«افكار ميديا» الشركة العربية المتخصصة في إنتاج ألعاب الكومبيوتر تتحدث عن أسرار نجاحها

رضوان قاسمية مديرها الفني والتنفيذي: أكثر من نصف جمهور اللاعبين العربي لا يعرف أن هناك ألعاباً عربية

TT

تشكل شركة «أفكار ميديا» www.afkarmedia.com نموذجا فريدا للشركات التقنية العربية، فقد اختارت تخصصا إنتاج ألعاب الكومبيوتر الذي يكاد لا ينافسها عليه أحد، ووضعت لنفسها خطة عمل بعيدة المدى والنظرة، كما حددت أهدافها التي تتجاوز الفردية أو المحلية لتكون عالمية. كما كانت انطلاقتها الأولى في الأسواق العربية قوية، عندما كشفت النقاب عام 2001 عن «تحت الرماد» التي اعتبرت أول لعبة كومبيوتر عربية ثلاثية الأبعاد تماثل الألعاب الشهيرة التي انتشرت بين محبي هذه النوعية من البرامج. وكان من أهم ما لفت الأنظار إليها منذ أن ظهرت وحتى الآن هو تناولها لموضوع الصراع العربي الإسرائيلي، من خلال تركيزها على فعاليات الانتفاضة الفلسطينية. وهي الآن تعد لإطلاق لعبتين جديدتين عرضت نماذج أولية منهما في معرض جيتكس دبي الأخير، الأولى «تحت الحصار» التي ستكمل ما بدأته في لعبتها الأولى، ولكن بأسلوب أكثر تطورا، والثانية «قريش» التي تعد أول لعبة عربية إستراتيجية ثلاثية الأبعاد. وللتعرف أكثر على هذه الشركة السورية الشابة، التقت «الشرق الأوسط» رضوان قاسمية مديرها الفني والتنفيذي، ومؤلف ومخرج مشاريعها.

* يبدو أنكم الوحيدون في العالم العربي الذين تعملون كشركة إنتاج برامج ألعاب الكومبيوتر، ما الذي يمنع برأيك المستثمرين العرب من الاتجاه نحو هذه الصناعة؟

ـ أعتقد أننا الوحيدون الذين نجحوا بالاستمرار منذ بدأنا هذا العمل قبل أربع سنين، وأثمر ذلك عن أول لعبة عربية ثلاثية الأبعاد في حينها هي «تحت الرماد»، وكان نجاحها الكبير والحمد لله هو الذي أعطانا زخماً لنستمر حتى الآن. هناك أربع شركات أخرى نشأت بعدنا غير أنها للأسف لم تستمر، وبالتالي فهذا دليل على أن السوق شجع بعض المستثمرين المغامرين على الخوض فيه، غير أن ما يميز المستثمر الذي يريد أن يخوض هذا المجال هو قدرته على التخطيط الاستراتيجي بعيد المدى لا على حماسه للمغامرات، وهذا النوع قليل للأسف أصلاً إذ أن أغلبية المستثمرين يفكرون بشكل طبيعي بأي مشروع يقوم بتدوير رأس المال بأقل زمن ممكن بغض النظر عن الاستمرارية، أما المستثمر الاستراتيجي فهو يقوم بتخطيط كيفية تسريع تدوير رأس المال على مرور السنوات، مما يعطيه مردوداً كبيراً من جهة وقدرة تنافسية هائلة من جهة أخرى.

* بعد الصدمات التي تلقاها المستخدمون العرب من بعض ألعاب الكومبيوتر العربية بسبب تدني جودتها، هل ترى أنهم سيثقون بألعاب عربية جديدة؟

ـ الجواب عن هذا السؤال من ناحيتين، الأولى أن أكثر من 50% من جمهور اللاعبين العربي لا يعرف أصلاً أن هناك ألعاباً عربية، والثانية أن القسم الذي جرب بعض هذه الألعاب سوف يعطي المنتجين العرب الكثير من الفرص، وسيتحملون تواضع الجودة الناتج عن نقص الخبرة، لا عن الانحدار المقصود في المستوى للرغبة بطرح المنتج بأقصى سرعة ممكنة، مقابل دعم هذه الصناعة لأنها في النهاية حاجة ملحة لمجتمعنا وليس غرض تسلية بحتة.

* كيف تقيم مشاركتكم في معرض فرانكفورت للكتاب؟ وهل واجهتهم صعوبة في عرض برنامج قد يبدو في الغرب أنه معاد للسامية؟

ـ كان عرض منتجاتنا هناك كدليل بأن هذه الصناعة ليست حكراً على أمة من دون الأمم من جهة، وإظهار المواضيع الجديدة التي تتناولها ألعابنا وارتباطها المثير بالواقع، كسلسلة تحت الرماد وتحت الحصار، وارتباطها بتاريخنا وديننا وثقافتنا من جهة أخرى كلعبة قريش. وكانت المشاركة والحمد لله ممتازة، الأغلبية نظرت إلى حقنا الحر في التعبير عن أنفسنا مهما كانت الأفكار التي ندعو إليها تبدو غريبة بالنسبة لبعضهم، أما الخطوة الثانية فهي ما يستنتجونه بعد الاطلاع القريب على منتجاتنا، ويدركون حجم الجهود المبذولة للتوثيق والبحث وجعل اللعبة واقعية قدر الإمكان. فتحت الحصار مثلاً تستند بأكملها على قصص حقيقية موثقة من قبل وكالة إنقاذ وتشغيل اللاجئين «أنروا». وبهذه المناسبة فأنا أحب أن أوصل نتيجة خبرتي في مجال التعامل مع هذه الجهات، فمن المعروف أننا كنا نتّهم دائماً وقبل الاطلاع على إعمالنا بمثل هذه التّهم، الموضوع هنا أننا كنا نتابع هؤلاء ونرسل لهم وجهة نظرنا في الموضوع مع نموذج من اللعبة كي يجربوها بأنفسهم، وأقول لك أن النتائج تأتي دائماً في صالحنا، لم أدرك مقدار تعاطف العالم معنا بقدر ما أدركته من مشروع «تحت الرماد»، العشرات من المتطوعين الأجانب (من غير ذوي الأصول العربية) تطوعوا لترجمتها إلى لغاتهم مجاناً، العديد من ساحات الحوار على الإنترنت شهدت نقاشات حامية بينهم حول حقنا وعدل قضيتنا. إن ما يجب أن نقوم به فقط هو أن نتدرب على طريقة الحوار والتواصل مع الآخرين.

