لـ«الشرق الأوسط»: بعد مقتل العائلة المالكة العراقية لجأنا إلى السفارة السعودية والملك سعود أبرق الي السفير لحمايتنا

TT

بعد انتهاء حرب تحرير الكويت قبل عشر سنوات ونصف السنة طرح مستقبل الرئيس العراقي صدام حسين ونظامه للنقاش داخل العراق وخارجه باتجاه تغييره واقامة نظام بديل. ودعا بعض العراقيين الى اعادة النظام الملكي الذي اطيح في يوليو (تموز) 1958. والتف هؤلاء حول الشريف علي بن الشريف الحسين الذي يتحدر من العائلة المالكة التي حكمت العراق بين عامي 1921 و .1958 فهو ابن الاميرة بديعة بنت الشريف علي خالة آخر ملوك العراق فيصل الثاني.

في لندن استقبلنا الشريف علي بتواضعه في شقته التي لا يمكن ان نطلق عليها تسمية «مترفة للغاية» بل هي شقة تكاد تكون اعتيادية في بناية تضم العديد من الشقق السكنية الاخرى. وما يجعل صالة الاستقبال في الشقة مميزة هي صور الملوك فيصل الاول وغازي وفيصل الثاني وخاله الامير عبد الاله الى جانب صور خالته الاميرة عالية والدة الملك فيصل الثاني ووالدته الاميرة بديعة وصورة والده الشريف الحسين بن علي. وهناك ايضا شعار المملكة العراقية السابق قبل ان يتحول العراق الى الحكم الجمهوري، والذي هو ايضا شعار «الحركة الملكية الدستورية» التي يرعاها الشريف علي بن الحسين.

* ما هو تاريخ ميلادكم واين؟

ـ انا من مواليد عام 1956 في بغداد.

* ما هي صلتكم بالعائلة العراقية المالكة؟

ـ الملك فيصل الاول، رحمه الله، ابن خالة والدي الشريف الحسين بن علي، وولي العهد الامير عبد الإله هو خالي والشريف علي هو جدي من ناحية والدي وايضا هو ابن عم الملك الحسين الاول وخال الملك فيصل الاول.اذن نحن اكثر قربا للعائلة المالكة في العراق من ناحية الاب والام، وكان جدي امير مكة كما ان والده كان اميرا لمكة سابقا في زمن الحكم العثماني وكان معينا من قبل السلطان عبد الحميد.

* هل انت الوحيد المتبقي من العائلة والاقرب للعرش في العراق؟

ـ لي شقيقان اكبر مني سنا وهما الشريف محمد والشريف عبد الله، وأنا الاصغر . وعندما فاتح مجاميع من العراقيين والدي بعد حرب الخليج الثانية عام 1991 بضرورة عودة الحكم الملكي للعراق والمطالبة بالعرش وان يرشح احد ابنائه لهذا المنصب اجتمعت العائلة ووقع الاختيار علي انا.

* من هي والدتكم؟

ـ والدتي الاميرة بديعة ، وهي ابنة الملك علي آخر ملوك الحجاز وخالة الملك فيصل الثاني وشقيقة الامير عبد الإله الذي كان وصيا على عرش العراق ووليا للعهد في ما بعد.

* عام 1958 عندما اغتيلت العائلة المالكة كان عمركم عامين، فما هي الذكريات التي سمعتها من عائلتك عن ذلك اليوم وكيف تم انقاذكم؟

ـ عندما صار الهجوم في 14 يوليو (تموز) عام 1958 على العائلة المالكة في قصر الرحاب ببغداد كنا في منزلنا في حي المنصور، قريبا من قصر الرحاب، ولم نكن مع بقية العائلة المالكة. سمعنا اولا اطلاق الرصاص والقصف على القصر، وحسب ما كان يروي والدي انه اتصل هاتفيا بالقصر وتحدث مع الملك فيصل الثاني الذي لم يكن يأخذ الامور على مبحث الجد حيث قال: المسألة بسيطة والوضع جيد وان هناك بعض الجنود لهم مطاليب ونحن نتفاوض معهم، وسأل والدي الملك فيما اذا كان بحاجة لأية مساعدة او حماية فقال الملك لا المسألة لا تتطلب ذلك. كان هذا آخر حديث بين الملك فيصل ووالدي. بعد ذلك جاء بعض الجنود الذين كانوا في قصر الرحاب الى بيتنا وهم يبكون قبل ان يخبروا والدي عن مقتل العائلة المالكة برمتها وطلبوا من والدي الهروب وانقاذ عائلته.

