منتدى طوى الليبرالي يجد صدى واسعا بين النخبة في السعودية

المشرف: موقعنا محجوب رغم محاربته الإرهاب ومنتديات تحريضية ما زالت متروكة * الاصوليون يهاجمونه ويعتبرونه نقضا لعرى الثوابت والمنتدى يؤكد التزامه بالحرية المسؤولة

TT

بين منتدى «طوى» في الإنترنت والإسلاميين قصة وصراع مضى عليه 15 شهراً، هي العمر الفعلي لحضوره بين ساحات الحوار في السعودية.

وفي مضمون قصة الصراع أن المنتدى يضم عدداً من الأقسام المتنوعة، يأتي من بينهم القسم الرئيسي حاملاً اسم «الندوة العامة»، وشكلت هذه الندوة «صداعاً مزمناً منذ نشأتها للإسلاميين المتشددين»، حسبما يشير له مسؤول حكومي يتابعه يومياً. وبدأت القصة منذ أن بدأ المنتدى في انتشاره بين ساحات الحوار، ناهجاً شعار «الرأي والرأي الآخر»، وفاتحاً المجال أمام الجميع للتعبير وفق ما يراه كل مشارك. غير أن أحد المشاركين من التيار الإسلامي المتشدد والذي كنى لنفسه اسم «بن جرسان» يرى أن «جل ما يكتب فيه هو نقض لعرى الثوابت الدينية والوطنية لهذاالوطن»، في الوقت الذي يرد المشرف العام في اتصال مع «الشرق الأوسط»، وهو شخصية معروفة محلياً، بالقول أن طوى «منتدى حرّ ومسؤول عن تطبيق شروطه التي يأتي على رأسها عدم المساس بالذات الإلهية».

ويعتبر منتدى طوى أول ساحة حوار سعودية تتجاوز «التابو» في قضايا سياسية ودينية، ووفق ضوابط يقول عنها المشرف العام أنها «تتمسك الندوة بشروطها التي بلا شك تحترم كل وجهة نظر ما دامت تحترم أدب وأخلاق الحوار»، مستدركاً حديثه بالإشارة إلى أن المنتدى «يراعي في أن تكون حريتنا مسؤولة». المنتدى الذي يجد صدى واسعاً، وينمو باستمرار من قبل شريحة نخبوية تعنى بالثقافة والسياسة والإعلام، ويصفه محمد سعيد طيب الإصلاحي السعودي بأنه «صرح هام يتبنى مشروع الإصلاح»، يـُـتهم في منتديات اصولية أخرى بأنه جاء «لهدم الإسلام»، وأن من يشارك به ليسوا سوى «ليبراليين لا يقيمون وزناً للدين»، في حين لا يتردد المشرف العام بالاعتراف بأن هذه النظرة تجاه المنتدى موجودة ومترسخة، غير أنه يشير إلى أن هناك «من يقول بأن (طوى) يسعى للصدام مع أفكار إسلامية، وهو في الحقيقية يسعى إلى إسلام صحيح لا أفكار متطرفة، وهذا ما جعل بعض المنتديات تحاول تحريض التيار الإسلامي والرموز الدينية في السعودية من اجل الحصول على فتوى أو رأي يمكنهم من إقفال الندوة، وربما هذا ما حصل من قبل مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، حيث تم إيصال هذا الصوت وبالتالي تفاجأ الجميع بقرار حجب الندوة». من هنا، كانت خطوة مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، وهي الجهة التي تفرض الرقابة على مواقع الإنترنت في الداخل، في حجب المنتدى أمام الزوار. غير أن المشاركين من الأعضاء المسجلين (5300 عضو) وفرت لهم الإدارة طريقة آلية تعتمد على قائمة البريد الإلكتروني في إيصال الروابط المحجوبة، بعد أقل من 3 ساعات من حجبها.

ولا يؤيد (بن جرسان) الكاتب الإسلامي عملية الحجب مشيراً إلى عدم جدواها بقوله ان هناك «أموال ضخمة تصرف على هذا الحجب ومع ذلك يخترق، والأفضل أن تصرف على تثقيف الناس في الإنترنت وتحسين الخدمة».

ولا يمضي الرابط الجديد الذي توفره إدارة المنتدى سوى أيام معدودة تتراوح بين اليومين والأربعة أيام، حتى تعود لحجبه مجدداً. في وقت يشير فيه المشرف العام على المنتدى إلى أنه «في الوقت الذي كنا ننتظر أن تحجب مواقع محرضة على التكفير واستعداء الناس على بعض القيادات السياسية في الدولة والوصول إلى استباحة دماء المؤمنين الآمنين، ومع ذلك تبقى بعض المواقع مفتوحة لأشهر، وتتذّرع المدينة (مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية) بأن هذه المواقع محجوبة، في حين أن الرابط المحجوب لديهم قد توفر بديل عنه منذ شهور، دون أي تحرك مماثل للتحرك الذي يمارس مع طوى».

