مدير عام الآثار والمتاحف السورية : استعدنا أخيرا لوحات الفريسكو المهربة إلى كندا

قال ل «الشرق الاوسط» نسعى لحماية وتسجيل المواقع الاثرية جميعها ولدينا في سورية 6 آلاف موقع أثري!

TT

تتوالى المكتشفات الاثرية في عشرات المواقع التاريخية في سورية وهي مكتشفات تتوزع ما بين ابنية ومدن سكنية وقطع مهمة، كما تمكنت الجهات المسؤولة عن الآثار من استعادة العديد من القطع الاثرية المهربة والمسروقة من اللقى السورية في بعض دول العالم.

حول هذه القضايا الاثرية كان لـ «الشرق الأوسط» الحوار التالي مع الدكتور تمام فاكوش، مدير عام الآثار والمتاحف السورية.

* لنتحدث بداية عن اهم المكتشفات التي حصلت في المواقع الاثرية السورية هذا العام؟

ـ تتابع بعثاتنا التنقيبية العمل في 110 مواقع مختلفة في سورية والعديد من هذه البعثات لها سنين طويلة تعمل وبعضها يمتد مواسم اعمالها الى 25 سنة كالبعثة الالمانية برئاسة البروفيسور هاروك موني، التي تحتفل بمرور 25 سنة على وجودها ما بين منطقتي دير الزور والحسكة وتحديدا في منطقة تل الشيخ حمد بمنطقة الجزيرة السورية. وهناك بعثات تعمل منذ 10 إلى 15 سنة، في الساحل السوري.

وعن اهم مكتشفات هذا العام هي كثيرة، ولكن ابرزها ما اكتشف مصادفة في مدخل مدينة طرطوس الجنوبي، حيث اكتشف مدفن كلاسيكي من العصر الروماني، وذلك عندما كانت شركة عامة تشق طريقا فعثرت على اطراف الآثار، وعندها شكلنا فورا بعثة للتنقيب واوقفنا العمل في الطريق. واكتشفنا المدفن الذي هو عبارة عن صالة ابعادها 15 * 5 امتار وبعمق اربعة امتار وما زالت اعمدتها واقواسها قائمة.

ايضا اكتشفنا مدفنا في منطقة تل ايريس في مدينة جبلة وهو يعتبر اول مدفن من طرازه يكتشف على الساحل السوري ووجد فيه مجموعة رائعة من اللقى الاثرية، تدلل وتثبت وجود صلات ما بين سورية ومصر في عصر البرونز الوسيط بين 2100 ـ 1600ق.م.

كذلك في تل سيانو، بمنطقة جبلة اكتشفنا منزلا يعود الى الألف الثالث قبل الميلاد وهو دليل وجود حضارة في هذا الموقع على الساحل السوري كما اكتشفنا في مرفأ جبلة بقايا منشآت تعود لمرفأ جبلة القديم.

وفي المنطقة الداخلية من سورية كانت نتائج المسوح السورية البريطانية العاملة في شمال مدينة حمص اكتشاف مبان رائعة هي مبان دينية يمكن ان تكون معابد قديمة تعود للعصر الروماني والى عصور اقدم.

وفي منطقة القطيفة في محافظة ريف دمشق اكتشفت 367 قطعة فضية رومانية عليها صور لعدد من الاباطرة الرومان.

وفي تدمر اكتشف تمثال بالحجم الكبير لشخص تدمري وفي منطقة الصبورة على طريق دمشق ـ بيروت اكتشفنا مدفنا بيزنطيا ما زالت بقايا الجثث موجودة فيه، ومنها بقايا ملابس وحلي تقليدية واساور من الفضة والبرونز وزجاجيات وآنية فخارية كانت توضع مع المتوفين.

