نظام أسري للغذاء الصحي.. لتخفيف الوزن

اتباع قواعد تناول الطعام المنزلية يساعد الأطفال والشبان على تفادي البدانة

TT

لتوجيه المراهقين والأطفال نحو التغذية السليمة، لا بد من نظام أسري لتناول الطعام.

وفي محاولة للتعرف على أفضل الوسائل لمساعدة الأطفال والمراهقين في التعود على الاختيارات السليمة لأنواع الوجبات وأصناف الطعام التي يتناولونها يومياً، ترى مجموعة من خبراء التغذية واخصائيو الحمية من ولاية كاليفورنيا الأميركية، أن توفر نظام منزلي لإتباع قواعد تناول الطعام الصحي يُمكن أن يُحبب منْ هم في هذه المراحل من العمر للإقبال على تناول الفواكه والخضار. وهي ما تُعد أحد أهم عناصر الغذاء الصحي التي يلحظ أخصائيو الحمية والتغذية، بل وحتى الأمهات والآباء، أنها لا تلقى عناية بالتناول من قبل الأطفال والمراهقين على وجه الخصوص، الأمر الذي تم طرحه في عدد يوليو من مجلة الرابطة الأميركية للتغذية.

كما وتضمن هذا العدد منها دراستين تسلطان الضوء أيضاً على أهمية عنصرين من عناصر الغذاء الصحي، وهما تناول الألياف في الخضار والفواكه، وتناول عنصر الكالسيوم. وتأثيرهما على نجاح المحافظة على الوزن ضمن المعدل الطبيعي له والتقليل من احتمالات الإصابة بالبدانة والسمنة.

وكان الدكتور ماريون زابينسكي من جامعة كاليفورنيا في سان دييغو وفريق البحث معه، قد قاموا بمحاولة للتعرف على العوامل النفسية والاجتماعية المرتبطة بمدى الإقبال على تناول الخضار والفواكه والشحوم لدى حوالي 900 صبي وفتاة ممن تتراوح أعمارهم بين الحادية عشرة والخامسة عشرة من العمر. وهي السن التي تعلو في احتمالات بدء زيادة الوزن وتضطرب أثناءها كثير من أنماط تناول الغذاء المعتادة نظراً لقلة قدرة الوالدين على التوجيه والإشراف عموماً. وتابع الباحثون، بعد سؤال هؤلاء الأطفال والمراهقين، نوعية الوجبات التي تناولوها في الأيام السابقة من آن لأخر.

* نظام أسري

* ولاحظ الباحثون وبقوة أن وجود نظام لتناول الأكل في المنزل، وتبني الأسر لقواعد الإشراف على تغذية الأطفال أو المراهقين، هما من أهم عوامل إقبالهم على تناول الفواكه والخضار وتقليل تناول الشحوم. وشملت هذه القواعد الأسرية لتناول الطعام أن يتم في المنزل توفير وجود وجبات الخضار وفي متناول يد الطفل أو المراهق، والحرص على توفير أطباق الخضار على وجبات العشاء والفواكه على وجبات الإفطار، وكذلك التقليل من إتاحة الفرصة المنزلية للطفل أو المراهق أن يسهل عليه تناول أطعمة معينة كالمعجنات والحلويات وغيرها من الأطباق أو الوجبات الخفيفة الحلوة، وكذلك المشروبات الغازية.

ويعلق الباحثون أن أقل ما يُمكن للوالدين فعله مع موجة السمنة التي تعصف بالأطفال والمراهقين في كثير من المجتمعات هو تأمين وتوفير أجواء وظروف التغذية الصحية السليمة في المنزل. والمعروف من مجمل الدراسات الطبية حول سمنة الأطفال والمراهقين في السنوات الأخيرة أن لا علاقة لانتشارها اليوم بمدى الفقر أو الغنى، بل بسوء التغذية واختيار أنواع الأطعمة الذي يطال كافة مجتمعات الأطفال والمراهقين في العالم.

