فضاءات وأهلّة وعجائن وجرائد في «محاولات» السعودي معجب الزهراني

قال لـ«الشرق الأوسط» : بحثت عن إحساس جديد يتولد عن العلاقة الذهنية بين الرائي واللوحة

TT

ينتاب الداخل لمعرض الفنان السعودي معجب الزهراني، الذي أسماه «محاولات»، الشك بأنه في مجرّة فضائية، إذ تفاجئ الزائر أشكال في رسوماته الأولى لصور الأهلّة التي يراها تعبّر عن واقعه المعيشي الديني في بلاده السعودية، التي يسهر الناس آخر ليلة من شعبان تحرياً لظهور هلال شهر رمضان في ميزة تفرّدهم عن باقي دول العالم، فخلفت فيه إرثاً فنياً لا يمكن أن يباعد مخيلته لتلامس يده الريشة وتتفنن في خلط الألوان الأزرق والأسود والأبيض بأهلة مدلاة من السماء مربوطة بخيوط رقيقة.

ينتقل بعدها الفنان الزهراني إلى تجربة جديدة مشابهة فترمز رسوماته لمثلثات كثيرة متساوية الاضلاع يعبر بها عن مبدأ ديني أصيل يكمن في العدل والمساواة، فكل اضلاع المثلث متناغمة متشابهة لا فرق بين أحدها عن الآخر، إلا انه حاد بعد هذه المحاولة للدخول إلى تجربة تجريدية حولت من مساره ورفعت من حساسية مشاعره لتقوده لاستخدام الألوان الفاتحة بتمويهات بدت كأنها نغمات أحزان، حيث اتضح «محمد الدرة» من دون معالم وجه وجسد مبيض.

يواصل الزهراني التجربة ويزيد من الحيرة بين مزجه ألوان التناقض البرتقالي والأزرق بدت في لوحاته سلسلة «الطفولة المشردة»، تلك الألوان جلية واضحة، إلا انها متنافرة لا تريد التمازج والتعايش معا لتزيد من حيرة أعين المتذوق ويطيل النظر لعله يفك لغز تلك الحيرة.

يباعد الزهراني خطواته الابداعية ويدخل في تجارب جديدة مستخدما أدوات كما في السحر ليحول الرسمة لشكل جمالي بديع منظومة في تشكيلة رسوماتية فنية من طراز رفيع، إذ تجد قطع العجين، وقصاصات الجرائد والمجلات، وقطع القماش، وحفنات من الرمل ليكون بها تشكيلة واسعة من لوحاته زينت معرضه الفني، خاصة أن أصابعه استطاعت تشكيلها ووضع كل تلك الغرائب بلمسات خفيفة صبغتها وأطلتها ليقارب الخطى مع التوجه العالمي نحو التشكيل الفني بالخامات المتعددة.

ولم يكتف الزهراني بلوحاته الحساسة ليبحث عن عمليات فكرية أشد تعقيدا بين الرائي والرسمة، حيث سعى لخلق جو فني وعملية تواصل ذهنية عميقة بين الطرفين اذ يقول: «حاولت ان أصنع ألوانا غريبة جاءت بعد تجربة زيارات قمت بها في فرنسا وبريطانيا صقلت تجربتي مع اللون لأبتكر ست صبغات جديدة تبعث الإحساس بالجمال وتزيد الاتصال وتسرح بالعقل وتربطه بالأشياء».

من جهته، اعتبر الدكتور محمد عبد المجيد فضل، استاذ التربية الفنية السابق بجامعة الملك سعود، ان اسم المعرض «محاولات» ينمّ عن بساطة وتواضع يتحلى بهما الفنان، التي تبدو غير مكتملة حتى يكملها المشاهد فتصبح «محاولات إبداعية» أو«محاولات تعبيرية» أو «محاولات تقانية».

وبين فضل ان هذه المحاولة جاءت ثالثة في رحلة الرسام التشكيلية بعد المرحلة الواقعية والتجريد الجزئي الى مرحلة مغايرة في عالم التجريد الكامل، إذ ما باتت فنياته التشكيلية ترمز إلى خطوط وألوان ومساحات وملامس مجردة تنحو منحى هندسيا أو تأخذ أشكالاً حرة ومساحات متباينة ومتناغمة.