الإعلام المصري في قبضة النساء

لأسباب تتعلق بالأقدمية والظهور والكثافة العمالية

TT

على الذين يتحدثون عن الظلم الواقع على المرأة في المجتمعات الشرقية، وتراجع دورها أن ينصتوا قليلاً، وعلى الذين يتحدثون عن المساواة بين الرجل والمرأة وانها نصف المجتمع أن ينصفوا الرجل هذه المرة، فحسب آخر إحصائية عن تعداد العاملين في وزارة الإعلام المصرية والبالغ عددهم 35 ألف مصري يتبين أن نسبة النساء العاملين فيها 70 في المائة.

وعلى الصعيد الإعلامي لا يتوقف الأمر عند هذا الحد فنسبة أكبر قد تصل إلى 95% من القيادات الإعلامية والإذاعية نساء أيضاً، ومن يقف في الدور الثاني أيضاً نساء.. في حين أن دور الرجل متراجع تماماً، ويمكن للعين الفاحصة أن تعرف مثلاً أن رئيس التليفزيون امرأة ورئيس الإذاعة كذلك، ورئيس القنوات المتخصصة، ورئيس قطاع الفضائيات، ورئيس القناتين الأولى والثانية، بالإضافة إلى عدد كبير من القنوات المتخصصة الناطقة بالعربية والإنجليزية وأيضاً الإذاعات يحملن صفةً بيولوجيةً واحدة.. إنهن نساء.

إذا كان الذين يتحدثون عن حقوق المرأة قد صمتوا الآن، فإن الذين يتحدثون عن حقوق الرجل من حقهم أن يذكروا أن القنوات الفضائية لا يوجد فيها قيادي رجل.. اما الإذاعة فهناك رجل يرأس شبكة البرنامج العام بينما يرأس شبكة القرآن الكريم والشباب والرياضة وصوت العرب والشرق الأوسط نساء.. اما القنوات المتخصصة، فبخلاف قناتي التنوير والثقافية فباقي القيادات نسائية..

الطريف في الأمر أن البعض يربط بين تراجع «الدور الريادي» للإعلام المصري في مواجهة الفضائيات والتليفزيونات العربية، وهو الأمر الذي جعل الدكتور صفوت العالم الأستاذ بكلية الإعلام ينفجر ضاحكا ويقول: ان السبب في تراجع دور الإعلام المصري ليست المرأة ولا توليها القيادة بالتحديد وإنما المنظومة وإدارة هيكلة الإعلام الخاطئة والتضخم الوظيفي وانتشار الوساطة في التعيين، هي السبب في ذلك.

ولا يعرف العالم السر في انه اصطلح على أن تكون المرأة هي واجهة للشاشة افضل من الرجل حتى في نشرات الأخبار، غير انه يعتقد أن الأمر يشبه تماما أمر السكرتيرة التي يفضل المديرون ورجال الاعمال جعلها في واجهة مكاتبهم.

جانب اخر يذكره الدكتور العالم لتبرير هذه الظاهرة وهو أن المرأة تحرص منذ صغرها على الموجود في العمل الإعلامي.. فتعمل وهي في العشرينات وبحكم التدرج الوظيفي نجدها وصلت لمنصب قيادي، على عكس الرجل الذي يضطر لقطع فترة عمله في وزارة الإعلام لمدة خمس أو عشر سنوات ليعمل في إحدى الدول العربية ليزيد دخله، ويستطيع أن يسد حاجاته الأساسية، وهو ما يترك الفرصة سانحة أمام المرأة التي قلما تسافر وهو ما يساهم في تعاظم دورها.

ثمة مشكلة أخرى يراها الدكتور صفوت العالم وهي أن القرار الإعلامي الذي يصدر الترقيات يقصر القيادة على المذيعات مع أن هناك عاملين آخرين يستحقون وربما يكونون اكفأ مثل المخرجين أو المعدين وبناء على هذا نجد أن 90% من القيادات النسائية كن في الأصل مذيعات، إن لم يكن كلهن كذلك.

ومتخذو القرار في اعتقاد العالم يبحثون عن الشهرة ولذلك يهمشون أدوارا هامة مثل المعد والمخرج ومحرر النشرة وفي أحيان كثيرة نجد أن عددا كبيرا من المذيعات لا يصلحن كرؤساء عمل، والمشكلة في اعتقاده تتعلق بالاختيار بالأساس منوها إلى أن وظيفة الإعلامي تماما مثل وظيفة الطيار، لا بد من تقييم صلاحيته كل فترة حتى يعرف هل هو ملائم أم لا، ويتساءل «المذيعة التي تظل تعمل لمدة 30 سنة لماذا لا يقيمونها اولا ام تريدون ان تقهروني كمواطن» مشيرا إلى اننا لو نظرنا إلى الأحداث خلال السنوات الأخيرة سنجد عددا كبيرا من قضايا الفساد سببها الرشاوى وتوريث مهنة الإعلام والوسائط، ولو نظرنا إلى تترات البرامج سنجد أن معظمهم من عائلات معروفة بالاسم فهياكل الإنتاج الإعلامي بالكامل في حاجة إلى إعادة صياغة وهي ليست مرتبطة بالمرأة فقط دائما وإنما بتنسيق الأدوار.

