النقوش الصخرية في المغرب تواجه تهديدات الطبيعة والإنسان والحيوان

TT

تزخر كثير من المناطق المغربية بنماذج متنوعة من النقوش الصخرية الضاربة في اعماق القدم. وتؤرخ هذه النقوش لوجود الانسان في هذه الديار منذ آلاف السنين، كما انها تعتبر اعرق نماذج الفنون التشكيلية في البلاد.

ويجمع الباحثون على ان مجال النقوش الصخرية في المغرب ما زال بكرا، وان العديد من المواقع لم يتم اكتشافها بعد، او لم تحظ بنصيبها من البحث المعمق. كما يؤكدون ان كثيرا من المواقع المعروفة بنقوشها المتميزة تتعرض لعوامل التلف المختلفة، وان التهديد يأتيها من الطبيعة، وأيضا من الانسان والحيوان.

وتفيد المراجع المتخصصة بان منطقة «أقا» بولاية طاطا (جنوب جبال الاطلس) تتوفر على مئات النقوش الصخرية التي ترجع الى فترة ما قبل التاريخ. ويضم وادي درعة بورزازات ما لا يقل عن ثلاثين موقعا للنقوش الصخرية اشهرها في ضواحي تنزولين (وسط درعة).

وفي المناطق الصحراوية المغربية توجد ملايين النقوش الصخرية التي تتلاشى تدريجيا، وفق تقرير دولي. وبين منطقتي إيغرام وتالوين في محافظة تارودانت (شرق اغادير) توجد نقوش صخرية تمثل مجموعة من المحاربين. وقدمت احدى القنوات الغربية اواخر العام الماضي تحقيقا حول النقوش الصخرية المتناثرة في ضواحي كلميم (جنوب اغادير) فيما توصل باحثون مغاربة قبل عام الى اكتشاف منطقة غنية بهذه النقوش في جبال الاطلس المتوسط تبعد عن الرباط العاصمة بحوالي 120 كيلومترا.

لكن اشهر النقوش الصخرية في المغرب تبقى تلك التي تزخر بها منطقة جبل توبقال بضواحي مراكش، اذ تضم أكثر من 500 من النقوش المؤرخة ما بين الف والفين سنة قبل الميلاد، وخاصة منها تلك التي تصنع شهرة نجد ياغور الذي يؤمه الباحثون المتخصصون من مختلف الاصقاع، اضافة الى نقوش آيت واوعزيق في منطقة تازارين في جنوب ورزازات، ويرجع تاريخها الى اكثر من اربعة آلاف سنة قبل الميلاد.

فمنذ اعرق العصور بادر الانسان البدائي بنقش مشاهداته ومعتقداته على الصخور. وتجمع المراجع المختصة ان النقوش الصخرية اعتمدت التشخيص في مراحلها الاولى، قبل ان تهتم بالرموز، وبعدها بالخطوط، مع التأكيد على ان اجمل الرسومات الصخرية هي اقدمها.

وهكذا جاءت اقدم هذه النقوش ممثلة للشمس والقمر والنجوم، او لحيوانات (ابقار وفيلة)، وطيور (نعامات)، ونباتات، وعربات بدائية. وفي مرحلة لاحقة ظهرت النقوش التي تمثل صيادين يطاردون الوحوش الضخمة للحمها وجلدها وعظامها ومعها سيوف وخناجر وغيرها من الاسلحة المعدنية المستعملة في القنص، او تمثل فلاحين يحرثون الارض.

ويؤكد الباحثون ان النقوش الصخرية ليست ميراث حضارة واحدة، ولكنها ميراث حضارات وشعوب تفاعلت وتعايشت على امتداد آلاف السنين، غير ان كثيرا من النقوش الصخرية ضاعت بسبب المعمار المقام فوقها، او باستعمال احجارها المنقوشة في بناء المنازل الجبلية او اصطبلات الرعاة الرحل المعروفة باسم «أكدال»، فهذا التراث الحي ما فتئ يتعرض للضياع من العوامل الطبيعية ومن الانسان وايضا من الحيوان.