ولذا كان قول الباحثين في عدد يوليو من مجلة التغذية الأميركية هو أن تعليم الآباء والأمهات قيمة النظام والقواعد المنزلية للتغذية السليمة وأنواع الأطعمة الصحية، هو عامل مهم في محاولات التدخل العلاجي والتعديلي لنمط تغذية الأطفال والمراهقين. والأساس الذي ذكروه، هو أن الطفل بطبعه قابل للتغيير وللتوجيه، وهو ما يجب أن يستفيد الآباء والأمهات منه إلى أقصى حد في محاولة لإنقاذ الأطفال والمراهقين من الخطر الحقيقي المترتب على السمنة نتيجة سوء الاختيار والإفراط في الأكل.

من جهتهم، أكد الباحثون من جامعة جنوب كاليفورنيا بلوس أنجلس، أن نتيجة دراستهم تشير إلى أن قلة محتوى الوجبات الغذائية من الألياف والفواكه تحديداً تلعب دوراً مهماً في نشوء السمنة، وفق ما نشروه في عدد يوليو من مجلة الرابطة الأميركية للتغذية.

* تخفيف الوزن

* وقال الدكتور جاميناي ديفز أن بمراجعة تناول ستين نوعاً من أصناف مكونات الوجبات الغذائية من قبل أكثر من مائة شخص، نصفهم من ذوي الوزن الطبيعي والنصف الأخر ممن لديهم سمنة. تبين أن البدينين وزائدي الوزن يستهلكون كمية أكبر من الشحوم وكمية أقل من الألياف في وجبات طعامهم مقارنة بذوي الوزن الطبيعي. ورأى الباحثون أن هذا الاختلاف في أنواع مكونات الوجبات قد يكون سبباً مهماً في اختلاف الأوزان بينهم، الأمر الذي قد يلعب دوراً مؤثراً في تخفيف الوزن.

ولاحظ الباحثون أن من أوزانهم طبيعية يتناولون كمية تفوق بنسبة 33% من الألياف وبنسبة 43% من النشويات المعقدة كما في الحبوب الكاملة للقمح والشوفان، مقارنة بالبدينين. وتحديداً وجدوا أنه كلما زاد تناول الألياف كلما قلت كمية الشحم في الجسم. كما ولاحظوا أن البدينين وذوي الوزن الزائد أقل تناولاً للفواكه.

وهناك العديد من التعليلات لفائدة تناول الألياف والنشويات المعقدة في تخفيف الوزن، منها أنها تُسهم في إبطاء عمليات الهضم وتزيد من الشعور بامتلاء المعدة وبالتالي تخفف من الشعور بالجوع والرغبة في تناول الطعام.

وعلق الباحثون على موضات وتقليعات الحمية التي تعتمد تقليل تناول الكربوهيدرات وتكثير تناول الشحوم والبروتينات، مثل حمية أتكن الشهيرة، بقولهم بالرغم من وجود مؤشرات أن الوزن قد ينقص على المدى القصير بإتباع مثل هذا النوع من الحمية إلا أنه لا توجد دراسات طويلة الأمد لإثبات ذلك. والمؤشرات تدل على عكس هذا.

ومع معرفة الجميع أنه لا توجد وصفة سحرية لتخفيف الوزن، إلا أن الإكثار من الألياف والفواكه والخضار هو أحد ما تدل كثير من المؤشرات العلمية على جدواه في تخفيف الوزن والمحافظة عليه ضمن الحدود الطبيعية.

كما عرض الباحثون من مركز فرد هاتشنسون لأبحاث السرطان في سياتل بولاية واشنطن الأميركية نتائج دراستهم حول فائدة تناول النساء فوق سن الخمسين لحبوب الكالسيوم في المحافظة على الرشاقة وإبقاء الوزن ضمن معدلاته الطبيعية. وهو ما يطرح مجدداً احتمالات دور حمية مشتقات الألبان في خفض الوزن.

ولاحظ الباحثون أن تناول حبوب الكالسيوم بمقدار 500 ملغ يومياً لا يفيد فقط في الوقاية من هشاشة العظم، بل أيضاً في تخفيف الوزن، إذْ أن معدل وزن من يتناولها لمدة 10 سنوات هو أقل بحوالي 5 كلغم ممن لا يتناولونها.