الشيخ محمد بن راشد يكتب قصيدة غير مسبوقة عن العراق

الساهر يلحنها ويغنيها ويقرر «أن لا يبقى مجرد متفرج»

TT

بينما كان جمهور الفنان كاظم الساهر ينتظر ظهور ألبومه الغنائي الجديد، فوجئوا بظهور أغنية جديدة اسمها «العراق»، التي بثت أخيرا على الفضائيات العربية من غير سابق إنذار أو إعلان وبلا أي تصريحات صحافية للساهر قبل إطلاق الأغنية.

المفاجأة الأولى هي أن الاغنية كان شاعرها هو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حاكم دبي، الذي كتب كلاما غير مسبوق عن العراق وما يعيشه الشعب العراقي، ونظم قصيدة مؤثرة بمشاعر وأحاسيس من يعيش هموم العراقيين لحظة بلحظة. الساهر تسلم كلمات القصيدة وهو في القاهرة فعكف على تلحينها بلا تأخير ومن ثم تسجيلها ليتصل بالمخرج حسين دعيبس من أجل تصويرها.

وما ان ظهر الساهر على شاشات الفضائيات، تصور جمهور المشاهدين انها أغنية عاطفية جديدة لم تعرض او لم يعلن عنها من قبل، وسرعان ما تدفقت كلمات الاغنية التي وصلت الى قلوب وضمائر المشاهدين العرب قبل ان تصل الى آذانهم فقط، وبسرعة بدأت الهواتف الجوالة تنقل اتصالات الجمهور فيما بينهم يعلموهم بمشاهدة الأغنية المعروضة حاليا.

تقول بعض مقاطع القصيدة: «طعم الفرات مر من حيثما تدفقت مياهه وحيثما يمر ... والوطن المجروح من جراحه يساق نحو قبر... وللعراق دمعه وشمعه وليس سرا أن للعراق سر». وقد صاغها الساهر في إطار لحني مزج فيه كل أحاسيسه عن بلده، الذي يشعر بحنين نحوه، وحبه لكل شبر من ارض العراق ولأهله وشعبه. «الشرق الاوسط» تحدثت مع الفنان الساهر عبر الهاتف، حيث كان يضع اللمسات الأخيرة لألبومه الغنائي الجديد، رحب أولا بـ«الشرق الاوسط» واصفا إياها بأنها صحيفته، ومعبرا عن شعوره بالسعادة لمتابعتنا لأغنيته، وقال «أنا أيضا فوجئت بكلمات القصيدة، حيث كنت في القاهرة للانتهاء من تسجيل بعض أغاني ألبومي الجديد عندما وصلتني، وقد أعجبت بها على الفور وشعرتها تتفاعل في داخلي لأنها تعبر عن مشاعرنا نحن العراقيين، لهذا جلست على الفور وأمسكت العود ورحت ألحنها».

وفيما اذا تفاجأ بأن يكتب الشيخ آل مكتوم مثل هذه الكلمات بحق العراق، قال الساهر «لقد فاجأتني القصيدة، لكنني لم أفاجأ بالمواقف النبيلة للشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، ولي ان اذكر لكم انه في عام 1994 وعندما كانت الاذاعات والتلفزيونات العربية تفرض حصارا على الفن العراقي كنت في مصر وجاءني مندوب عن الشيخ آل مكتوم ليدعوني للغناء بمهرجان دبي، كانت هذه بادرة طيبة ولبيت الدعوة وغنيت هناك، وكان الشيخ آل مكتوم حاضرا فأمر على الفور برفع الحصار عن الفن العراقي بما في ذلك الغناء والموسيقى والمسرح والأعمال التلفزيونية، وكان هذا موقفا رائعا منه». وأضاف الساهر أنه ومنذ سنوات المحنة التي يتعرض لها العراقيون ودولة الامارات عامة وإمارة دبي خاصة تستقبل العراقيين وتستضيفهم وترعاهم وتهتم بهم «وهم هنا يعيشون في بلدهم الثاني، فلا غرابة اذن ان يكتب الشاعر الشيخ آل مكتوم هذه القصيدة وهو العربي الأصيل الذي يعيش آلامنا ويتحسسها. وبعد ان انجزت تلحين القصيدة طلبت من الفنان ابراهيم الراديو توزيعها موسيقيا وتهيئة الفرقة لأدائها وتسجيلها، وفي ذات الوقت طلبت من المخرج حسين دعيبس أن يتهيأ لإخراج فيديو كليب مناسب لها».

وعن الفيديو كليب الذي أظهر لقطات من المعانات اليومية للعراقيين ممزوجة بلقطات من معارك تاريخية، اوضح الساهر قائلا «كانت فكرتي في البداية ان تكون جميع اللقطات من الصور اليومية لمعانات أهلنا في العراق، ثم اقترح المخرج اضافة لقطات تاريخية تمثل معركة بدر، وقد اقترحت ان يؤدي الادوار ممثلون عراقيون، ولكن لا ادري لماذا لم ينفذ هذا الجانب، ربما اختصارا للوقت او ان للمخرج رؤيا اخرى».

وفي رده عن سؤال حول لماذا اقدم على تلحين وأداء اغنية طويلة ومباشرة عن معانات العراقيين وهو في العادة يؤدي أغاني خفيفة وغير مباشرة وعاطفية عن العراق مثل اغنيته «بغداد» و «بغداد لا تتألمي ..بغداد أنت في دمي»، قال الساهر «لم أعد أتحمل ما يحدث لبلدي وأهلي في العراق، هذه هي الحقيقة التي نراها ونعيشها كل يوم، كنا ننتظر ان تتحسن الامور وتهدأ الاوضاع ويعود العراق مثلما كان وأفضل، لكننا نشاهد الخراب والدمار والقتل الذي يعصف بالبلد وبأهلنا، فقررت ان لا أبقى مجرد متفرج ولا بد من أغنية تنبه العالم والعرب والمسلمين والعراقيين خاصة وتشد انتباههم لما يجري وان نتخذ موقفا قويا، وهو ان نتحد ضد قوى الشر من اجل العراق الذي هو أكبر منا وأعظم منا جميعا». وصمت قليلا وقال بكلمات حزينة وربما انه بكى على الطرف الآخر من الهاتف وقال «هذا حرام.. والله هذا حرام الذي يجري في العراق وللعراقيين، هذا الشعب الذي يعشق الحياة والحضارة والثقافة من شعر وموسيقى وغناء ورسم وكتب يتحول الى ضحية للقتل المجاني اليومي». ومضى يقول «لقد وصلتني ردود فعل عديدة من جمهوري العراقي والعربي في كل مكان حال سماعهم هذه الاغنية، وهناك إعجاب من أطراف عراقية مختلفة في الرأي والاتجاه، لكنها اتفقت بإعجابها بهذه الاغنية».

وبعيدا عن أغنية «العراق»، فقد انتهى الساهر من تسجيل أغاني ألبومه الجديد، الذي من المحتمل ان يحمل اسم «مدينة الحب»، وهي قصيدة طويلة للشاعر كريم العراقي سيتضمنها الألبوم، وهناك قصائد أخرى للدكتور مانع سعيد العتيبة وللشاعر الراحل نزار قباني وثلاث أغان من تأليفه. وذكر ان هناك «من يريدني أن أضع قصيدة العراق ضمن الألبوم لكنني غير متأكد من ذلك»، موضحا أنه سوف يقوم بتسليم الألبوم للشركة خلال شهر.