عقد مجلس الامة الكويتي امس جلسة ساخنة، بدأت علنية ثم تحولت الى سرية ثم عادت علنية مجددا، بعد ان سحبت الحكومة طلبها مناقشة الاقتراح بقانون بشأن كادر المهندسين في جلسة سرية. وكان رئيس مجلس الامة الكويتي جاسم الخرافي قد اعلن في بداية الجلسة عن تحويلها الى سرية بناء لطلب الحكومة، الا ان المجلس وافق بعد ذلك على اقتراح تقدم به بعض الاعضاء يقضي بابقاء الموضوع مدرجا على جدول الاعمال على ان تقدم اللجنة المالية والاقتصادية البرلمانية تقريرا في شأنه في فترة لا تتجاوز الشهر. وقد طرح الاقتراح على التصويت ففاز باغلبية 36 من اصل 58 عضوا، فتقرر في ضوء ذلك ان تكون الجلسة علنية.
وأعلن رئيس مجلس الوزراء الكويتي الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح ان الحكومة قررت الاحتكام الى المحكمة الدستورية فيما يتعلق بموضوع الاسئلة البرلمانية، نافيا في الوقت نفسه أن تشكل هذه الاسئلة التي يوجهها النواب للحكومة مصدر ازعاج لها.
وفي رده على سؤال حول ما يراه النواب بأن من حقهم الحصول على اجابات عن أسئلتهم، قال الشيخ صباح «ان النواب يقولون ان لهم حقا ونحن نقول ان لنا حقا وكل يتمسك برأيه الى ان تحكم المحكمة الدستورية في الموضوع». واضاف ان «هذا الموضوع ليس محل خلاف بين الطرفين بقدر كونه خلافا حول التفسير».
وفي رده على سؤال آخر حول ما اذا قامت الحكومة بترتيب اجهزتها الاقتصادية ومدى استفادتها من الوضع الأمني شبه المستقر في المنطقة، قال الشيخ صباح «ان هذا الأمر توضحه أحوال ومؤشرات سوق الكويت للأوراق المالية (البورصة)». واعرب عن الأمل في ان يكون الوضع الاقتصادي «في المستقبل أفضل من الحاضر». وأكد الشيخ صباح مجددا استمرار الحكومة بالوفاء بوعدها بشأن منح تسهيلات لمن يعدل وضعه من فئة غير محددي الجنسية (البدون) وقال «نحن مستمرون وسنفي بوعدنا».
وكانت الجلسة قد بدأت بطلب من الشيخ صباح باحالة الاقتراح بقانون بشأن كادر المهندسين الى اللجنة الحكومية المختصة لمزيد من الدراسة، الا ان الطلب سقط بعد التصويت عليه وحصوله على موافقة 13 عضوا فقط.
وحسب ما قاله الشيخ صباح فان اقرار كادرالمهندسين يعني السماح للتخصصات الاخرى باقرار كوادر مماثلة «الامر الذي يخل بمبدأ التكويت في القطاع الخاص».
وشهد المجلس ايضا نقاشا ساخنا جدا فيما يتعلق بموضوع السياسة التعليمية وتعديل المناهج، وهو ما لمحت له الكتلة الاسلامية (14 نائبا) عندما اكدت انها ستفعل ادواتها الدستورية ضد وزيرالتربية والتعليم الدكتور رشيد الحمد اذا «ما انساق وراء الدعوات التي تشير الى ان المناهج التربوية الحالية تؤدي الى الارهاب». وشددت الكتلة في تصريح على لسان منسقها العام النائب فيصل المسلم على رفضها «التخفيف من الجرعة الاسلامية في روح المناهج التربوية».
وكان وزير التربية الذي عرض امس الاستراتيجية الجديدة للتعليم تمهيدا لمناقشتها بشكل موسع في مجلس الامة اليوم قد اكد ان وزارته تقوم بمراجعة الكتب المدرسية وحذف كل ما من شأنه التشجيع على التطرف الديني لمواكبة التغيرات الحاصلة في العالم وتشجيع مبدأ التسامح واحترام الاديان. ورفض الحمد الدعوات الى الغاء حصص الموسيقى، معتبرا «ان هذا المنهج يعبر عن الفن والتراث ولا يسيء لديننا وعاداتنا».