* ماذا تقدم «تحت الحصار» بعد «تحت الرماد»؟

تأتي لعبة «تحت الحصار» استكمالاً لقصة «تحت الرماد»، وتدور أحداثها حول الانتفاضة الثانية وما قبلها بدءاً من 1994 وحتى 2002. نقدم في «تحت الحصار» نموذجاً متكاملا عن المجتمع الفلسطيني تحت الاحتلال من خلال أسرة فلسطينية، حيث سيقوم اللاعب بانتقاء احد أفرادها وفقاً لمجريات القصة العامة، ويخوض التجربة التي خاضها حقيقة مجموعة من الشخصيات الواقعية التي بنينا قصتنا عليها. واللعبة من الناحية الفنية والبرمجية أكثر إتقاناً واهتماماً بالتفاصيل، وسيجد فيها من جرب «تحت الرماد» فرقاً شاسعاً جداً، كما أنني أعتقد أن معظم اللاعبين سيستمتعون بها كثيراً وسينسجمون مع أحداثها إلى حد كبير، أو هذا على الأقل ما أوحت به نتائج الاختبارات الأولى على شرائح مجربي اللعبة في نسخة «بيتا» منها. ومن أهم مميزات «تحت الحصار» هو أنها موجهة للاعب العالمي وليس العربي فقط، وعليه فقد توجب علينا مراعاة الكثير من التفاصيل في القصة وطريقة طرحها، كي تكون منطقية ومقبولة للجميع من دون الاعتماد على التعاطف المسبق الذي كان موجوداً لدى اللاعبين في لعبة «تحت الرماد».

* ماذا عن مشروع قريش ومشروع قلعة النصر؟ نبذة عنهما وهل يمكن اعتبارهما تغييرا في خط الشركة؟

ـ قريش هي لعبة إستراتيجية ثلاثية الأبعاد، تحكي قصة انتشار الإسلام في المنطقة العربية وتغوص عميقاً كي تبين الأسباب الحقيقية لذلك، فمن خلال مجموعة حملات كحملة سيدنا خالد بن الوليد رضي الله عنه عبر الجزيرة العربية وبلاد فارس والشام، سيتشرب اللاعب تاريخ حضارتنا الإنساني بأسلوب لن ينساه أبداً، وسيدرك أهمية الروح المعنوية للجنود وكيفية استغلال الأرض وتكتيكات القتال للانتصار على جيوش بأضعاف جيوشك. أما قلعة النصر فهي لعبة مغامرات تم إنتاجها العام الماضي اثر تعاون مع شركة متخصصة بتقنيات الأبعاد الثلاثية، حيث قمنا بالمساعدة في تصميمها وتسويقها. وأعتقد أن المشروعين يمثلان الالتزام في خط شركتنا، لا التغيير، فمشروع قريش يبرهن على تجددنا من ناحية النوع والأفكار مع التركيز على المواضيع المستقاة من تاريخنا القديم والحديث وحضارتنا الإسلامية، ومشروع قلعة النصر يبرهن على محاولتنا لمد يد التعاون لبقية الشركات الناشئة في هذا المجال كي نبني صناعة حقيقية.

* هل تنوون طرح برامجكم لتعمل على أجهزة الألعاب المتخصصة مثل «بلايستايشن» و»ننتندو»؟ وإذا كانت الإجابة لا فما السبب؟

ـ الفكرة موجودة بكل تأكيد، الأكثر من ذلك أننا نعمل على تحقيق ذلك، غير أن جدولاً زمنياً لذلك لم يبت بعد، فكلفة إنتاج اللعبة لتعمل على «بلايستايشن» أو «إكس بوكس» يمثل خمسة إلى عشرة أضعاف (بافتراض أننا نلنا موافقات الشركات الموقرة)، وبالمقابل فإن عدد أجهزة الكومبيوتر الشخصي مقارنة بعدد أجهزة «بلايستايشن» وغيرها يمثل عشرين إلى واحد، وبالتالي فتوجهنا واضح، سنركز على ألعاب الكومبيوتر أكثر لانتشارها الكبير أصلاً.

وبهذه المناسبة فإنني أحب أن أنوه بأن شروط هذه الشركات لترضى أن تبيعنا أنظمة التطوير وتجهيزاته SDK tools and hardware، هي موافقتها على موضوع اللعبة، وأن تقوم باختبارها في مخابرها الخاصة قبل نشرها، وأن تقوم بتحديد موعد إطلاقها، وأن تقوم بتلقي مبلغ محترم عن كل نسخة مباعة، وأن يكون سجلنا نظيفاً (أي ننتمي لبلد ليس من محور الشر أو عامود العدوان).