زوجة الزعيم الروحي لـ«الافغان العرب»: قتل مسعود وصمة كبرى في تاريخ ابن لادن

أم محمد لـ الشرق الاوسط: هناك خلافات بين زوجي وجماعة الظواهري ولكنهم لم يدبروا قتله

TT

يعتبر الدكتور عبد الله عزام، الزعيم الروحي لـ«الافغان العرب» بين مريديه وأنصاره، أنه الإمام وسيف الجهاد، لانه نذر نفسه منذ فجر شبابه ليكون صوت الجهاد المدوي في كل مكان، حيث انخرط في القتال في فلسطين بعد هزيمة 1967، وحينما بدأ الجهاد في أفغانستان انطلق ضد القوات السوفياتية، ذهب إلى هناك عام 1982 ليشارك في العمليات العسكرية، وجال عددا كبيرا من بلدان العالم، داعيا الشباب العربي والمسلم للانخراط في صفوف المجاهدين. وكان عزام يتنقل في بلاد العالم الاسلامي يحرض المؤمنين على القتال ويدعو الناس إلى تحرير افغانستان بالنفس والمال، وشارك في القتال وعاش هناك مع أولئك المجاهدين، لبس لبوسهم وتزين بزيهم وعاش عيشهم في بيشاور، حيث اسس مكتب «الخدمات» عام 1984 النواة الاولى لـ«القاعدة» ليكون مؤسسة إغاثية جهادية متخصصة بالعمل داخل أفغانستان ارتبطت باسمه، وكان هدفه توحيد المجاهدين العرب وصهرهم في بوتقة واحدة على اختلاف توجهاتهم وانتماءاتهم. واستشهد عبد الله عزام في مدينة بيشاور الحدودية في باكستان يوم الجمعة 24 نوفمبر (تشرين الاول) 1989 أثناء توجهه لتأدية صلاة الجمعة عندما تعرضت سيارته لانفجار مروع، ما أدى إلى مقتله مع ولديه، محمد وإبراهيم، الذين تناثرت أشلاؤهم على مساحة واسعة حول السيارة التي انشطرت إلى قسمين من قوة الانفجار. «الشرق الاوسط» التقت السيدة أم محمد رفيقة دربه، التي تحدثت عن المراحل التي مرّ بها في حياته، وقالت إن دعوة زوجها للجهاد لم تكن لها راية مستقلة، ولم تحمل في طياتها ثقافة الانتحار واختطاف المدنيين وقتلهم، بل كان يحث العرب على الاندماج في المجتمع الافغاني. اجابت أم محمد في منزلها، على اسئلة «الشرق الاوسط» التي حملتها الزميلة نهيل شحروري من مكتب الاردن. وكشفت عن اسباب الخلاف بين عبد الله عزام وتلميذه بن لادن زعيم «القاعدة»، واشارت الى ان الوصمة الكبرى في تاريخ بن لادن هي ارتباط اسمه باغتيال احمد شاه مسعود، اسد بانشير، زعيم «الجهاد» الافغاني. وجاء الحوار على النحو التالي: > كيف تم زواجك بالشيخ عبد الله عزام.. وكيف ترينه كزوج وانسان وأب؟ ـ هناك علاقات قوية بين اسرتينا، ونحن من عرب 1948، وهناك نسب ومصاهرة بين عائلتينا، ثم هاجرنا الى جنين، وولدت في منزل شقيقة الشيخ عبد الله، وكان عمره انذاك 8 سنوات، ثم رحلنا الى طولكرم، وسبحان الله ابتعث الى نفس البلدة للدراسة، حتى يجيء لزيارتنا، وبعد ثلاثة ايام ارسل والده لطلب يدي ويكون النصيب.

والشيخ عبد الله عزام كان متدينا منذ صغره، يعني منذ أن كان عمره 7 أو 8 سنوات، واشتد عوده وهو في الحركة الإسلامية. وقد تربى على أخلاقها ومبادئها. سافر إلى طولكرم ليكمل تعليمه في مدرسة خضورية، ثم التحق بكلية الشريعة في دمشق، وفي إحدى زياراته إلى البلاد تقدم لخطبتي وعمري لم يتجاوز الثالثة عشرة.

