«ريمكو» بدأت عائلية بوكالة «اولدزموبيل» وتحولت مؤسسية لوكالات سيارات

أدرجت في بورصة بيروت عام 1997 ولها شركاء محليون وعرب

TT

في ظل التطور الاقتصادي وانفتاح الاسواق، تواجه الشركات العائلية تحديات عدة لعل اهمها قابليتها للتحول من ملكية خاصة الى مؤسسات مساهمة. مؤسسة رسأمني يونس «ريمكو» Rymco صاحبة وكالات سيارات نيسان وجي ام سي في لبنان، اسسها آل رسأمني في الستينات وتخطت، قبل سنوات، مفهوم الشركة العائلية من خلال طرح اسهمها في بورصة بيروت في عام 1997 وادخال اعضاء عرب ولبنانيين من خارج «الملاك العائلي» الى مجلس الادارة.

ويروي فايز كميل رسأمني (من الجيل الثالث للعائلة في المؤسسة) لـ «الشرق الاوسط»، مراحل تطور الشركة باتجاه المؤسسة، قائلاً: «في العشرينات هاجر جدي فايز وشقيقاه رشيد وحسيب الى افريقيا، وعملوا في قطاعات مختلفة الى جانب تجارة السيارات، ثم حازوا عدة وكالات ابرزها كرايزلر وهوندا ولاندروفر. وفي عام 1957 قرر حسيب تأسيس عمل في لبنان، فاتى بوكالة اولدزموبيل واسس شركة رسأمني يونس (آل يونس اقاربه لجهة والدته). لكن وتيرة العمل لم تكن جيدة. وفي عام 1967 اقترح عليه احد الموظفين الحصول على وكالة سيارات نيسان (داتسون)، متوقعاً ان يكون لهذه الماركة مستقبل زاهر، لا سيما انه حينها لم تكن معروفة على نطاق عالمي. ومع دخول وكالة نيسان ضمن اعمال الشركة تحسنت المبيعات بشكل لافت واصبحت السيارات اليابانية تباع اكثر من السيارات الاميركية. كنا نبيع شفروليه وGMC وفي ما بعد انصب تركيزنا على السيارات اليابانية».

ويتابع مذكراً بتأثير الحرب اللبنانية على مسيرة الشركة: «في عام 1975 ومع اندلاع الحرب اللبنانية اجبرنا على نقل مكاتبنا وصالات العرض اكثر من مرة. قبل الحرب كنا موجودين في منطقة الشياح (ضاحية بيروت)، ومع انتهاء الحرب واستقرار الاوضاع في التسعينات عدنا الى الشياح. وتبلغ مساحة صالة العرض في عمارتنا في الشياح 1000 متر مربع، بينما تبلغ صالة العرض الخاصة بماركة سيارات انفينيتي ـ التي افتتحناها اخيراً في وسط بيروت ـ 260 متراً مربعاً. بالطبع خلال الحرب واجهنا صعوبات عدة. في عام 1993 ومع استقرار الاحوال وتبلور صورة لبنان ما بعد الحرب وانطلاق ورشة اعادة اعمار بيروت وضخ الاموال، شهدنا نموا لافتا وبدأنا نكبر ونتوسع، فقررنا في عام 1997 طرحنا الشركة في البورصة. وملكيتها كانت ـ حينها ـ تقتصر على جدي فايز وشقيقيه رشيد وحسيب واولادهم».

ويشرح كيفية اتخاذ هذا القرار: «بعدما خاض اول جيل بعد المؤسسين المعترك العملي، اي والدي وابناء عمومته، ثم ابناء هذا الجيل، صار لكل منا عمله الخاص في لبنان والخارج، وكان هناك توجه نحو اوروبا واميركا وافريقيا، في اوروبا اسس ابناء عمومة والدي شركات تعرف بـ Trading houses واصبحوا يصدرون من لبنان الى اوروبا. وفي اميركا هناك من خاض مجال البناء، وفي الوقت نفسه الاعمال في ليبيريا كانت ما زالت قائمة. اي لم يعودوا تحت مظلة واحدة. وهكذا قرر حسيب (في عام 1996)، انه في ظل النمو والتوسع الذي شهدته «ريمكو» اصبح الوقت ملائما لطرحها في البورصة فقمنا بتسييل 42 بالمائة من الشركة وطرحناه في البورصة ويومها حصل اقبال على شراء الاسهم فاق توقعاتنا. ومن الطبيعي ان يتبع ذلك تغيير في هيكلية مجلس الادارة، لاننا اصبحنا شركة مساهمة. فدخل مجلس الادارة اعضاء جدد اضافة الى افراد العائلة، ومنذ عام 1997 وحتى اليوم شهد مجلس الادارة تغيرات عدة في اعضائه. واليوم يضمّ مجلس الادارة شركة الخرافي الكويتية وشركة «ميدل ايست كابيتال غروب» المالية اللبنانية وشركة التأمين فيدليتي التي يرأس مجلس ادارتها ريكاردو سليمان. ورجل الاعمال اللبناني صلاح عسيران، ومروان خيرالدين عضو مجلس ادارة بنك الموارد. والجدير بالذكر ان مروان انضم حديثاً الى مجلس الادارة وصلاح عسيران حلّ مكان رجل الاعمال اللبناني رئيس مؤسسات سوكلين ميسرة سكّر. كما حلّ دكتور الاقتصاد اكرم حمادة مكان رجل الاعمال السوري الاصل فيصل القدسي (المنتشرة اعماله ما بين الخليج ولندن) الذي كان يمثّل شركة Gold Invest. والجدير بالذكر انه خلال حقبات التسعينات كنا وكلاء نيسان في سورية».

