ملكات جمال لبنان ينقلن المنافسة من الـ«بوديوم» إلى شاشات الفضائيات العربية

القنوات التلفزيونية تتسابق على التعاقد معهن لتقديم البرامج

TT

في ظل التنافس الشديد الحالي بين الفضائيات، يبدو أن الجمال الـ«عادي» لم يعد كافيا لشد المشاهدين إلى متابعة برنامج ما، لذلك استنجدت القنوات الفضائية بملكات الجمال لعلهن ينقذهن من قسوة الـ«ريموت كونترول»، واللافت هو احتدام المنافسة حالياً بين قناتي «إم بي سي» و«دبي» حيث اختارت الأولى ملكة جمال لبنان السابقة جويل بحلق لتقديم برنامج «شي ستايل»، فيما لجأت «دبي» إلى دينا عازار (أيضا من ملكات الجمال اللبنانيات) وكلا البرنامجين يعنيان بالمرأة والاعتناء بالمظهر والزينة. إلا أن الاستعانة بملكات الجمال بدأت قبل ذلك بفترة، وإن اقتصرت على تقديم البرامج الفنية، حيث قدمت نسرين نصر في أواخر التسعينات برنامج «يا عمري» على شاشة «المستقبل»، وقدمت الملكة نورما نعوم «أستديو الفن» على «إل بي سي»، وبعد نفاد الملكات لم يكن أمام أصحاب القنوات إلا الاستعانة بالوصيفات والمشاركات في مسابقات الجمال أمثال ريتا لمع وكاتيا كعدي ونتالي معماري وأخيراً آلين وطفا التي أعلنت انضمامها إلى «إل بي سي» لتقديم برنامج شبابي.

ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو هل يكفي هذا الجمال الخارق لاعتبار الشابة تصلح للعمل كمقدمة برامج؟ يقول استاذ الاعلام في الجامعة اللبنانية الاميركية (LAU) الدكتور محمود طربيه لـ «الشرق الأوسط» إن «الفضائيات ساهمت في ارساء قاعدة مفادها ان الجمال هو العامل الأساسي للمقدمة او المقدم. واذا لم يتوفر هذا الجمال وبمستوى عال قد يخسر الطامح الى الاعلام المرئي فرصته. ومن ليس وسيماً كفاية يخضع الى عمليات تجميل وعناية ومتابعة، اضافة الى الماكياج التلفزيوني العادي. وبالتالي ساهمت هذه القاعدة في جعل عنصر الجمال الانثوي جواز مرور الى العمل في التلفزيون. وبعد ذلك تفشت هذه الظاهرة في الفضائيات العربية، وتحديداً «دبي»، وبدأت تتم الاستعانة بالجميلات من دون التوقف عند حداثة اعمارهن او محاذير افتقارهن الى الثقافة العامة».

ويوضح الدكتور طربيه ان «كل برنامج يحتاج الى ثلاثة عناصر هي: المحتوى المرتبط بالفكرة وكيفية إعدادها، ثم بالمقدم وكفاءته وثالثاً بالجمهور المستهدف. لذا لا يتوقف نجاح المقدمة، حتى لو كانت ملكة جمال على شخصها وإنما يتجاوز ذلك الى اعتبارات اكثر عمقاً، مع التأكيد على ان الجمال ليس مقياساً لنجاح اي برنامج وليس شرطاً لأي مقدمة ما لم يقترن بالثقافة. والأمر يفرض مخزوناً ثقافياً معيناً. لكن الملاحظ ان الاستعانة بملكات الجمال تقتصر على نوع معين من البرامج لا يتجاوز «التوك شو» الاجتماعي اليومي او «الدردشات» الفنية السريعة الاستهلاك او برامج الموضة والجمال والرشاقة التي لا تتضمن مستوى نقاش قد يسبب احراجاً للمقدمة او للضيف. كما ان اسئلتها معدة سلفاً ولا تتطلب بحثاً او جهداً كبيراً. لكن مهنة التقديم لها متطلباتها واولها الموهبة، وهي ليست فقط حرفة باستطاعة من يرغب ان يتعلمها ويتدرب عليها، فالامر يحتاج الى الذكاء وسرعة البديهة والشخصية التي تفرض نفسها والقدرة على التحدث بطلاقة. والجمال لا يؤمن هذه المعطيات ولا يلغيها، من هنا يطرح السؤال نفسه: هل نجحت ملكات الجمال في التحول الى اعلاميات ماهرات؟