وكان نعم الزوج في انسانيته ورعايته لأطفاله، وربما يكون مثله في الدنيا آخرون، ولكن ليس في المعاني الانسانية التي كان يتفرد بها، ووقعه في القلب افضل مما في الدنيا. وكان يصر على العلم واهميته بالنسبة للمحيطين به، وكان يتميز بتمسكه بالمثل العليا، وهناك كثير ممن رأيتهم بعد ذلك ليسوا على غراره في تفانيهم من اجل الآخرة وليس الدنيا. لقد كان جسده في الأرض وروحه في السماء، كان مرتبطا جدا بدعوته، وحريصا على تعليمي وإعدادي لكي أكون أماً تسد ثغرة غيابه، ويسعى دوما لكي يكونوا رجالا صالحين.

وكان كثير الحرص على أطفاله، واذا مرض احد من اطفاله كان لا ينام الليل، وكان مرتبطا كثيرا بابنه ابراهيم الذي استشهد معه. واهم ما يميزه حقا هو تقديمه امور الجهاد على جميع مناحي الحياة، وكان لا يتأخر عن اجابة أي شخص في أي وقت. وحياته منذ ان عرفته كانت في سبيل الله. > كيف انعكس الجهاد على حياة الشيخ عبد الله عزام ؟

ـ منذ ان اقترنت بالشيخ عبد الله وحتى قبل السفر الى باكستان كان يجهز نفسه للجهاد والحياة الخشنة، فكان يخرج لصلاة الفجر في ايام الشتاء الباردة ويصر على استخدام المياه المثلجة من المزراب في الوضوء، وكان يكتفي بنوع واحد من الطعام واحيانا بوجبة واحدة فقط في اليوم واحيانا اخرى بالخبز اليابس، لانه كان يعد نفسه لهذا النوع من الحياة الصعبة في الجبال، وكان يحب الحياة الخشنة، ويهيئ نفسه على ان يكون مجاهدا وينذر نفسه للشهادة في سبيل الله. وكان في معظم الاحوال يمتلك فقط سروالين احدهما لارتدائه والاخر للغسيل، ورغم هذا فقد كان مهندما ونظيفا. والجهاد بالنسبة للشيخ عبد الله مثل الماء للسمكة. > هل كان الشيخ يناقش معكم أمور ومستجدات الجهاد ؟

ـ كانت السيدات العربيات يقمن بدور مهم في الاطلاع على مشاكل المهاجرات الافغانيات من الحرب، لان طبيعة المخيمات كان لا تسمح بالاختلاط بين الرجال والنساء، وكان الرجال انذاك معظم الوقت داخل الخنادق على الخطوط الامامية للقتال ضد الروس، وكنا في كثير من الاحيان نقوم بزيارة المخيمات ونبلغ الشيخ عبد الله بالنقص وما تعانيه العوائل من مشاكل ونقص في المواد المعاشية وخلافه. اما في ما يتعلق بأمور الجهاد والقتال فلم يكن يناقشها الشيخ عبد الله مع العائلة لحساسية المعلومات. > الفترة التي قضيتها في باكستان وافغانستان كيف تقيمينها الان ؟ ـ ما رأيت اليوم أي اخت من اللواتي كن معنا في باكستان في سنوات الجهاد حتى تتحسر على تلك الايام. > ايمن الظواهري و«القاعدة» متهمون بقتل احمد شاه مسعود بزعم انه كان يقف ضد الجهاد في افغانستان، فما رأيكم في هذا القول؟ ـ الشيخ عبد الله كان هو استاذ اسامة ابن لادن، وانقطعنا عنه منذ زمن طويل، ولكن حصل تغيير في شخصيته، وكان الشيخ يحبه ويصفه بانه من خيرة الناس، واكثر من ماء السماء، ولم تراوغه الدنيا في دينه، وكان اسامة يعيش مثل اقل مجاهد، رغم انه كان ينفق على معظم المجاهدين، كان يعيش مثلهم او ربما في ظروف اقل منهم. وليست لي معرفة بأيمن الظواهري، ولا أعرف اليوم سبب اقتراف «القاعدة» مثل هذا الخطأ. وربما اجتهدوا فاخطأوا. وارتباط اسم بن لادن بقتل مسعود يعتبر وصمة كبرى في تاريخه. اما مسعود فهو رمز الجهاد الافغاني، والشيخ كتب كتابا عن مسعود بعد ان عاش معه شهرا كاملا يتعرف فيه على شخصيته ويراقبه فيه، وقال له: انا جئت لأكتب عنك بسبب الشائعات التي كثرت حول انك عميل لفرنسا. وسمح له مسعود بان يجلس في مكتبه ويطلع على كافة ملفاته واشرطته وقيامه وصلاته في الليل. وفي الكتاب الذي حمل عنوان «شهر بين العمالقة» هناك كثير من الحقائق عن مسعود وورعه وتقواه. > وقوف العرب كطرف في قتال الافغان بعضهم بعضا، هل كان يوافق عليه الشيخ عبد الله ؟ ـ لم يسمح الشيخ عبد الله في حياته لأحد من المقاتلين العرب بالتحيز لأحد القادة الافغان، وكان دوره الاصلاح بين القادة والتوفيق في ما بينهم، وكان جميع قادة الجهاد الافغاني يحبونه ويستمعون اليه. > هل كان الشيخ عبد الله يحبذ نقل المعركة الى صفوف المدنيين ام كان يرى حصرها في الخنادق ضد العدو؟ ـ كانت لقادة الجهاد الافغاني اجتهادات بعد ان احتدمت المعارك بنقل الاسر والعوائل من افغانستان، لانها كانت حربا شرسة، واحضر المجاهدون جميع العوائل من داخل افغانستان الى داخل الاراضي الباكستانية. > هل انشأ الشيخ عبد الله خلال وجوده في باكستان وافغانستان راية مستقلة تحمل اسمه، أم وضع حياته لخدمة الافغان؟

