المعلومات بشأن اطلاق سراح سعدون حمادي تتضارب بين «تشابه في الأسماء» وتأكيد عودته إلى المنزل

الناطق باسم قوات التحالف يرجح وقوع خطأ ورئيس مجلس الحكم ينتقد الخطوة التي «تمت من وراء الظهر»

TT

تضاربت المعلومات امس بشأن اطلاق سراح سعدون حمادي رئيس المجلس الوطني العراقي السابق، فبينما اعرب مسؤولون عسكريون اميركيون وعراقيون عن استغرابهم للنبأ ورجحوا ان يكون في الأمر خطأ ما، من قبيل التشابه في الأسماء، قال شهود عيان ان حمادي الذي امضى تسعة اشهر في الاعتقال، عاد الى منزله بسيارة تاكسي وقد بدا عليه الانهاك.

وقال الجنرال مارك كنت المتحدث الرسمي باسم سلطة التحالف في مؤتمر صحافي عقده في قصر المؤتمرات في بغداد امس انه ليست لديه اية معلومات بشأن اطلاق سراح حمادي، واشار الى انه ربما كان هناك تشابه في الأسماء، وأضاف «سنجري تحقيقا لنتأكد من ذلك».

ونفى غازي الياور عضو مجلس الحكم وعضو اللجنة الأمنية لـ«الشرق الأوسط» علمه باطلاق سراح حمادي، وقال انه من المحرج ان تقوم قوات التحالف باطلاق سراح شخصية مثل حمادي من دون علم مجلس الحكم. وقال ان حمادي مطلوب من قبل العراقيين، ويجب احالته الى المحكمة وليس اطلاق سراحه.

واعرب حسين علي كمال وكيل وزارة الداخلية للشؤون الأمنية والشرطة عن استغرابه للنبأ، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «لا علم لي بالموضوع.. اسألوا سلطة التحالف». في المقابل، اكد شهود عيان امس ان القوات الاميركية أطلقت سراح حمادي الذي يعد احد ابرز معاوني الرئيس المخلوع صدام حسين، وانه استقبل عددا من اقاربه الذين جاءوا لتهنئته.

وقال غسان حمادي، ابن سعدون، للصحافيين «اطلقوا سراح أبي الذي يرتاح حاليا في المنزل» الواقع في حي القادسية ببغداد. واضاف «لم توجه له اي تهمة، لقد اعتقلوه فقط لانه كان من النظام السابق»، موضحا ان اباه «مرهق». وقال «عومل باحترام لكن ظروف الاعتقال كانت سيئة جدا».

واكد حارس منزله جاسم علاوي «لقد عاد الى منزله بعد ظهر السبت الماضي الساعة الثانية بعد الظهر (بالتوقيت المحلي) في سيارة اجرة وكانت علامات التعب بادية عليه».

واوضح احد اقاربه الذي طلب عدم كشف هويته «فوجئت حقا عندما رأيته. انه بخير وفي صحة جيدة» مضيفا انه «تنقل في ثلاثة سجون هي ابو غريب (في بغداد) وام قصر (في البصرة) و(في سجن) مطار بغداد». واكد ان حمادي «قال لنا انه عومل بطريقة جيدة من العراقيين والقوات الاميركية، وروى لنا انه لم يوضع ابدا في عزلة لكنه كان مع سجناء الحق العام».

وكان حمادي المتحدر من مدينة كربلاء والاب لخمسة ابناء، قد اعتقل في التاسع والعشرين من مايو (ايار) في منزله ببغداد. وقال احد اقاربه «ان القوات الاميركية قالت لنا انها توقفه لثلاثة ايام لاستجوابه لكن انقطعت اخباره بعد ذلك». واضاف «المعلومات الوحيدة التي تلقيناها كانت من مساجين الحق العام المفرج عنهم والذين التقوه في السجن، حتى انه لم يتلق الرسالة والكيس الذي كان يزن ثلاثة كلغ من الثياب التي اعطيناها للصليب الاحمر ليسلمها له».

واوضح الحارس «جاء اقاربه واصدقاؤه السبت والاحد يهنئونه فذبحنا خروفا» بالمناسبة.

وكانت قوات التحالف قد افرجت عن اثنين اخرين من النظام السابق حتى الان هما وزير الصحة السابق أوميد مدحت مبارك في السابع من يونيو (حزيران) بعد اعتقاله اكثر من شهر، ووزير الاعلام السابق محمد سعيد الصحاف الذي سلم نفسه للقوات الاميركية قبل ان يفرج عنه في نهاية يونيو.

ولكن لم يفرج حتى الان عن اي من اعيان النظام السابق الواردة اسماؤهم على لائحة الخمسة والخمسين المطلوبين والذين اعتقلتهم القوات الاميركية.