يعلق المخرج التلفزيوني طوني قهوجي: «من دون تسميات، أستطيع ان اقول ان نسبة لا تتجاوز 40% منهن استطاعت اثبات نفسها، اما الفشل فكان من نصيب نسبة 60% واكثر.ولا يعود السبب الى اخطاء بعينها، فكل من يعمل يخطئ، وانما الى عدم المثابرة. فكل مهنة تحتاج الى تحضير ودراسة وتأهيل وتراكم معلومات، اما مهنة تقديم البرامج فتحتاج ايضاً الى صوت وشخصية وحضور».

أما كاتيا كعدي، مقدمة البرامج حالياً ووصيفة لملكة جمال لبنان كليمانس اشقر في عام 1998، فتقول: «صحيح ان الجمال كان مفتاح دخولي الى المجال الإعلامي ولكني تخصصت في العلوم السياسية وحصلت على الدبلوم. وكنت اتوق الى العمل الذي يرتكز على الاتصال مع الآخرين ولا سيما كمقدمة برامج». وكاتيا التي مضى على وجودها في هذا المضمار حوالي ست سنوات، تؤكد انها أثبتت مقدرتها الاعلامية وترفض حالياً ان يشار اليها كاعلامية جميلة بل كإعلامية متمكنة. وعن عملية اعداد ملكة جمال لتصير مقدمة برامج يقول قهوجي:«بعض الملكات يحتجن الى من يعطيهن كل شيء من الألف الى الياء، سواء لجهة اللفظ او طريقة التنفس واخذ الهواء خلال أداء الجمل. كذلك طريقة التحرك امام الكاميرا والتعامل معها بتعابير الوجه وما الى ذلك من تقنيات لا بد من ان تتدرب عليها من ترغب بخوض مجال الاعلام المرئي. ونجد ان نسبة من اللواتي وصلت الى الشاشة عبر اللقب يتحسنَّ ويحصدن نجاحاً ويثبتن للعالم انهن لسن جميلة وحسب، فيما تسقط نسبة اخرى، لان الجمال لا يكفي من دون عمل دؤوب». وماذا عن تعامل المشاهد مع ملكات الجمال ومدى تقبله حضورهن او محاسبته اياهن؟

يقول الدكتور محمود طربيه: «ربما يسامح الجمهور مقدمة برامج جديدة، لكنه ينظر بعين ثاقبة الى ملكة جمال لها شهرتها، ويرفع سقف التطلعات، وكأنه يحاسبها حساباً عسيراً على ما يتوقعه منها ويفوق امكاناتها. فالتقديم يحتاج الى «مهارات اتصال» وكيمياء يصار الى صقلها اذا توفرت الموهبة. والجميلة التي تفتقد الى هذه المهارات، لن تحصد جمهوراً يتشوق الى مشاهدتها».

وعن تعامل الجمهور مع الملكات ومدى تساهله تجاه أدائهن يوضح قهوجي: «أكن عادلاً. المشاهد يتساهل في الفترة الأولى، ولكن بعد ذلك يصبح حازماً وربما قاسياً ويلجأ الى الريموت كونترول ليغير القناة، لان لا شيء يجبره على متابعة برنامج فاشل حتى لو كانت من تقدمه جميلة، لا سيما اذا كانت تفتقر الى الشخصية».