ـ لم يقبل ان يسير معه حارس واحد لحمايته رغم التهديدات التي كانت تصل اليه، ولم يرفع شيئا واحد باسمه، حتى ميثاق الجهاد الافغاني الذي كتبه هو لم ينشر باسمه، واعلنه باسم رئيس الحكومة الافغانية ابان ذلك غلب الدين حكمتيار. حتى في فلسطين عندما ارادت حماس ان تعلن ميثاقها ارسلوا له لكتابة مقدمة للميثاق وتنقيحه وتعديله، وكان بإذن خاص منهم، واطلق على مكتبه الذي افتتحه «مكتب خدمات المجاهدين». وكان يقول لهم: انتم الان القادة ونحن خدمكم، ولم يفعل شيئا باسمه، او رفع راية باسمه، رغم ان الجهاد الافغاني كان يرمز اليه باسمه. > ما تفسيرك لتحول بن لادن والظواهري من رموز جهادية الى اكثر المطلوبين حول العالم ؟ ـ هذا شيء طبيعي، ليس فيه اجتهاد، لانهما اعلنا الحرب على كل من يحارب الاسلام. > هل ربطتكم علاقات عائلية مع زوجات بن لادن وام محمد زوجة الظواهري ؟ وكيف كنت ترينهن ؟

ـ زوجة الظواهري لم اكن اعرفها، ولكن كانت هناك علاقة مع زوجات بن لادن، حتى قبل الوصول الى باكستان، لاننا كنا نعيش في السعودية، وكنا نلتقي بهن ، وكنا نعرفهن. > ما رأيكم في الاتهامات التي تثار بين الحين والآخر حول ان جماعة الجهاد المصرية كانت وراء التخطيط لاغتيال الشيخ عبد الله عزام ؟ ـ هذا كلام غير صحيح، حقيقة حدثت خلافات كبيرة بين الجهاد المصري والشيخ عبد الله، ولكن لا أصدق ان الخلافات كانت وراء القطيعة وادت الى تورطهم في مقتل الشيخ. > هل صحيح ان بن لادن كان من السهل التأثير عليه وقيادته من قبل المحيطين به؟ ـ طبعا حدثت بعض المواقف، ولكن لا أحب التشمت في احد اليوم، وما نكنه لابن لادن هو كل احترام، فهو شارك بجهده وماله واولاده في الجهاد وضحى بنفسه وماله، ولكن الحقيقة هو انه رجل غير مثقف كثيرا، فلم يدخل الجامعة، اظن انه حاصل على الثانوية العامة، وسجل في الجامعة وترك. صحيح انه حاضر على علماء ومشايخ، ولكن كان يتقبل أي فكرة من باب الاجتهاد، وكان من السهل التأثير عليه. ولكن، وهذه حقيقة، لم يخرج على الشيخ عبد الله او اعترض عليه، ولكن بن لادن اقتنع ببعض الامور التي كانت تعرضها جماعة الجهاد المصرية، وعندما اراد بن لادن الانفصال، اجابه الى ذلك. > هل كان غيابه يؤثر عليكم وعلى تربية أطفاله ؟

ـ احيانا كنت أقول له أنت تترك اطفالك لمدة طويلة، لا بد أن تنتبه لهم ولتربيتهم، فكان يقول: ولماذا اعددتك؟ إني لأرجو الله أن لا يضيعهم. لقد كانت الدعوة والرسالة أهم اولوياته.

