الأصوليون يصححون معلومات المباحث الأميركية عن شخصيتي سيف العدل القائد العسكري لـ"القاعدة" والعقيد مكاوي

مكاوي وصف عمليات بن لادن بـ"حرب المعيز" واتهم الظواهري بالعمالة وتلقي أموال من الإيرانيين

TT

فض اصوليون في لندن الاشتباك القائم على موقع المباحث الأميركية (إف.بي.آي) حول شخصية سيف العدل القائد العسكري لـ"القاعدة" الذي رصدت السلطات الأميركية 25 مليون دولار لمن يرشد عن مكان وجوده، وعقيد الصاعقة المصري محمد ابراهيم مكاوي الذي تقول السلطات الأميركية ايضا في مواقعها الأمنية انه سيف العدل. وصحح المرصد الاسلامي "في لندن للمرة الأولى امس التضارب حول شخصية سيف العدل، وبث الصورة الحقيقية لعقيد الصاعقة المصري مكاوي وكنيته (أبو المنذر)".

واشار ياسر السري مدير "المرصد الاسلامي" وهو هيئة حقوقية تتخذ من لندن مقرا لها، "انهما شخصان مختلفان تماما، والرابط الوحيد بينهما انهما ضابطان سابقان بالجيش المصري". وقال السري ان سيف العدل متزوج من مصرية وهي ابنة القيادي الجهادي أبو الوليد من قدامى المجاهدين العرب في أفغانستان، فيما ان العقيد مكاوي متزوج من سيدة باكستانية.

وافاد ان استمرار وضع بيانات محمد مكاوي على اساس انها معلومات عن سيف العدل عملية تضليل اعلامي وجهل او تعمد مقصود من قبل الأميركيين.

وقال المطلوب جمع مزيد من المعلومات عن المطلوبين من قبل المباحث الأميركية وعدم الخلط بينهم على اساس الكنى او تشابه المهنة. ووصف ما فعلته المباحث الأميركية بأنه سقطة معلوماتية مكشوفة.

وأقر السري ان مكاوي (أبو المنذر) الضابط المصري قبل ان يتم كشفه وتنتهي خدمته من الجيش المصري، كان يتولى قوة خاصة لمكافحة الارهاب في وحدات تابعة لقوات الصاعقة المصرية.

ويكشف الاصوليون انه بعد اعتقال العقيد مكاوي ومحاكمته وتسريحه من الخدمة، اتصل به تنظيم "الجهاد" واستدعاه الى باكستان، لكنه اختلف معهم بشده، وشن حملة من الانتقادات ضد زعيم "الجهاد" أيمن الظواهري، الحليف الأول لابن لادن، واتهمه بالعمالة وتلقي اموال من الايرانيين، والايقاع بعناصر التنظيم في عمليات فاشلة وغير مدروسة.

ويشير الاصوليون الى ان العقيد مكاوي شارك في العمليات مع بن لادن ضد الروس لفترة قصيرة في منطقة جلال آباد، وفى معركة مطار خوست، عندما رأى الفوضى ضاربة اطنابها بين العرب والأفغان، اطلق اصطلاحه الشهير لوصف تلك الحرب فقال "هذه حرب المعيز" وهو مثل مصري يضرب للأشياء العتيقة جداً فيقال: انها من أيام حرب المعيز. وكان أبو المنذر العقيد مكاوي يحس انه بسبب خبراته العسكرية متميز عن كثير من قيادات "الأفغان العرب" الذين كان يعتبرهم جيلا من الهواة.

وفشل أبو المنذر في التكيف مع "حرب المعيز" تركها وعاد الى بيشاور. واستمر في حالة توتر وصدام مع الاجواء العربية وفقدان تام للثقة في الأفغان، حتى انتهت الحرب ضد الروس.