* وكيف تمكنتم من الفرار؟

ـ اول محاولة فكر بها والدي كانت عبور الصحراء الى الاردن ولكنه وجدها صعبة التنفيذ وقت ذاك، لهذا اخذ والدي العائلة ونمنا اول ليلة في بيت صديق له قبل ان نتوجه صباحا الى سفارة المملكة العربية السعودية ببغداد وبقينا هناك ثلاثة اسابيع في ضيافة السفير السعودي الذي كان قد تسلم برقية من الملك سعود رحمه الله وقال له ان حياتنا بمسؤوليته وطلب منه مساعدتنا، وصارت مفاوضات مع النظام الجديد بالسماح لنا بمغادرة العراق من غير ان يتعرضوا لنا وسمحوا لنا بذلك.وكان الكثير من العراقيين او حتى خارج العراق يتصورون اننا تعرضنا للقتل بسبب اختفاء اخبارنا طيلة الاسابيع الثلاثة التي امضيناها في السفارة. وهكذا نجونا بفضل الله تعالى ثم بفضل من الملك سعود.

* وهل ذهبتم الى الأردن؟

ـ لقد سمحوا لنا بالسفر الى مصر فقط وذهبنا الى هناك وبقينا شهرا واحدا لان والدي كان يخشى ان تصير وحدة بين العراق ومصر وقد نتعرض للاعتقال او التسليم للعراق او يحجز علينا في مصر. وتركنا مصر الى اوروبا ثم عدنا الى لبنان التي استقرت عائلتنا فيه.

* ألم تزر العراق في حياتك؟

ـ للاسف لم تتح لي الفرصة لتحقيق هذه الأمنية وحالتي مثل حال غالبية العراقيين الذين غادروا وطنهم وهم في انتظار العودة في يوم قريب. والآن هناك اجيال جديدة من العراقيين الذين لم تتح لهم فرصة مشاهدة بلدهم.

* وهل تشتاق للعراق؟

ـ بالتأكيد، فأنا بالرغم من اني لم اعش في العراق الا انني اعيش العراق في داخلي كل يوم، سواء من خلال العائلة او من خلال لقاءاتي مع العراقيين. واستطيع القول انني اعرف عن العراق الكثير وذلك من خلال لقاءاتي مع اطياف مختلفة من ابناء شعبنا في الخارج.

* هل تريدون العودة الى العراق كملك ام كمواطن اعتيادي؟

ـ هذا يعود لاختيار الشعب العراقي، اذا كان يريدني او يختارني كملك فسوف اكون مستعدا لخدمة شعبي وبلدي كملك، وان لم يكن هذا اختياره فسوف اعود كجندي لخدمة وطني.

* ما هي ذكريات والدتكم عن العراق؟

ـ تردد والدتي باستمرار ان العراقيين في السابق كانوا يعيشون حياة مستقرة وسعيدة، وان البساطة والصدق كانا سائدين في التعامل بين الناس، وكان هناك تقارب وثقة حتى انها عندما تصف العراق يخيل لي انها تصف بلدا آخر غير ما هو عليه الآن. وتقول ان العراقيين كانوا طموحين بأن يكون بلدهم متطورا في المستقبل لا سيما ان العراق هو اول دولة عربية دخلت عصبة الامم وفاضل الجمالي وزير الخارجية في العهد الملكي كان احد الموقعين على ميثاق الامم المتحدة. وتقول ان العراق كان دولة محترمة ومتقدمة وان العراقي عندما كان يسافر الى الخارج كان يفتخر بانه عراقي ويواجه باحترام الآخرين.

* ما هي ذكرياتها عن حياة العائلة المالكة في السابق؟

ـ كانت البساطة هي التي تسود حياتهم بحيث كان قصر الرحاب مفتوحا امام المواطنين. واذكر ان والدي قال انه تحدث مرة الى الملك فيصل الاول وقال له ان بين غرفة نومك وبين الشارع امتار قليلة وليس هناك من يحمي بوابة قصر الرحاب سوى جندي واحد فكيف تؤمن على حياتك؟ فاجابه الملك قائلا: وهل تريدني ان اخاف او احتاط من شعبي؟ وهل احتاج للحماية من الشعب العراقي؟.