ونزلت انباء اطلاق سراح حمادي، نزول الصاعقة على اعضاء مجلس الحكم الذين ابدوا بمعظمهم عن استغرابهم من الخطوة الاميركية، وانقسموا بين مصدق ومكذب للخبر، حتى ان احدهم قال «ان وكالة الصحافة الفرنسية (التي كانت اول من تناقل الخبر) نقلت انباء خاطئة عدة مرات في السابق، فلم لا يكون هذا الخبر كذلك؟».

ولاحظت «الشرق الأوسط» اجواء ذهول بين عدد من اعضاء مجلس الحكم الذين تلقى قسم منهم الخبر من مراسلنا في بغداد نقلا عن شاشة قناة «الجزيرة» بعد خروجهم من قاعة الاجتماعات.

وفي اول رد فعل حول الموضوع قال الدكتور محسن عبد الحميد رئيس الدورة الحالية للمجلس في رده على سؤال من «الشرق الأوسط» فيما اذا كان المجلس قد احيط علما بهذه الخطوة مسبقا «نحن في مجلس الحكم ناقشنا هذا الموضوع اكثر من مرة وقلنا للادارة المدنية لقوات الاحتلال اننا لا نرضى ان يطلق سراح اي من المسؤولين الرئيسيين في العهد السابق الا بعد محاكمة عادلة، لان للشعب العراقي حقوقا على رقاب هؤلاء، ونحن نرفض اطلاق سراح اي منهم الا بعد ان يثبت القضاء انه لم يرتكب جريمة بحق الشعب العراقي».

وسألته «الشرق الأوسط» عما اذا كان يقصد ان هذه الخطوة جرت من وراء ظهر مجلس الحكم، قال عبد الحميد «نعم لم نكن على علم بذلك. ولا يجوز هذا الامر فنحن قلنا لهم اذا جرى التفكير بهذه الامور فيجب ان تعلمونا».

سألناه «الانباء تقول ان الجيش الاميركي اطلق سراحه اليوم، فهل تطالبون باعادة اعتقاله من قبل الشرطة العراقية مثلا؟»، واجاب «لا شك، اي شخص من هؤلاء يطلق سراحه سوف نطالب باعادة اعتقاله لان القضاء هو الذي يجب ان يفصل».

وقال احد اعضاء مجلس الحكم «ان حمادي كان احد مؤسسي حزب البعث في العراق، وكان احد اركان النظام السابق الذي غطى على جميع جرائمه بحق الشعب العراقي بقوانينه الجائرة التي كان يرفع حمادي يده للموافقة عليها ويمررها داخل ما يسمى بالمجلس الوطني بالترهيب في معظم الاحيان، فكيف يمكن اطلاق سراحه هكذا من دون محاكمة عراقية؟».

واعرب عضو كردي في المجلس رفض الكشف عن اسمه عن استيائه الشديد واستنكاره لهذه الخطوة التي جرت من وراء ظهر المجلس قائلا «يبدو ان الاميركيين يعاملوننا كـ«دمى مصطنعة» والا كيف يجب اتخاذ هذه الخطوة التي تعد سابقة خطيرة ولا تتطابق مع ما يعلنونه من رغبتهم باعادة السيادة الى العراقيين، هذه الخطوة جرت من دون علمنا نحن الذين يفترض اننا نمثل اكثرية العراقيين».

على صعيد آخر، قال مسؤول عراقي ان مجلس الحكم طلب من العرب في مستهل اجتماع عن حقوق الانسان امس المساعدة في محاكمة مسؤولين في نظام الرئيس السابق صدام حسين.

وقال سرور نجيب رئيس الوفد العراقي الى اجتماع اللجنة العربية الدائمة لحقوق الانسان المنعقد بمقر الجامعة العربية في القاهرة ان الوفد «يطلب من الجامعة العربية والدول العربية المساعدة الفنية والمساندة السياسية لمحاكمة مسؤولي النظام السابق في محاكم عراقية وتطبيقا لقوانين عراقية».

وأضاف نجيب وهو مدير ادارة حقوق الانسان بوزارة الخارجية العراقية أن العراق طلب المساعدة أيضا في مجال اقامة «مؤسسات عراقية حرة وديمقراطية تحترم حقوق الانسان». وقال للصحافيين «الوفد قدم مذكرة أعدتها وزارة حقوق الانسان العراقية بالانتهاكات المنظمة والواسعة النطاق لحقوق الانسان من قبل النظام السابق في العراق».

وقال نجيب «المذكرة العراقية تضمنت انتهاكات حقوق الانسان في ظل نظام صدام حسين وشملت اعدام مواطنين بعد محاكمات قصيرة وقمع حرية الرأي والفكر والتعبير». وأضاف أن الوفد العراقي عرض على وفود الدول الاعضاء في الجامعة العربية ومنظمات غير حكومية معنية بحقوق الانسان «فيلما وثائقيا لبعض الانتهاكات ضد الشعب العراقي بجميع فئاته».