واكد الاصوليون في لندن ان مكاوي له أصول سعودية، فأبوه كان ابناً لمطوف للحجيج قبل ان ينتقل إلى مصر في الثلاثينات، حيث تزوج في كفر الشيخ وأنجب ثلاثة ذكور وفتاة، كان أحدهم محمد مكاوي بينما تزوجت أخته من سعودي وسافرت معه.

وتكشف مذكرات اصوليين يعرفان سيف العدل ومكاوي عن قرب، ان الأول ضابط في سلاح المظلات والثاني عقيد سابق في سلاح الصاعقة المصري.

ويقول الصحافي المصري مصطفى حامد، أحد المقربين من بن لادن الذي يعرف باسم أبو الوليد، وهو من قدامى المجاهدين العرب في أفغانستان، وهو ايضا صهر سيف العدل في مذكراته التي تعرف باسم "ثرثرة فوق سطح العالم"، ان مكاوي من مواليد بداية الخمسينيات، وزوج ابنته سيف العدل وكنيته "المدني" من مواليد بداية الستينيات. وعمل مصطفى حامد أبو الوليد مشرفا عاما على نسخة مجلة الامارة الاسلامية في أفغانستان الصادرة باسم حركة طالبان المخلوعة حتى سقوطها بفعل الضربات الأميركية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2001 .

وقال الاصولي المصري السري الصادر ضده حكمان غيابيان من مصر بالاعدام والسجن المؤبد ان مكاوي حصل على شهادة الثانوية العامة، والتحق بصفوف الكلية الحربية وتخرج في وقت مبكر مثل غيره عام 1972، بسبب دواعي حرب 1973، وعمل ملازماً تحت الاختبار في سلاح المشاة، ثم تلقى تدريبات "صاعقة" نظراً لما يتمتع به من مؤهلات بدنية، أهلته بعد ذلك للترقي لرتبة عقيد في سلاح الصاعقة المصري.

وكشف السري ان العقيد مكاوي كان يسكن فوق شقة اللواء الراحل زكي بدر وزير الداخلية المصري الأسبق في عمارة بشارع صلاح الدين بميدان الجامع بمصر الجديدة.

وبينما كان اللواء الراحل بدر عائداً من محافظة أسيوط الى القاهرة، حيث يسكن في شارع صلاح الدين في حي مصر الجديدة، كانت اجهزة الأمن تقوم باجراءات أمنية معتادة لفحص سيرة وتاريخ جيران الوزير، حماية له ولأمنه، وفي الوقت نفسه، قد قدم "عرض ودي الى مكاوي" ان يترك شقته، لحاجة الوزير لها، لكن مكاوي لم يكن من الحصافة بحيث يقبل، ويخرج من المكان رغم انه عرض عليه توفير شقة بديلة متصوراً ان سيرته الكاملة لن تكشف.

ويقول الاصوليون: "كان مكاوي ذا ميول اسلامية ولم يتم الوصول الى أي معلومات في شأنه، الى ان جرى فحص كل ملفاته بمقتضى ضرورات فرضتها الصدفة، وحينها تبين لأجهزة الأمن حقيقة ميوله فتم اعتقاله بعد ذلك بعام وبالتحديد في مايو (ايار) عام 1987".

في البداية، واجه مكاوي اتهاماً في القضية الرقم 401 لعام 1987 حصر أمن دولة عليا، غير انه لم يثبت عليه بدليل قاطع التورط فيها، فأفرج عنه، ثم ألقي القبض عليه مجدداً في يوليو (تموز) 1987 على ذمة القضية نفسها، وافرج عنه مجدداً في نوفمبر1987 لعدم ثبوت الأدلة. وبناء على هذا أحيل مكاوي على التقاعد من وظيفته الأساسية كضابط في القوات المسلحة المصرية.

