كيف كان سباق «العربية» و «الجزيرة» في الدوحة؟

على خلفية انفجار قطر

TT

في اللحظة التي أعلنت فيها قناة «الجزيرة» عن انفجار الدوحة، غابت القناة لفترة عن المشاهدين بدون تفاصيل تذكر. وكان المشاهدون في حيرة من أمرهم، حيث لا معلومات أو صور عن الحدث. وهذا مخالف لطريقة تغطية القناة القطرية للأعمال الإرهابية في السعودية، أو الكويت.

بدورها قناة «العربية» بادرت لنيل قصب السبق في التغطية، على الرغم من أن كاميراتها ممنوعة من الدخول لقطر. واصلت القناة وضع عبارة عاجل، ومعلومة في سطر واحد عن الأحداث.

أما قناة «بي. بي. سي»، البريطانية فكانت تخاطب مراسلتها من دبي، فقد تعذر على العالم دخول قطر، ولم تكن على الأرض سوى قناة «الجزيرة». في تلك اللحظات اندلعت معركة إعلامية بين «العربية» و«الجزيرة». «العربية» تقول إن هناك ستة مصابين، والتفجير قريب من مبنى السفارة الأميركية القديم.

بعد ذلك عادت «الجزيرة» لتؤكد خبر «العربية». وما هي إلا ساعة وعادت «العربية» تقول: استنفار في مستشفيات قطر، والمصابون اثنا عشرة وقتيل واحد. وسارعت «الجزيرة» للنفي والتشكيك، ثم عادت وأكدت.

لكن المتحدث الرسمي باسم «الجزيرة»، جهاد بلوط ينفي نفي قناته لأي من أخبار «العربية»، وقال: «لا نستطيع أن ننفي خبرا أو نؤكده، إلا لو عندنا معطيات، وبالتالي استبعد كليا أن نكون قد نفينا خبرا». وقال، بعد أوضح أنه لم يتابع جميع النشرات التي بثتها قناته: «أنا لم أشاهد النشرات على مدار الـ24 ساعة طوال الـ3 أيام».

إلا أن جهاد يعود ليضيف أنه من الممكن أن يكون ما حصل أن القناة قد تحاول توخي مصدر يؤكد الخبر، وهو ما لا يعتبره «تشكيكا» بقدر ما يعتبره «حفاظاً على الدقة». ويشدد بلوط «لكن من المستحيل أن ننفي خبر أي أحد ثان يبثه إلا لو عندنا معطيات». وأوضح المتحدث باسم القناة القطرية أن محطته تعتمد قاعدة عدم بث أي خبر إلا بعد أن يؤكده مصدران مختلفان، أو أن يكون قد ورد على إحدى وكالات الأنباء العالمية.

إلا أن نخلة الحاج، مدير الأخبار في قناة «العربية»، لا يرى أن هذه القاعدة مجدية في وقت يكون لأي قناة مراسلون في مكان الحادث، ويقول «أنا اعتمد قاعدة المصدرين عندما لا يكون لدي مراسل على الأرض وكاميرات تصور ما يجري، ولكن إذا كان لي ذلك فمراسلي هو مصدري المفضل بالتأكيد». ولكن كيف استطاعت «العربية» أن تسبق «الجزيرة» بدون أن يكون لها مراسل أو فريق في قطر؟ يجيب الحاج: «لقد حصلنا على معلومات من أكثر من مصدر داخل الدوحة»، إلا أنه رفض الكشف عن مصادره ومضيفاً: «ليس لدينا مراسل في قطر، لأننا لا نملك اعتمادا من السلطات القطرية للعمل هناك، هم لا يريدون أن تكون قناة «العربية» موجودة».