وعن هيكلية الشركة وطبيعة العمل ووضع آل رسأمني في ظل وضع المؤسسة كشركة مساهمة، يقول فايز: «بعدما طرحنا الشركة في البورصة ظلّ آل رسأمني المساهم الاكبر فيها، لكن اسم العائلة لا يضمن او يوفّر فرصة عمل انما الكفاءة وحدها تفعل ذلك. صحيح ان آل رسأمني يملكون الحصة الاكبر، لكن ليسوا بمثابة جسم واحد. لكل فرد منا افكاره وتوجهاته. نعم آل رسأمني كعائلة هم المالكون لاكبر مجموعة اسهم لكن كل شخص في مجلس الادارة يصوّت ـ بصفة خاصة ـ مع او ضد».

ويرأس مجلس ادارة الشركة حاليا فايز رسأمني (جد فايز جونيور)، فيما كان يرأسها في السابق شقيقه رشيد، الذي توفيّ منذ سنوات فحلّ مكانه ابنه وليد عضواً في مجلس الادارة.

اما حسيب ـ المؤسس ـ فتوفي منذ فترة طويلة واولاده ما زالوا يواصلون العمل، كما ان كميل والد فايز عضو مجلس ادارة وهو النجل الوحيد لفايز رسأمني. ومن اعضاء مجلس الادارة ايضا فادي يونس شريك العائلة.

وهل يفكر آل رسأمني والمساهمون بطرح اسهم الشركة في بورصة دبي او اي من البورصات الخليجية الاخرى في ظل الفورة المالية الحاصلة في الاسواق الخليجية؟، يجيب فايز: «من المؤكد ان هذا الامر وارد، لكن ليس الآن. اولاً يجب ان نطوّر انفسنا ونكبر، ثم نسوّق انفسنا من خلال حجم ضخم يناسب التحديات الماثلة في سوق الاسهم الخليجية، بورصة دبي مهمة وجذابة».

وهل عادت عملية طرح اسهم الشركة في البورصة اللبنانية بالفائدة المرجوة عليها؟، يقول: «طبعاً هذا الامر عاد بالفائدة علينا، لكن من المؤسف ان السهم لا يتحرك.. لا يصعد ولا يهبط. بالنسبة للمشتري السهم لا يمثّل القيمة الفعلية للاستثمار في بورصة بيروت».