> متى بدأ جهاد الشيخ عبد الله عزام ؟

ـ بدأ في عام 1967 عندما احتل اليهود الضفة وقطاع غزة، وبقي يقاتل اليهود حتى اغلقت الحدود، فالشيخ عبد الله كان يرى الجهاد الطريقة الأمثل لنصرة الدين، ولذا بقي يبحث عن الجهاد حتى ابتعث من السعودية إلى باكستان للتدريس في «الجامعة الاسلامية». وهناك كثير من عناصر فتح الذين هداهم الله على يديه، وحصل على الماجستير والدكتوراة ودرس في الجامعة الاردنية التي فصلته في وقت لاحق. وخرج من الاردن الى جامعة الملك عبد العزيز في جدة بسبب الديون التي كانت عليه، ولولاها لما خرج من بلده. وفي باكستان ابتعث للجامعة الاسلامية لوضع اسس المناهج هناك، ولكن حياة الجهاد والمجاهدين كانت هدفا اسمى يسعى اليه. وكان يعتبر الجهاد قمة سنام الاسلام، وكان يقولي لي: من يعش في القمم من الصعب عليه ان ينزل الى السفوح». وكانت السعادة بالنسبة له كما يقول الامام مالك «قتلي شهادة، وسجني خلوة، ونفيي سياحة». وفي سنوات الجهاد الافغاني كنا نشعر ان هناك دولة من العرب داخل الاراضي الباكستانية. ولم يكن هناك تناحر بل كانت القلوب متآلفة على بعضها، وجميع من التقيهم يترحمون على تلك السنوات. وقد الف الشيخ الموسوعة العسكرية وكان يسعى لتربية الشباب عليها ليكونوا مستعدين للجهاد في سبيل الله، وكم حاولت أن أستعيد الموسوعة وإحضارها للأردن، لكنها بقيت في أفغانستان. فالشيخ عبد الله ساهم كثيرا في تدريب المجاهدين في أفغانستان، وقد تربى الجيل الأول من الجناح العسكري للقسام على يديه. > هل تعتقدين أن تنظيم القاعدة يسير الآن على نهج الشيخ عبد الله عزام؟

ـ حسب اعترافاتهم واقوالهم وما يبثونه من حين لآخر من اشرطة صوتية ومرئية هم يسيرون على نهج عبد الله عزام، وهم يقولون انه «شيخنا واستاذنا في الجهاد»، ورأيت بعض المقابلات لاسامة بن لادن كان فيها يضع امامه على الطاولة كتب الشيخ عزام، وكانت الكاميرات مركزة عليها، ومقابلات اسامة التلفزيونية او خطبه الفضائية يردد فيها حرفيا كلام الشيخ عبد الله عزام. > من وجهة نظركم، ما سبب الاختلافات التي حدثت بين عبد الله عزام وبن لادن قبل وفاة الشيخ، وهل كان هناك وشاة يثيرون الاحقاد بينهما ؟

ـ لا أعرف ان كان هناك وشاة ام لا، لكن حدثت اختلافات في اهلية الجهاد، وكذلك على توزيع المعسكرات ومسائل تخص الشباب. وحدث اختلاف في وجهات النظر، وكان لابن لادن اجتهاده الخاص، وحتى لا يحدث صدام كان بن لادن يرى ان يفتح لنفسه معسكرات، تحمل رايته، وكذلك مضيفا لاستقبال الافغان العرب القادمين للجهاد، وهي النواة التي احدثت الانفصال، لأن بن لادن كان يفضل معسكرات خاصة للمقاتلين العرب، فيما الشيخ عبد الله عزام كان يرى من الواجب اختلاط العرب بالافغان في معسكرات مختلطة ويكونوا نسيجا واحدا، لان العرب جاؤوا في الاساس لنصرة المجاهدين الافغان، وكان الشيخ يرى ايضا انه من غير اللائق ان يتأمر العرب على الافغان في بلادهم، وهذا كان اجتهاده الخاص به، اما بن لادن فكان يرى تدليل المجاهدين العرب، حتى طعامهم كان مختلفا عن طعام المجاهدين الافغان، وكان يحضر لهم انواعا خاصة من الطعام والمواد التموينية في شاحنات خاصة من السعودية، وهذه كانت نقطة الخلاف والقطيعة. ولم يقبل الشيخ وجهة نظر بن لادن وكان يحاول ان يثنيه عن افكاره في الانعزال في معسكرات خاصة، مشيرا الى ان العرب جاؤوا لمناصرة الافغان ومناصرتهم بالدم والروح والمال، والعرب كانوا بالنسبة للافغان مثل ملح الطعام. وكان الشيخ يرى وجوب وجود عدد من العرب في أي جماعة افغانية لتعليمهم القرآن الكريم وفقه العبادات والقاء المحاضرات في فقه الجهاد مثل التعامل مع الاسرى والغنائم وفق المنظور الاسلامي. والسبب في ذلك ان معظم علماء الافغان استشهدوا في سنوات القتال ضد الروس. وهي بلاد كبيرة، 28 ولاية، ولم يكن هناك علماء افغان لتبصير الشباب بطريق الصواب، وكانوا في حاجة الى من يثبتهم على طريق الاسلام. وكان هناك مجاهدون عرب من جميع المستويات، ضباط وطيارون واطباء ومدرسون ، تركوا مناصبهم ومستقبلهم من اجل نصرة الشعب الافغاني. وكانوا بلا استثناء يعيشون حياة خشنة في الخنادق جنبا الى جنب الافغان. وكان اجتهاد الشيخ عبد الله ان يذوب العرب في النسيج الافغاني، بينما بن لادن كان يرى عكس ذلك. وكان الشيخ يحث على التربية وتعليم الشباب والالتزام بالدين والتبرع المالي وهي وقود المعركة قبل الالتحاق بالجهاد، وكان يحث ايضا على طاعة الامير في الجهاد. > لو كان عبد الله عزام على قيد الحياة اليوم، هل كان سيؤيد عمليات «القاعدة» وهجمات سبتمبر ؟