ويضيف نخلة «وعندما وقع الهجوم الأخير حاولنا أن نرسل فريقا خاصاً، أرسلنا رسائل لعدة جهات حكومية، لكنهم لم يدعونا ندخل... لم يقولوا لنا لا، ولكنهم لم يعطونا الموافقة، وكانت كل هيئة تحولنا إلى أخرى وهكذا». والحاج يعتبر ما حققته قناته إنجازاً، فـ«على الرغم من عدم وجود مكاتب لنا في قطر، استطعنا أن نسبق «الجزيرة»، التي كانت منفردة على الأرض هناك». ويعتبر الحاج أن تميز «العربية» كان في كونها «أول من تحدث عن سيارة مفخخة، وأول من تحدث عن انتحاري مصري». ويضيف أما بخصوص غياب الصورة فـ«حتى القناة القطرية الرسمية كانت تأخذ صورها من الجزيرة». وبالعودة إلى تغطية تفجير قطر في قناة «الجزيرة»، فما كان موضع استغراب، هو أن القناة لم تأت بمحللين، كما تفعل عادة مع أحداث الإرهاب في السعودية والكويت، بل انها عادة تلجأ إلى شهود عيان، تبث أخبارهم. وذات مرة عمدت القناة الى وضع تحليل أحد الكتاب الصحافيين السعوديين إلى خبر ثان في نشرتها الإخبارية. وبغض النظر عن سياسة المصدرين التي تحدث عنها بلوط، فاللافت أن القناة هرعت لمساعد مدير الأمن القطري العميد أحمد الحايكي، وكانت توجه له اسئلة ترد على تقارير «العربية» وكان الرجل، الذي كان المصدر الوحيد، رجل أمن بحق فإجاباته يغلفها النفي، والحذر. الأمر الآخر، قناة قطر الرسمية كانت تواصل بث برامجها المعتاده، بدون أن تقطع البث، لرصد تفجير الدوحة. وبدا من اللحظات الأولى للتفجير، بل واليوم الأول، أن وسائل الإعلام الدولية كانت تعاني من عدم توافر مصادر مستقلة غير وسائل الإعلام القطرية، فالوكالات عجزت عن الحصول على صور مستقلة، حتى وقت متأخر.

ولعل غياب «الجزيرة» لفترة وبثها برامجها بشكل معتاد في الوقت الذي كان العالم يتساءل ما الذي جرى؟! أوضح أن هناك ربكة في تعامل القطريين مع الحدث، وهو الجديد بنوعه على الدوحة. حتى عادت القناة تقدم بعض التفاصيل عن الحادث، من المصادر الرسمية، بدون اللجوء لمصادر مستقلة، وهذا أمر مختلف على من تعود على تغطية القناة للأعمال الإرهابية في المنطقة. وهذا يعيد إلى الأذهان الانتقاد الأساسي الذي وجهه كثيرون لقناة «الجزيرة» منذ سنوات، وهو أن تغطيتها للشأن القطري الداخلي تختلف عن تغطيتها للأحداث الإقليمية أو الدولية، لكن جهاد بلوط يرى أن تغطية قناته للحادث هي «تغطية وافية وشاملة»، وأن المسؤول القطري الذي استضافته القناة «تعرض لكيل من الأسئلة الموضوعية، وأعطي المجال ليرد عليها. ومن ناحية ثانية استضفنا مجموعة كبيرة من المعلقين على ليدلوا بدلوهم في ما يتعلق بالحادثة». ويضيف بلوط «نحن نغطي الخبر في قطر كما نغطيه في أي مكان ثان إن توفرت فيه الامكانات». ويوضح «قناة الجزيرة ليست قناة محلية قطرية، هي قناة إقليمية ذات أفق عالمي، نحن نقيس الخبر بمدى جدواه من الناحية الخبرية لجمهورنا الواسع في الخارج».

أمر آخر، وهو أن قناة «الجزيرة» لم تقم ببث بيان جماعة «جند الشام»، التي تبنت عملية مسرح الدوحة. وعرف عن القناة بثها لتلك النوعيات من البيانات، وكان أبرزها شريط الملقب «أبو عدس» الذي تبنى فيه عملية اغتيال الحريري الشهر الماضي في بيروت، وقامت بتكراره رغم الاستهجان الذي ووجه به الشريط، ومصداقيته. إلا أن بلوط يؤكد أن القناة بثت البيان. لكن الغريب هو أنه بالبحث عن «جند الشام» على موقع قناة «الجزيرة» الإلكتروني، فإن آخر خبر يجده المتصفح عن الجماعة يعود لتاريخ 31 يناير (كانون الأول) 2005، وهو متعلق بإصابة شخصين باشتباكات في مخيم عين الحلوة في لبنان. يذكر أن القناة تشتهر ببث خطابات تنظيم «القاعدة» وزعيمها أسامة بن لادن منذ عام 1996 .