وعقب افلات مكاوي من الاعتقال، وعدم ثبوت الادلة ضده، قام في يوليو 1988 برفع قضية ضد وزارة الداخلية واللواء بدر، مطالبا بتعويض قدره مليون جنيه، لأنه كما يقول اعتقل من دون وجه حق، وفي الوقت نفسه كان يقوم بتصفية املاكه في مصر ومنها غادر إلى السعودية، وعن طريق احدى مؤسسات الاغاثة الاسلامية سافر الى بيشاور، حيث صار اسمه الحركي (أبو المنذر).

ويقول الصحافي المصري أبو الوليد في مذكراته الموجودة لدى بعض الاصوليين في بريطانيا والتي تحمل اسم "ثرثرة فوق سطح العالم" في عام 1989، التقى مكاوي علي أبو السعود، المصري الذي عمل من قبل رقيباً في القوات الخاصة الأميركية، وعبد العزيز الجمل الضابط المصري الذي سلمته اليمن اخيرا الى مصر والمحكوم عليه بالاعدام في قضية "العائدون من ألبانيا". وبعدها بدأ يبرز دور مكاوي في العمليات التي كان يقوم بها الأفغان المصريون مع الأفغان العرب ضد قوات الاتحاد السوفياتي السابق.

وبعد الانسحاب السوفياتي، انتقل مكاوي الى اسلام أباد، وتزوج من باكستانية، لكن صدر أمر بترحيله عام 1992، في اطار التعاون الأمني مع باكستان. فاختفى ولم يظهر الا في بعض مقابلات صحافية اجراها عام 1993 وبعد ذلك اختفى نهائياً من الساحة الجهادية.

وكان العقيد مكاوي على علاقة بالرائد عصام القمري، أحد رموز قضية تنظيم الجهاد عام 1981 وحكم عليه بالسجن في هذه القضية لمدة 15 عاما، الا انه قتل في محاولة لهروبه عام 1987، وكانت اجهزة الأمن المصرية قد اكتشفت عام 1987 تنظيما عسكريا يضم عددا كبيرا من ضباط الجيش من رتبة ملازم وحتى رتبة عميد، وانهم على صلة بعصام القمري من خلال شقيق زوجته النقيب عبد العزيز سلام، وكان مكاوي احد اعضاء هذا التنظيم، كما كان يحمل رتبة عقيد.

أما عن سيف العدل فهو (ضابط مصري) يعتبر المسؤول العسكري لـ"القاعدة" وحسب رواية الكثير من الاصوليين، هو ضابط سابق في الجيش المصري وهو المسؤول العسكري الحالي لـ"القاعدة". ويستخدم سيف العدل كنية "المدني" في تعامله مع اعضاء وقيادات "القاعدة" وكان سيف العدل قد ادين غيابيا في الولايات المتحدة بتهمة القتل والتآمر لقتل اميركيين وتدمير مبان وعقارات أميركية، فيما يتعلق بنسف السفارتين الأميركيتين في نيروبي ودار السلام في أغسطس (آب) 1998 .

ونقل أبو الوليد كبير قدامى المجاهدين العرب في افغانستان على لسان زوج ابنته سيف العدل الضابط السابق بالمظلات المصريه شهادات لسيف العدل: بينها ان "معسكر الاخوة العرب في أسد آباد بمنطقة كونر عام 1989 لم يكن حقيقة معسكراً للتدريب العسكرى بقدر كونه محطة انتقال وتحويل ما بين الجبهة التابعة لعرب جميل الرحمن وبيت الضيافه في بيشاور". ويضيف: "كان وجودي فيه فترة لم نتجاوز الشهر كما انني بقيت في الجبهه التابعه لهم ايضا قريب الشهرين.. وكان معي في تلك الفتره مدرب سوري آخر كنيته أبو عمر سرعان ما ترك التدريب والجهاد وتحول إلى مكان آخر لا علم لي به. خلال الفتره التي بقيت بها كانت حركه الشباب من بيشاور للمعسكر لتلقي تدريب سريع لا يتجاوز ثلاثة ايام ان كان لديهم وقت وذلك لتعلم الكلاشنيكوف ثم ينطلق على وجه السرعة الى الخط ولكي يقوم هناك". ويوضح سيف العدل القائد العسكري لـ" القاعدة" في مذكراته التي نقلها أبو الوليد: "على الفور عرضت على أمير المعسكر برنامجاً للتدريب لا يتجاوز 21 يوما واعتبرت ذلك هو الحد الادنى من الاعداد الذي لا ينبغي بأقل منه الذهاب الى الجبهة ومن تعدى ذلك كمن لم يتم وضوءه للصلاة.. وذهاب الاخوه بالشكل السابق هو مساهمة في جريمة وموافقة على الصلاه بدون وضوء".