هذا الرأي الذي تتفق معه سوزان حسن رئيس التليفزيون المصري فهي ترى أن التراجع الإعلامي ـ إذا كان ثمة تراجع بالأساس ـ ليست المرأة هي السبب فيه، وفي اعتقادها فالمرأة كافحت وناضلت حتى تصل إلى موقعها هذا، وليس من الطبيعي مهاجمتها.

من حق سوزان حسن كامرأة قيادية أن ترفض أيضا الربط بين وقائع الفساد وبين تولي المرأة مناصب قيادية في الإعلام المصري.. فما وصلت إليه المرأة ـ في رأيها ـ أمر طبيعي إذا قارناه بكفاحها ومثابرتها.

إذا كان الإعلام المصري يتحدث عن تراجع دور المرأة إعلاميا، في الوقت الذي نجدها فيه قد احتلت الصدارة في هذا الإعلام، هل ثمة تناقص هنا؟ في رأي الدكتور فاروق ابو زيد عميد كلية الإعلام بجامعة مصر الدولية وعضو المجلس القومي للمرأة ليس ثمة تناقض لأن نمو دور المرأة واقع موجود، تعليمها ازداد وتوليها مناصب قيادية ازداد بالتالي، وإذا كان ثمة تراجع فهو في الدور السياسي، وهو متعلق بأسباب ليس للمرأة دخل فيها، ففي الانتخابات اعتمد على البلطجية وسلاح المال والرشاوى الانتخابية ولذلك لم تحرز المرأة مقاعد كثيرة.

ويعتقد ابو زيد ان العمل الإعلامي اكثر ملاءمة لدور المرأة لأسباب كثيرة أهمها انه يكشف مواهب المرأة بالإضافة إلى انه عامل جذب للنساء للظهور، علاوة على أن الدولة والمجتمع في ظروف معينة يحتاج ان إلى فتح فرص مناسبة للنساء حتى يشاركن، وفعلت الدولة ذلك في الإعلام كما فعلت في مجال التعليم ومع ذلك سنجد أنه لا توجد قرارات تميز النساء في الإعلام.. وما حدث مجرد تطور طبيعي لإقبال المرأة على العمل في هذا المجال، وهو ما يؤكد اننا لو أعطينا الفرصة للنساء فإنهن سيتقدمن ويثبتن جدراتهن.

ولا يرى ابو زيد أي ملحوظات على عمل المرأة كقيادية ويقول: في مرحلة معينة كان هناك رجال اكثر، لكن نتيجة للإقبال الزائد من النساء زادت نسبتهن ولا يصح أن نتخطى المرأة لكي نرقي الرجل ولا يوجد أيضا رجال حرمناهم من اجل النساء مناديا بعدم الخوض في حروب التقسيم بين الرجل والمرأة وعدم التمييز.

* أشهر القيادات النسائية في الإعلام المصري * سوزان حسن ـ رئيس التليفزيون * إيناس جوهر ـ رئيس الإذاعة * عزة الاتربي ـ نائب رئيس التليفزيون * ميرفت فراج ـ نائب رئيس التليفزيون * نجوى عزام ـ نائب رئيس التليفزيون * مهرة راشد ـ نائب رئيس التليفزيون * صفاء قطب ـ مستشار رئيس التليفزيون * نادية حليم ـ رئيس القناة الأولى * فاطمة فؤاد ـ رئيس القناة الثانية * فاطمة الكسباني ـ نائب رئيس القناة الأولى * نهال كمال ـ نائب رئيس القناة الثانية * سهير محمد الباشا ـ رئيس إذاعة الشباب والرياضة * نبيلة محمد مكاري ـ رئيس إذاعة صوت العرب * انتصار شلبي ـ رئيس إذاعة الشرق الأوسط * هاجر سعد الدين ـ رئيس إذاعة القرآن الكريم * عزيزة الجمال ـ رئيس الإذاعات المتخصصة * درية شرف الدين ـ رئيس قطاع القنوات المتخصصة * ماجدة ابو هيف ـ نائب رئيس قطاع القنوات الفضائية * ميرفت سلامة ـ رئيس الفضائية المصرية الأولي * آمال البري ـ رئيس الفضائية الثانية * نشوى الشلقاني ـ رئيس قناة النيل الدولية * تهاني حلاوة ـ رئيس قطاع القنوات المتخصصة * سهير شلبي ـ رئيس قناة الدراما * راوية راشد ـ رئيس قناة الأسرة والطفل * ميرفت فراج ـ رئيس قناة التعليم العالي * حنان يوسف ـ رئيس قناة المعلومات * سلمى الشماع ـ رئيس قناة المنوعات * هالة حشيش ـ رئيس قناة الأخبار * لطيفة الشافعي ـ رئيس القناة التعليمية * نادية صبحي ـ رئيس القطاع الاقتصادي