أقدمت السعودية أخيرا على خطوة ضم إحدى أكبر المؤسسات المتخصصة في مجال النفط بالسعودية، وهي المؤسسة العامة للبترول والمعادن «بترومين» وإلغاء نظامها بالكلية، حيث أعلنت رسميا أن التقارير التي رفعتها وزارة البترول والثروة المعدنية عبر وزيرها المهندس علي النعيمي، إلى مجلس الوزراء السعودي أوصت بحل المؤسسة وضمها إلى شركة الزيت العربية السعودية «أرامكو» السعودية، وبناء عليه تمت الموافقة الأخيرة.
ولم يكن القرار مفاجئا للأوساط النفطية بل كان متوقعا حيث تمت عملية تصفية «بترومين» واقعياً عام 1993 عندما تم دمج الشركة السعودية للتسويق والتكرير «سمارك» مع أرامكو السعودية، وآلت بناء عليه مصافي التكرير التي كانت في إدارة «سمارك» إلى «أرامكو» السعودية وذلك نتيجة لما وصف بعدم جدوى وجودها السابق وأفضلية تفعيلها عبر «أرامكو»، وكانت هذه الإشارة هي الخطوة الأولى لانحسار دور هذه المؤسسة لا سيما بعد أن تم تأسيس شركة التعدين العربية السعودية «معادن» لتؤول إليها جميع مهام وأعمال والدراسات المتعلقة بالشأن التعديني المتعلق بـ«بترومين» في عام 1997 لتكون بمثابة النهاية لما يمكن أن تقدمه الشركة المنحلة على الصعيد النفطي والنشاط التعديني.
ويمثل حل الحكومة السعودية لـ «بترومين» وضمها إلى «أرامكو» السعودية، إضافة إمكانيات جديدة للأخيرة حيث سيتم نقل جميع ما بقي من خدمات «بترومين» إلى «أرامكو» لتخضع لقوانين ومعايير أعمالها وذلك ضمن حرص الحكومة على تطوير جميع القطاعات في إشارة إلى مرونة الحكومة السعودية في التحرك عندما تتطلب المصحلة العامة لتغيير ما يلزم وفي أي قطاع أو نشاط.
وتتبع المؤسسة العامة للبترول والمعادن «بترومين»، وزارة البترول والثروة المعدنية السعودية التي تتبعها كذلك جملة من المؤسسات والشركات الكبرى من بينها شركة الزيت العربية السعودية «أرامكو» السعودية، وشركة «تكساكو» العربية السعودية، و«أرامكو» لأعمال الخليج، وشركة التعدين العربية السعودية «معادن»، إضافة الى هيئة المساحة الجيولوجية السعودية.
وقد كانت ولادة «بترومين» عام 1962 حيث تطلعت الحكومة السعودية حينها أن تساهم الشركة في الأنشطة التجارية والصناعية المتعلقة بالنفط والمعادن، لتتولى وقتها مسؤولية تنفيذ وإدارة المشروعات النفطية والمعدنية في السعودية وأجرت الدراسات والأبحاث المتعلقة بشؤون النفط والمعادن، فقامت بباكورة أعمالها وأنشأت المصافي لتكرير البترول والمناجم لاستخراج المعادن، كما قامت بإنشاء شركات و مشروعات تساهم في رأس مالها داخل السعودية و خارجها.
وتمثل المؤسسة العامة للبترول والمعادن «بترومين» أول شركة نفط وطنية متخصصة في السعودية، إذ أنيط بها فور بداية عملها إعداد المشروعات وتنفيذها لتنمية الصناعات النفطية والبتروكيماوية والمعدنية مع التخلي التدريجي من جانب «أرامكو» السعودية عن مساحات من أراضي الامتياز ودخول شركات نفط جديدة إلى البلاد، وهو ما أكسب «بترومين» حينها أهمية متزايدة، وزاد من تعزيز منزلتها واتساع مسؤولياتها تجاه تطبيق مبدأ المشاركة في أسهم رأسمال «أرامكو». إلا أن نشاطات «بترومين» لم تكن بالقوة المتوقعة، ولم يعد لها تأثير وحضور يمكن أن تشكل به إضافة اقتصادية في الوسط النفطي السعودي، فبدأت الخطوات لحلها بالتدريج حيث تم خلال 1993 تحويل ملكية الشركة السعودية للتسويق والتكرير (سمارك) التابعة لـ«بترومين» إلى «أرامكو» السعودية في عام 1993، وبعد ثلاث سنوات ملكية مشاريع شركة تكرير وتصنيع زيوت التشحيم (بترولوب) عام 1996، كما تملكت بالكامل حصة «بترومين لوبريف» في ذات العام والتي ساهمت في تأسيسها بنحو 70 في المائة، مع إكسون موبيل التي تمتلك 30 في المائة منها.
وجاءت تحركات الحكومة السعودية لتوضح محدودية دور «بترومين» حيث أعلنت السعودية عام 1997 موعدا لانضمام شركة كبرى جديدة إلى «بترومين» و«تصنيع زيوت التشحيم» حيث صدر مرسوم ملكي بإنشاء شركة التعدين العربية السعودية «معادن» برأسمال 4 مليارات ريال (1.06 مليار دولار) لتتولى مهمات مشاريع التعدين التي كانت لـ «بترومين»، وكان التعدين النشاط الرئيسي الثاني لبترومين بعد النفط، وبإنشاء «معادن» يكون قد تحول جميع ما يتعلق بنشاط التعدين في بترومين إليها، حتى جاء قرار الحكومة السعودية لتعلن عن نهاية المؤسسة العامة للبترول والمعادن «بترومين».