الموت يغيب العصامي الذي قال عنه الملك فهد: ليت كل رجال الأعمال مثل فهد العويضة

ترك اسماً موثوقاً وثروة ضخمة و17 شركة وأكثر من 50 ولداً وبنتاً

TT

غيب الموت أمس وبصورة مفاجئة الشيخ فهد بن عبد الله بن محمد العويضة أحد أكبر وأغنى رجال الأعمال السعوديين عن عمر يناهز 74 عاماً إثر إصابته بضيق في التنفس وضعف في وظائف القلب. فقد كان الراحل مساء أول من أمس في مزرعته شمال الرياض بصحبة بعض أبنائه ومعارفه وكانت حالته الصحية طبيعية، إلا أنه وبعد ساعات من الحديث حول أعماله ومشاريعه شعر بارهاق زادت حدته بعد منتصف الليل مما اقتضى نقله فجراً إلى مستشفى الملك فهد للحرس الوطني، ولم يمهله القدر حيث داهمه أجله أمس الخميس جراء هبوط حاد في القلب.

ووفقاً لابنه علي العويضة الذي كان يتحدث لـ«الشرق الأوسط» في وقت متأخر من ليل أمس فأن والده لم يكن يعاني من أي متاعب صحية سابقة وكان يحتفظ بنشاطه وعافيته، إلى جانب متابعته لكل صغيرة وكبيرة في أعماله المتعددة. وقال: إن العارض الذي تعرض له والدي وأدى إلى وفاته حصل بصورة سريعة ومفاجئة. والعويضة المولود في مدينة بريدة بمنطقة القصيم أحد العصاميين الذي بدأ حياته بكفاح وجدية لا تتوفران إلا في القليل من رجال الأعمال البارزين. فبعد أن ترك المدينة التي ولد فيها قاصداً الرياض بدأ من لاشيء عندما أخذ يعمل في تجارة المشالح والأقمشة التي كان يحضرها من الكويت ثم يقوم ببيعها في الرياض. وواصل مسيرته الشاقة إلى أن أصبح يرأس مجموعة العويضة التي تتفرع عنها 17 شركة ومؤسسة ويعمل فيها نحو 8000 موظف. وعرف عن هذه المجموعة الضخمة العمل في المشاريع الزراعية والصناعية والتجارية والعقارية والمتاجرة بالأسهم المحلية وإن كان أبرز نشاطاتها العمل في المقاولات وخصوصا بناء وتأسيس الطرق. واشتهر الفقيد الذي كان مقرباً لدى خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز والأمير عبد الله بن عبد العزيز والأمير سلطان بن عبد العزيز بالسعي لأعمال الخير ومساعدة الفقراء والمحتاجين وبناء المساجد في مختلف مناطق البلاد مع حرصه الشديد على أن تكون مساهماته وأعماله الخيرية داخل وطنه.

ويملك العويضة المتزوج من أربع نساء ولديه أكثر من 50 ولداً وبنتاً طائرتين باعهما مؤخراً كان يتنقل بهما لخدمة مشاريعه وأعماله، وصنفت شركات المقاولات التابعة لمجموعته في الدرجة الأولى من قبل وزارة الأشغال العامة والإسكان التي نقل إختصاصها في التشكيل الوزاري الأخير إلى وزارة الشؤون البلدية والقروية، كما نالت نفس درجة التصنيف من شركة أرامكو السعودية. وسافر العويضة في رحلات عمل إلى معظم بلدان العالم ومنحت له أربع شهادات دكتوراه فخرية من جامعات أميركية وأوروبية، وجاءت مجموعته في مقدمة أكبر 100 شركة سعودية.

وأشار ابنه علي إلى أن والده قد أبلى بلاءً حسناً في حياته حتى استطاع أن يوجد اسماً تجاريا عملاقاً يتمتع بثقة ومصداقية في الداخل والخارج واستشهد بما قاله الملك فهد لوالده بعد افتتاح طريق الصمان شمال الرياض عام 1987م، الذي نفذته مجموعته «ليت كل رجال الأعمال مثل فهد العويضة» خاصةً أن ذلك الطريق قبل تنفيذه شكل تحدياً لكل شركات المقاولات بسبب وعورته ووجود كثبان رملية كثيفة فيه. وأشار إلى حادثة أخرى تعكس ما يتمتع به والده من صدق ونزاهة ورغبته إعطاء الناس حقوقهم حتى وإن غفلوا عنها : «قبل اكثر من 22 سنة اشترى والدي مزرعة من الملك خالد بن عبد العزيز ـ رحمه الله ـ الذي توفي بعد عملية البيع مما جعل الورثة ينشغلون لمدة طويلة عن تسلم قيمة المزرعة فما كان من والدي إلا أن ذهب إليهم طالباً منهم صرف الشيك وتسلم قيمته وإلا فإنه سوف يشكيهم، فما كان من الورثة وكل من عرف بهذه الواقعة إلا أن قدروا وأجلوا هذا الموقف أيما إجلال».

ولم يتمتع العويضة بأي إجازة خاصة طوال حياته فقد كان منشغلاً بمتابعة أعماله في كل أوقاته لدرجة أنه كان يستعرض ويناقش أعماله ومشاريعه في أوقات راحته وقد يحرم نفسه من النوم في سبيل ذلك. ومن واقع حرصه على مشروعية كل ما يتعلق بتجارته فقد شكل في مجموعة شركاته لجنة شرعية مكونة من الشيخ محمد الدهش والدكتور محمد الربيش كوكيلين له وللإسهام في إبداء الرأي تجاه أعماله الخيرية وتوجيهها لمن يستحقها، إضافة إلى تقديم الرأي الشرعي في المشاريع التي يريد الاقدام عليها أو تنفيذها.

ومن أهم أعمال مجموعته تنفيذ الطريق السريع الذي يربط العاصمة الرياض بمحافظة الطائف والذي تقدر مسافته بنحو 700 كيلومتر، إضافة إلى أنها نفذت المجزرة الضخمة التي أقيمت في المشاعر المقدسة (منى).

وكان الراحل الذي ليست لديه أي هوايات باستثناء عمله يحب العمل بصمت ويبتعد عن الأضواء ولا يحيط نفسه بأي هالة أو تضخيم لشخصيته، وكان يتعامل مع الأشخاص الذين يقومون بخدمته في مكتبه ومسكنه بكل تواضع ولباقة وكأنهم من أفراد أسرته.

ويصعب في كل الأحوال تقدير ثروته الكبيرة بسبب عزوفه عن تقديم أي مؤشرات لحجمها لأي جهة تهتم بكشف ثروات الأغنياء وتصنيفها بخلاف آخرين غيره يفصحون عن هذه المعلومة ولا يمانعون في تقديمها لإبراز أسمائهم وشهرة مؤسساتهم. وأفاد نجله علي بأن أكثر أخوته يعملون في شركات والدهم، وبأنه سيصلى على الفقيد بعد صلاة الجمعة اليوم في جامع العويضة بحي الواحة الكائن عند تقاطع طريق الأمير عبد الله مع شارع عثمان بن عفان.