وحول هذه الإشارة التي ذكرها مشرف منتدى طوى، يلحظ من خلال استعراض ساحات النقاش التي تحظى بالحضور المكثف من السعوديين، أن منتدى الساحة العربية قد حجب منه موقع واحد، وهو الساحة السياسية في 11 فبراير (شباط) من العام الحالي. فتكفلت مجموعة في المنتدى في توفير رابط آخر من خلال موقع الساحة المفتوحة المرتبط به، يمكن من الدخول للموقع المحجوب، واستمر الرابط منذ ذلك التاريخ دون أي تحرك من الجهة المناط بها مراقبة الإنترنت.

ويشير (السهيمي) أحد المشاركين في طوى إلى أن في تلك المنتديات التحريضية أجواء تحرض على الإرهاب وتقدم دعماً لوجستياً للإرهاب والمتعاطفين معه، غير أنها لا تتعرض إلى مقدار ما يتعرض إليه «طوى». موضحا ، بأنه «إيماناً بحرية التعبير، فلا أدعو إلى إغلاق تلك المنتديات، بقدر ما أنبه إلى خطورتها، وإلى ضرورة التمييز بين منتدى يحارب التطرف ويدعم توجه الدولة والمجتمع في مكافحة الإرهاب، وبين منتدى آخر يمارس عكس ذلك». في «طوى» يتواجد قينان الغامدي رئيس تحرير صحيفة «الوطن» السعودية سابقاً، والكاتب في ذات الصحيفة، بصفة يومية، ويراه من أفضل المنتديات، ويقرأ فيه عدة مواضيع تعجبه، ويشير في ذلك إلى أن أسماء عدة تعجبه، إن كانت صريحة أو افتراضية، أملاً بأن «ينوء المنتدى بنفسه عن ما تقع به منتديات أخرى، مثل أن تأتي أسماء مستعارة للإساءة لأسماء معلومة»، داعياً القائمين على المنتدى الى «المحاولة لمنع الشتائم أو الشائعة لأنها لا تخدم الفكر العام، وهو بحاجة لمزيد من الضوابط، لأن الحرية لا تعني الشتم والانتقاص من عقائد الآخرين»، معتقداً بأن المنتدى باستطاعته مراقبة الأمور، ليكون منتدى للفكر الحر، بعيداً عن التصفيات، ويشجع ذوي الفكر الحر على النقاش والمشاركة بأسماء صريحة، ومع ذلك فإيجابياته تطغى وتغطي السلبيات المحدودة فيه».

على الطرف الآخر يرى «نيتشه»، وهو اسم اختاره أحد الأعضاء للمشاركة في المنتدى، وجوب الوعي «بأننا كلنا نعد في (سنة أولى حرية) ومثل هذه الظواهر المتطرفة من تجاوزات في المنتدى يجب أن تكون مفهومة». غير أنه يؤمن بأن المسألة هي «مسألة وقت وتجربة ونضج، نحن الآن كالطفل الذي يتعلم المشي، يسقط ثم يقف، لكن أثق بأننا سنتعلم من تجاربنا وأخطائنا، ومع الوقت سنكون أكثر وعياً وأكثر تقديرا لمعنى الحرية ولخطورة ما نقول، يجب أن، نراهن على الوقت، فهو من سينضج هذه التجارب وهذه الأقلام».

وينظم المنتدى بين فترة وأخرى حوارات مفتوحة مع شخصيات إعلامية وثقافية ودينية، فكان أن أجريت حوارات مع الدكتور تركي الحمد، المفكر السعودي، والشيخ حسن فرحان المالكي، الباحث في القضايا الإسلامية، وجمال خاشقجي رئيس تحرير صحيفة «الوطن» سابقاً، ومحمد سعيد طيب، الإصلاحي السياسي في السعودية، والدكتور محمد غانم الرميحي، المفكر الكويتي، والدكتور محمد شحرور، الباحث في القضايا الإسلامية، والشيخ عبد العزيز القاسم، الإصلاحي الإسلامي في السعودية، وعدة شخصيات أخرى.

ويشير في ذلك المشرف العام إلى أن «الندوة» أصبحت «مقروءة من كافة الشرائح ونجدها، أو ردود فعل على موضوعاتها في مجالس النخب والعامة، وهذا ما يجعلنا أكثر حرصاً على أن تتمسك الندوة بشروطها التي بلا شك تحترم كل وجهة نظر ما دامت تحترم أدب وأخلاق الحوار».