رامسفيلد يوفد مستشارا عسكريا رفيعا إلى العراق لتقييم سياسة البنتاغون

TT

توفد وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) جنرالا متقاعدا إلى العراق في الأسبوع المقبل للقيام بمراجعة «مفتوحة» لكامل السياسة العسكرية المطبقة في العراق بما يشمل مستوى عدد الوحدات وبرامج التدريب المتبعة لقوى الأمن العراقية والاستراتيجية المتبعة في محاربة التمرد ، حسبما افاد به مسؤولون في الوزارة .

ومنحت هذه المهمة الاستثنائية الى ضابط يحظى باحترام كبير بين أقرانه ، هو الجنرال غاري لاك القائد السابق للقوات الأميركية في كوريا الجنوبية والذي يشغل حاليا منصب مستشار اقدم لهيئة الاركان المشتركة.

وحسبما قال عدد من اعضاء الكونغرس والمحللين العسكريين، فان هذه المبادرة تعكس درجة القلق التي يشعر بها المسؤولون الكبار في البنتاغون والقادة العسكريون الكبار حول الاتجاه الذي بدأت تتخذه العملية العسكرية في العراق ونتائج هذا الاتجاه على الجيش.

وفي علامة أخرى على أن الحملة في العراق راحت تدفع باتجاه إجراء مراجعة لسياسات البنتاغون ، يبحث المسؤولون في القوة البرية الآن ما إذا كانت الزيادة في عدد الجنود الأميركيين بمقدار 30 ألف شخص والتي صادق عليها الكونغرس ستصبح دائمة. وقال مسؤول عسكري رفيع أول من أمس إن الحاجة إلى الزيادة في عدد الجنود هي على الأغلب ستكون دائمة اذا كان على المؤسسة العسكرية أن تواجه التزامات الولايات المتحدة على مستوى العالم ككل، على الرغم من أن ذلك سيزيد من مستوى النفقات بمقدار 3 مليارات دولار سنويا.

وفي اجتماع عقده رامسفيلد أول من أمس مع العسكريين الكبار ومساعديه المدنيين أبلغ وزير الدفاع الأميركي الحاضرين بأن الجنرال لاك سيدقق في الجوانب المتعلقة بالعملية وتشخيص نقاط الضعف فيها ثم سيقدم تقريره عن ذلك خلال أسابيع قليلة حيث سيشمل تقييما سريا، حسبما قال بعض المسؤولين الدفاعيين الكبار في البنتاغون.

وقال لورنس دي ريتا، المتحدث باسم البنتاغون عن مهمة الجنرال لاك «سيكون لديه لوحة كبيرة كي يرسم عليها». وشدد دي ريتا على أن رامسفيلد كان راضيا جدا عن قادته العسكريين في العراق لكنه يريد أن يقدم لهم كل الدعم الممكن في تقييم «وضع حيوي جدا».

وسيقدم التقييم إجابة عن الكيفية التي ستمكن العراقيين وفقها من تحمل الأعباء الأمنية، وهذا الموضوع أثار مناقشات حادة في البنتاغون حيث ظل المسؤولون الكبار فيه يتدارسون الكيفية التي يمكن بها دعم قوة عسكرية كبيرة في العراق. وارتفع عدد القوات الأميركية خلال هذا الشهر إلى 150 ألف جندي وهو أكبر انتشار عسكري أميركي في العالم منذ سقوط بغداد .

ومع بدء القادة العسكريين الأميركيين في العراق بالتعبير عن مخاوف متصاعدة من تطور عمل المتمردين وبراعته بينما ظلت هناك فجوات في عمل القوات العراقية ، تأتي مهمة الجنرال لاك اعترافا ضمنيا بأن العملية في العراق، وبضمنها برنامج تدريب القوات العراقية ، وصلت إلى نقطة تقاطع.

ستكون مهمة الجنرال لاك ذات نهاية مفتوحة أكثر من المهمات السابقة التي تم إجراؤها في أفغانستان والعراق ابتداء من برنامج التدريب في العراق إلى تعزيز مهمات جمع المعلومات الاستخباراتية.

وفي بداية العام الماضي أوصى الميجور جنرال كارل آيكنبري بأن يبطئ البنتاغون من تشكيل الجيش العراقي الجديد والتركيز على تهيئة وحدات شبه عسكرية تسمى الآن الحرس الوطني.

وكان البنتاغون قد أرسل في أبريل (نيسان) الماضي الميجور جنرال ديفيد بترايوس للمساعدة على تعزيز التدريب وتزويد قوات الأمن العراقية بالمعدات الضرورية. وبعد فترة قصيرة تمت ترقيته إلى رتبة لفتنانت جنرال ونصب مسؤولا عن البرنامج التدريبي. ونجاح ذلك البرنامج هو الجزء الأساسي ضمن الاستراتيجية الأميركية للانسحاب من العراق.

وقال مسؤول رفيع في القوة البرية الأميركية إن مسألة الزيادة الدائمة في عدد العسكريين هو جزء من مراجعة جذرية للاستراتيجية والميزانيات والأسلحة وتجري هذه المراجعة حاليا. وقال المسؤول نفسه «نحن مررنا بهذه العملية ، ويبدو بالنسبة لنا أن علينا أن نتدارس ما إذا ممكنا التخلي عن الـ30 ألف جندي... وأنا لا أظن أننا سنكون قادرين على هذا التخلي».

وتقوم القوة البرية الأميركية بإعادة هيكلة ألويتها القيادية ومقرات فرقها وفيالقها خلال السنوات القليلة المقبلة لزيادة عدد الألوية القتالية إلى ما بين 43 و48 لواء في الوقت الذي يبلغ العدد حاليا 33 لواء. وكجزء من ذلك البرنامج يسعى الجيش إلى إيجاد الكفاءات وتحقيق الموازنة بين القوة الفعالة والقوة الاحتياطية وقامت أيضا بتحويل عدد من الوظائف الإدارية إلى المدنيين لجعل المسؤولين العسكريين قادرين على التفرغ إلى وظائف ميدانية.

وقال مسؤول في البنتاغون إنه على الرغم من المزيج القائم في العراق لجنود القوة البرية هو بنسبة 50% لكل من القوات الفعالة وقوات الاحتياط فإن الجزء الأول سيزداد إلى نسبة 70% خلال التبديل المقبل للقوات لأنه لم يعد لدى القوة البرية أي جنود احتياط يمكن استدعاؤهم للخدمة العسكرية. وستقرر القوة البرية الأميركية خلال الأسابيع القليلة المقبلة ما إذا كان رامسفيلد سيغير سياسة التعبئة لزيادة عدد المرات التي يمكن استدعاء الحرس الوطني وقوة الاحتياط إلى الخدمة.

وقال المسؤول نفسه «سيكون هذا واحدا من القضايا التي سنطرحها في المستقبل القريب... علينا أن نخطط ذلك».

*خدمة «نيويورك تايمز»