ويفيد فايز بأن «رأس المال ما زال عند مستواه منذ الستينات ويبلغ 25 مليار ليرة لبنانية (حوالي 18 مليون دولار). اما حجم الاعمال خلال السنوات الثلاث الاخيرة فيراوح ما بين 60 و80 مليون دولار. وتبلغ حصّة ماركة نيسان من السوق اللبنانية 12 في المائة، بينما تناهز حصة شركة ريمكو (متضمنة GMC وانفينيتي) 14 في المائة». ويؤكد ان شركة ريمكو حازت المرتبة الاولى من ناحية المبيع وحجم الاعمال خلال سنة 2005، بينما حلت ثانية خلال العام الماضي. واليوم تحتلّ المرتبة الثانية شركة بيجو بينما احتلت المرتبة الاولى العام الماضي. ويعتبر «ان بيجو هي المنافس الاهم من ناحية المبيع، أمّا من ناحية حجم الاعمال فهناك فجوة فيما بينهما لمصلحة ريمكو». كما ينظر فايز الى شركة بسّول وحنيني وكلاء سيارات BMW على انهم من ابرز المنافسين، لا سيّما من ناحية المبيع. وله رأي خاص في تصنيف المنافسين ومفاده «ان المنافس هو من لديه مستوى مستقر للمبيعات. من تشهد مبيعاته فورة لعام ما ثم يشهد هبوطاً بعده، يعني انه لا استراتيجية محددة لديه، وبالتالي ما من استقرار فلا ننظر اليه كمنافس». وعن سوق السيارات في لبنان، والى اي مدى يعتبر خصباً، يقول: «شهدنا فورة ما بين عام 1996 و1998. بالطبع عند اغتيال الرئيس رفيق الحريري مطلع هذا العام كلّ الاسواق تراجعت، لكن الحياة الاقتصادية والاعمال تستمر بمنأى عن التطورات السياسية لان الناس اعتادوا على التكيف مع الاوضاع، ولم يعد الاقتصاد مربوطاً الى حد كبير بالمجريات السياسية، لانه ما من احد الا ولديه نافذة نحو الخارج تضخّ له اموالاً الى لبنان. هذا ما يحصل في مختلف القطاعات، لا سيّما القطاع المصرفي والعقاري والسياحي. حجم سوق مبيع السيارات في لبنان بلغ خلال عام 2004، 20 الف سيارة، هذه السنة تراجع الى 16 الفا و300 سيارة. واتوقع ان يقارب خلال سنة 2006 الـ 18 الف سيارة ويعود بعدها ليلامس 20 الف سيارة. نعم سوق السيارات في لبنان يعتبر مجالاً خصباً، شراء السيارات المستعملة تراجع كثيراً لأن سعر السيارة الجديدة اصبح ارخص من قبل. بالامس لم تكن هناك سيارة جديدة بأقل من 12 الف دولار. وما احب التنويه به ان شركات تأجير السيارات هي ابرز من يساهم في ازدهار هذه السوق، لا سيّما في ظلّ الاقبال السياحي الحاصل. ونحن نعوّل عليهم لمضاعفة حركة المبيع مستقبلاً. الافراد مهما اشتروا لن تتجاوز نسبة الشراء 15 في المائة بينما تذهب نسبة بين 30 و40 في المائة من البيع الى شركات التأجير».

وحول ما اذا ساهمت التسهيلات التي تقدمها المصارف في ازدهار حركة بيع السيارات في لبنان، يقول: «المصارف تتنافس لتقديم العرض الافضل، ومن المؤكد ان هذه التسهيلات شجعت الناس على شراء سيارات جديدة، لكن هذه التسهيلات ساهمت اكثر في ازدهار غيرنا. العام الماضي كنّا نحن نقوم بتسليف الزبون مباشرة، لذلك لم يتغير الامر علينا. من لم يكن يتبع هذه الاستراتيجية ساعدته المصارف وازدهر، نحن كنّا وما زلنا نسلف مباشرة لغاية العام الماضي، ثم اصبح ما بين 60 الى 70 في المائة من عملنا يقوم على المصارف». واذا ما كانت طريقة التسليف متعبة، يجيب: «للتسليف اربابه، المصارف وجدت لذلك. الشركة التي تسلف مباشرة يجب ان يكون باستطاعتها القيام بذلك وان يطرح سقف الدين في ميزانيتها. المصارف يراقبها مصرف لبنان ويحدد مقدرتها على التمويل، بينما نحن ما من احد يراقبنا، والخطورة تكمن هنا. اجد انه من الاريح التعامل مباشرة مع زبائننا التي ندرك تماماً اوضاعهم دون المرور بالمصارف».

ويختم فايز قائلا: «برأيي ان افضل شيء انجزناه ليس طرح الشركة في البورصة فحسب، إنما استقطاب الكفاءات. اليوم الرئيس التنفيذي للشركة هو عبده سويدان، ووجوده يعود الى كفاءته. العائلة ولو كانت المالكة للشركة وهي فقط التي تقوم بزيادة الاصول والموجودات، كما يحصل في القطاع المصرفي، لكان يحق لها ان تبقى هي المسيطرة، لكن في ظل دخول مساهمين قاموا بضخّ اموال وضاعفوا الارباح فما من الضروري ان يبقى الفرد لمجرّد انه سليل هذه العائلة المالكة للمؤسسة، ابن العائلة يأتي اذا استوفى شروط الكفاءة، ويبقى اذا ساهم في مضاعفة ارباح المساهمين، أما اذا لم يفعل فليس من الضروري ان يستمر. هنا نكون تخطينا حدود العائلية واصبحنا مؤسسة بكل ما للكلمة من معنى».