ـ لا أعتقد ان الشيخ عبد الله كان سيؤيد مثل هذا العمل، وفي حياته كانت امكانيات المجاهدين افضل، لكنهم لم يناقشوا مثل هذا الامر، وكانت التنقلات اسهل بين المطارات العالمية، لكنه كان يؤيد الحركات الجهادية الواضحة، أي القتال وجها لوجه ضد من يعتدي على حقوق المسلمين ويستبيح دماءهم، واوطانهم مثلما حدث في افغانستان. كان الشيخ عبد الله يحب الجهاد الواضح الراية، وكان يرفض في بادئ الامر ارسال مقاتلين عرب الى البوسنة والهرسك، لان راية القتال هناك لم تكن واضحة. > ما ابرز اخطاء بن لادن من وجهة نظركم؟ ـ اكبر خطأ في حياة بن لادن، يرتبط به شخصيا، هو تورط «القاعدة» في اغتيال أسد بانشير احمد شاه مسعود، قبل يومين من هجمات سبتمبر، لانني اعتبر مسعود رجلا مسلما مجاهدا، واحسبه كذلك عند الله، ولا نزكي عليه احدا. وان كانوا فعلا هم الذين اغتالوه فهي وصمة كبرى في تاريخ حياة بن لادن. > لو كان الشيخ عبد الله عزام على قيد الحياة اليوم، اين كنا سنجده، في العراق ام برفقة بن لادن ؟ ـ ربما في غونتانامو مع قيادات «القاعدة». > من تتذكرين من زوجات المجاهدين العرب في بيشاور، وكيف كانت علاقتك بهن، وهل هي مستمرة حتى الان ؟

ـ كل من ذهب للجهاد الافغاني كانت زوجته معه، وكانوا يتركون العوائل في بيشاور، وكنا جميعا كعائلة واحدة. وكانوا ينظرون لي كأم لهن. وكان هناك تنسيق مباشر مع زوجات المجاهدين، وما زالت هناك علاقة مع بعض العوائل في الاردن. > هل تذكرين لنا بعض المواقف الانسانية المؤثرة للشيخ مع اولاده ورفاقه ؟

ـ ذات مرة تحدث الشيخ عبد رب الرسول سياف، زعيم الاتحاد الاسلامي، بلفظ غير لائق عن الشيخ عبد الله، ونقل عدد من العرب ما حدث للشيخ عبد الله، ولكنه دافع امامهم عن سياف، وذكر ان الشيخ سياف ربما كان في غير وعيه او متعصبا او ان شيئا ما حدث له، وذهب اليه، واعتذر سياف له.

وكان في تعامله مع اولاده يلمح ولا يصرح من جهة ارشادهم الى الاخطاء. وذات مرة ملأ شخص اسمه ابو الشهيد اليمني صفحات باكاذيب ومزاعم ضد الشيخ وحاولت ان اقرأها له، ولكنه كان يقول لي: قراءة صفحة واحدة من القرآن الكريم خير من قراءة مثل تلك المهاترات او التفكير في الرد عليها. وكان رأيه عدم الرد على الاساءة باساءة، واسلوب حياته كان «ادفع بالتي هي احسن» و«ان الحسنات يذهبن السيئات».