اما عن سبب اقبال المحطات على الاستعانة بالجميلات فيقول طربيه: «الامر لا يقتصر على ملكات الجمال وانما يشمل النجوم. فقد لاحظنا كيف تحول دريد لحام الى مقدم برامج وكذلك ايمن زيدان ونور الشريف وسماح انور وغيرهم. من هنا تتم الاستعانة بشخص مشهور كملكة الجمال، لان الامر يوفر المادة الاولية مع قليل من الصقل والاعداد، مما يخفف على عامل الاستثمار مسؤولية الانطلاق من الصفر، ويوفر سلفاً استقطاب المعلنين والمشاهدين. فالمهم ان يختصر الوقت اللازم للترويج مع الاشارة الى ان الامكانات التقنية تساهم باخفاء الكثير من العيوب الشكلية والصوتية، كما ان تقنيات التلقين تخفف من تورط المقدمة، اذا كانت تفتقد الى الثقافة العامة».

وبدوره يشير قهوجي الى «ان اختيار ملكات الجمال لتقديم البرامج هو من مسؤولية المشرفين على الانتاج، ولكن المعروف ان هذا الاختيار يساهم برفع نسبة المشاهدة، لان ملكة الجمال على قدر من الشهرة، وبالتالي لا تحتاج الى مجهود كبير في البداية لتحضير حملة اعلانية بغية الترويج للبرنامج وتعريف الجمهور على من يقدمه كما هي الحال مع مقدمة موهوبة وجميلة وإنما غير معروفة».

من جهتها ترد الحسناء آلين وطفا التي لم تحصد لقباً في مسابقة ملكة جمال لبنان عام 2004 على سؤال «هل يعود الفضل فقط الى جمالها فقط؟» بقولها «بالطبع لا»، وذلك لأن «المسابقة التي خضتها شارك فيها كم من الجميلات، واعتقد اني لفتت الانظار بسبب شخصيتي وعفويتي!».

ولا تنزعج آلين في الاشارة اليها كاعلامية دخلت المهنة من باب الجمال وتعتبر انه الباب الذي فتح امامها فرصة تحقيق حلمها.

وقد خضعت آلين الى دروس خاصة في فن الالقاء على يد المخرج الإذاعي عمر الزين، كما تتلقى حالياً دروساً في كيفية الجلوس والتصرف امام الكاميرا لدى انطوان كسابيان.

* ملكات الإعلام 1 ـ نيكول بردويل: ملكة جمال لبنان عام 1994 قدمت برنامج STAR MAKER على فضائية LBCI والتلفزيون المصري.

2 ـ نورما نعوم: ملكة جمال لبنان عام 1999 قدمت برنامج «أستديو الفن» على شاشة LBCI وبرنامج «جار القمر» على شاشة «اوربت».

3 ـ دينا عازار: ملكة جمال لبنان لعام 1995 مثلت دوراً في مسلسل «رماد وملح» وتقدم برنامج «أسرارهن» على فضائية دبي.

4ـ نسرين نصر: ملكة جمال لبنان لعام 1996 قدمت برنامج «يا عمري» مع جلال شهدا على شاشة «المستقبل» وقدمت برنامج ملكة جمال لبنان علىLBCI .

5 ـ ريتا لمع: وصيفة ملكة جمال لبنان لعام 2003 ماري جوزيه حنين، قدمت برنامج «سمرة» مع وائل منصور على شاشة «المستقبل» وبرنامج «شو هي الغنية» مع محمد خلاوي على LBCI.

6 ـ كاتيا كعدي: وصيفة ملكة جمال لبنان لعام 1998 كليمانس اشقر. قدمت برامج «فنان الأسبوع» و«اهداءات» و«اطلبها واسمعها» على قناة art وبرنامج «وبس «Star على قناة «هي».

7ـ جويل بحلق: ملكة جمال لبنان لعام 1997 قدمت برنامج SHE STYLE على شاشة mbc وشاركت في اعمال تلفزيونية.

8 ـ ألين وطفا: شاركت في مسابقة ملكة جمال لبنان للعام الماضي ولم تحصد أي لقب وهي تحضر برنامج «على هواكم» للمؤسسة اللبنانية للإرسال LBCI.