وفي موقع المشرفة شمال شرقي حمص اكتشف قصر يعود الى 350 ق. م. وفي تل مبطوح الشرقي اكتشفنا منشآت من الألف الثالث قبل الميلاد لمدينة دائرية، مما يدل على ان المدينة الدائرية هي حضارة سورية اصيلة وكانت هناك مدن آهلة على حدود البادية الشرقية. وفي تل سكا تتابع البعثة هناك اكتشاف القصر الملكي الذي يعود الى الالف الثاني قبل الميلاد.

* ما هو الجديد لديكم في استعادة الآثار المسروقة او المهربة؟

ـ هناك تعاون وثيق ما بين سورية وعدد من الدول لحماية آثار هذه الدول من السرقة او التهريب عبر سورية وايضا لحماية الآثار السورية من التهريب او النقل غير المشروع. والحمد لله، رغم بعض الحوادث الفردية، فإن الاجهزة المختصة اليقظة تصادر بشكل مستمر بعض القطع الاثرية التي يتداولها المواطنون ـ للاسف اعني بعض المواطنين الجاهلين. بطريقة غير مشروعة وتصادر مباشرة وتسلم الى المتاحف.

هذه القطع ليست مسروقة من متاحفنا، لان متاحفنا مؤمنة بشكل جيد، لكنها تخرج من مراكز التنقيب العشوائي، اذ يوجد في ارض سورية 6 آلاف موقع اثري، وهناك بعض المواقع غير المسجلة. اننا نبحث حاليا بوسائل حماية هذه المواقع وتسجيلها بكل الامكانيات وبالتعاون مع وزارتي السياحة والداخلية لفرز عناصر جديدة مما يسمى «الشرطة السياحية»، كما وزعنا دراجات نارية على حراسنا الجوالين.

وفي ما يتعلق بالجديد في استعادة آثارنا المهربة، استعدنا اخيرا لوحات الفريسكو التي كانت مهربة الى كندا واميركا واستعدنا كذلك عددا من الجرار التي بقيت بشكل ما في اليابان 17 سنة عن طريق مفاوضات ايجابية وقد استعدناها جميعا وفي المقابل طلبت منا اليابان على سبيل الاستعارة وليس على سبيل الهدية او الشراء ابقاء جرتين تبقيان هناك لمدة خمس او عشر سنوات لتكونا دلالة على الآثار السورية في مكتب حاكم مدينة نارا العاصمة اليابانية القديم وليصار الى مناقشة هذا الموضوع وبالتالي الموافقة عليه وفق الانظمة والقوانين النافذة.

* وما الجديد لديكم في بناء او افتتاح متاحف سورية جديدة؟

ـ لدينا في سورية راهنا 40 متحفا تتوزع ما بين المتاحف الموقعية ومتاحف المدن الكبيرة والصغيرة وما بين متاحف وطنية للآثار ومتاحف متخصصة بالتقاليد الشعبية وغيرها. ونحن بصدد توسيع متاحفنا الموجودة وانشاء متاحف جديدة منها ما اكتملت دراسته كمتحف في مدينة الرقة وآخر في اللاذقية سيباشر العمل بهما خلال الاشهر القليلة المقبلة، وهناك متحف الحسكة وهو قيد الانجاز وقد انجزنا الطابق الارضي منه والعمل يسير حاليا بوتيرة سريعة لانجازه وسنكلف قريبا الشركات المتخصصة بدراسة لاقامة متحف في ريف دمشق وآخر في مدينة القنيطرة.

ومن جهة ثانية بدأنا بتخصيص قطعة ارض في مدينة حمص لاقامة متحف جديد فيها، لأن متحفها القديم ضيق يغص بمئات القطع الاثرية التي يجب ان يستوعبها متحف جديد، ثم اننا افتتحنا في شهر سبتمبر (ايلول) الماضي متحف مدينة درعا وسيصار الى تجهيزه بخزائن واجهزة العرض ستنقل اللقى الاثرية في المنطقة الجنوبية الى هذا المتحف.