أما فيما يتعلق بموضوع اليمن، والسؤال الذي تقدم به النائب مسلم البراك حول حقيقة ما نقل عن لسان الرئيس اليمني علي عبد الله صالح بأنه نصح الرئيس العراقي السابق صدام حسين بغزو الكويت مجددا قبل الحرب الاخيرة، فقد رد وزير الخارجية الكويتي محمد الصباح على ذلك بالقول ان الاتصالات التي اجرتها الوزارة في هذا الشأن خلصت الى نتيجة مفادها بأن هذه المعلومة لا اساس لها من الصحة، الا ان البراك لم يقتنع بالرد وطلب من الوزير كشف جميع الملابسات المتعلقة بهذه القضية لينتهي الامر.
الى ذلك، ارجأ المجلس امس التصويت في مداولة ثانية على مشروع القانون المتعلق بالسماح للبنوك الاجنبية بفتح فروع لها في الكويت الى جلسة مقبلة لمزيد من الدراسة وذلك بناء على طلب الحكومة التي طلبت احالة المشروع الى لجنة الشؤون المالية والاقتصادية لمزيد من الدراسة.
وكان عدد من النواب قد تقدموا بتعديلات على مشروع القانون تقضي بالزام البنوك الاجنبية التي ترغب بفتح فروع لها في الكويت ان تتعامل وفق احكام الشريعة الاسلامية، وابدت الحكومة تحفظها على التعديل المقترح من قبل بعض النواب حيث اوضحت على لسان رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح انها «لا تمنع اي بنك بالتعامل وفق احكام الشريعة الاسلامية.. الا اننا لا نريد ان نضع شروطا وقيودا على البنوك الاجنبية». وقال الشيخ صباح «لا نريد ان نطرد الاستثمار الاجنبي من هذا البلد.. فهذا امر خطير».
من جانبه، اوضح وزير الخارجية الشيخ محمد صباح السالم الصباح ان لهذا القانون «اهمية خاصة» لا سيما ان الكويت ملتزمة باتفاقيات خليجية ودولية تقضي بالتعاون الاقتصادي والانفتاح الاستثماري بين الكويت والدول الاخرى، وتمنى الشيخ محمد عدم وضع قيود او شروط على المصارف الخليجية التي تريد ان تفتح فروعا لها في الكويت»، مؤكدا «ان التعديلات المقترحة من بعض النواب لا تنسجم مع الاتفاقية الخليجية». وتباينت آراء النواب بشأن التعديلات المقترحة على مشروع القانون لا سيما التعديلات المتعلقة بوضع شرط التعامل باحكام الشريعة الاسلامية على البنوك الاجنبية الراغبة بفتح فروع لها في البلاد. وقال النواب المؤيدون لشرط التعامل باحكام الشريعة الاسلامية ان هناك توجها عالميا للتوسع بالمصارف التي تتعامل وفق احكام الشريعة الاسلامية وان وضع هذا الشرط هو تعزيز لقوة هذه المصارف، الا ان النواب المعارضين لهذه التعديلات اكدوا ان هذا التوجه لا يتماشى مع الاتفاقيات الاقتصادية والاستثمارية التي وقعتها الكويت مع الدول والمنظمات الاخرى، مشددين على ضرورة التفكير بشكل منطقي لا سيما في ما يتعلق بمصالح الكويت الاقتصادية. واكدوا ايضا ضرورة فتح المجال للبنوك الاجنبية لتفتح فروعا لها في البلاد، معللين هذه الخطوة بانها تساعد على تنشيط الاقتصاد الكويتي وتخلق تنافسا بين البنوك.
من جانبه، قال وزير المالية محمود النوري ان وضع شرط او قيد على البنوك الاجنبية «لا يفتح المجال للمنافسة في السوق الكويتية»، موضحا ان «المنافسة تحددها قوى السوق». واضاف ان الحكومة تشجع العمل المصرفي الاسلامي «بدليل اقرار قانون البنوك الاسلامية».
واوضح انه في المستقبل ستكون هناك ثلاثة بنوك تتعامل وفق احكام الشريعة الاسلامية في الكويت، مشيرا الى وجود بنك اسلامي حاليا «وهو بيت التمويل الكويتي» وبنك تقليدي آخر سيتحول بالكامل الى بنك اسلامي، اضافة الى بنك جديد سيتم انشاؤه برأس مال 75 مليون دينار كويتي.