* ما هو عمر والدتكم الآن؟

ـ عمرها 82 عاما وهي تتمنى زيارة العراق لكن الذكريات المحزنة والأوضاع السائدة هناك اليوم تقف حاجزا امامها.

* هل حاولت تدوين مذكراتها؟

ـ ستنتهي قريبا من كتابة مذكراتها التي ستخرج في كتاب.

* ما هو تخصصكم الدراسي؟ واين درستم؟

ـ درست في لبنان والدراسات العليا في بريطانيا وكان اختصاصي هو اقتصاد الدول النامية.

* وهل مارست عملك في الاقتصاد؟

ـ اشتغلت خلال الثمانينات في مجال الاستثمارات البنكية بعد تخرجي من الجامعة للاستفادة من الخبرة والتجربة في العمل مع الشركات الغربية ولمعرفة كيف يفكر الغربيون وكيف يعملون ويخططون لنجاح اعمالهم.

* هل حدث ان عشت قصة حب مع امرأة اوروبية خلال وجودك في لندن.

ـ كلا لم يحدث ذلك هل انت متزوج من اميرة او من احدى العوائل المالكة؟

ـ انا متزوج من سيدة من عامة الناس تتحدر عائلتها من مدينة كربلاء، التقيتها هنا في لندن، وكانت هناك معرفة سابقة بين عائلتي وعائلتها في لبنان حيث عائلتها كانت مقيمة هناك.

* كم عدد اولادك؟

ـ ثلاث بنات وولد وهم: هالة وعالية وفيصل وهبة.

* ما هي هواياتك؟

ـ هواياتي مرتبطة باهتماماتي وهي القراءة وخاصة قراءة الكتب التاريخية والاقتصادية، ولي هوايات رياضية منها ممارسة لعبة التنس والسباحة والتزحلق والمبارزة بالشيش وللاسف عندي حساسية من الخيل ولا استطيع التقرب منها وكنت اتمنى ممارسة الفروسية. اما في السنوات الاخيرة فهوايتي المفضلة هي الجلوس امام الكمبيوتر والانترنت حيث ياخذ الكثير من وقتي، وكانت واحدة من افضل هواياتي هي التصوير الفوتوغرافي الا انني لا اتوفر اليوم على الوقت لممارستها.

* وماذا عن الفنون؟

افضل مشاهدة الافلام السينمائية فانا من متابعي السينما.

* والموسيقى؟

ـ ليس عندي الكثير من الوقت لمتابعة الموسيقى واستمع لما تبثه الاذاعات.

* هل تحفظ اسماء لمطربين عراقيين؟

ـ نعم اعرف كاظم الساهر والهام المدفعي.

* انت من عائلة اصولها ملكية، فهل نشأتم مدللين؟

ـ ليس بالشكل السائد عن الدلال، انا نشأت مثلما ينشأ الفتى في اية عائلة عربية ومستوى معيشتي متوسط فنحن لسنا عائلة ثرية ولكننا والحمد لله «مرتاحون»، فهناك عوائل عربية او عراقية غنية في الاصل، ومنذ ايام الحكم الملكي في العراق كانت هناك عوائل اغنى من العائلة المالكة حتى ان القصر الملكي في بغداد كان بيتا متواضعا ولا نستطيع ان نطلق عليه تسمية قصر وخاصة قصر الرحاب الذي كان اصغر بكثير من قصر الزهور الذي عاش فيه لفترة من الزمن الملك غازي رحمه الله واغتيل فيه ايضا. نشأت مثل اي فتى عراقي اعتيادي.

* ماذا تتمنون لولدكم فيصل مستقبلا؟

ـ انا اترك له حرية الاختيار لكن اهم شيء هو ان اعلمه اهمية خدمة الاخرين وان العراقيين يحترموننا لأسباب كثيرة ولا اريده ان يعتبر هذا الاحترام تحصيل حاصل ويستغله وان لا يفضل مصالحه الشخصية على مصالح الاخرين.