ويشير: "بدأنا البرنامج وأجبرنا الشباب على ذلك وبدأ المعسكر نشيطا خلال اسبوعه الأول حتى وصلت لنا رساله من أبي عمران ـ والذي لم اره مطلقا ـ امير عرب جميل الرحمن يأمرنا فيه بترك الشباب يذهبون الى الخط من دون إلزام بمدة محددة، فإن اصررنا فيكفي تدريب الكلاشنيكوف.. عندما وصلت تلك الرسالة لم احتمل البقاء في المعسكر.. وقررت ان اغادره تحت إلحاح الاخوة بأن اذهب معهم الى الجبهة واواصل تدريبهم هناك.. وعندما ذهبت الى الجبهة كانت المصيبه اكبر مما أتوقع".

وينقل سيف العدل في مذكراته التي نقلها صهره أبو الوليد عن المرة الاولى التي شاهد فيها مكاوي بقوله: "كنا في الايام الاخيرة من شعبان، الثاني من أبريل 1989، وشاهدت الحشد العربى وقد بدأ من طورخم بعد نقط الحدود الباكستانية بأمتار قليله، ثم في المزارع الجماعية، وحتى وصلنا الى جبل سمر خيل من واجهته المقابله للطريق، وفى احضان شعابه الأولى وهناك قابلت أبو المنذر (محمد مكاوي) للمرة الأولى".

واعرب عن اعجابه بتحليلات مكاوي العسكرية في مجلة "منبع الجهاد" التي كانت تصدر ابان ذلك. وقال انها تحليلات عميقة في مجال تخصص مكاوي العسكري وتناوله لمعارك أفغانستان الهامة في جلال آباد وكابل وغيرها ـ والتوجه السياسي المصاحب لتلك الكتابات".

ويتحدث أبو الوليد في مذكراته السرية عن مكاوي وسيف العدل باعتبار انهما شخصيتان مختلفتان تماما، ويقول احاط الشباب العرب بسيارتنا متضاحكين، كانوا جميعاً يعرفونني وكنت أعرف بعضهم فقط، كان مهندس الكمين هو "سيف العدل" الذي كنت أراه لأول مرة، كانت عيونه الآسيوية الضيقه تنطق بالذكاء الماكر، وجسده نحيف قوي مليء بالحيوية، أقدم ضاحكاً يحيينا، واظنه كان آسفاً لكوني لم اظهر أي انفعال يدل على الانزعاج، ولكنه كان شامتا للغاية في اخواننا الأفغان الذين خرجوا ضاحكين بخجل من تحت السيارة وقد تلطخت ثيابهم بالطين، وتبللت بالماء، ثم اصطحبنا سيف الي غرفتهم في أعلى التل".

ويقول سيف العدل في مذكراته: "انه زوج ابنتي حالياً" لذلك سأضع بعض رسائله في كتابي السري". ويتحدث سيف العدل في بعض الرسائل المنشورة في كتاب "ثرثرة فوق سطح العالم" عن دور المخابرات الباكستانية ازاء العمليات العسكرية التي دارت في خوست او المطار. ويكشف عن بعض اسماء قيادات من "القاعدة" مثل أبو تميم المصري وأبو عبيده اللبناني وأبو امامه الليبي.